رئيس التحرير
عصام كامل

الديمقراطية الاقتصادية والنخبة المفترية!


لم تكد تتعافي مصر بالخروج من فوضي المصطلحات السياسية حتى دخلت في فوضي مصطلحات اقتصادية تروج لها النخبة، برعاية إعلام التوك شو، ومن هذه المصطلحات مصطلح «الديمقراطية الاقتصادية» وكأنه لم تكتف النخبة بما قامت به من إفساد للحياة السياسية جراء التشدق بشعارات الديمقراطية الجوفاء، حتى زحفت كالأفاعي على الاقتصاد، لتدلي بدلوها وتفتي بدون علم، ودون أن يكون لديها دراسات توضح هل تحتمل مصر -بوضعها المضطرب سياسيًا وما تواجهه من مؤامرات داخلية وخارجية وحرب على الإرهاب واقتصاد مهترئ كاد أن يكون على شفا حفرة من الانهيار- تطبيق ما يطالبون به من ديمقراطية اقتصادية ونظريات تتعارض مع طبيعة ما تمر به بلادنا من ظروف تهدد أمنها وسلامتها. 
مصطلح الديمقراطية الاقتصادية والذي يعني نقل سلطة صنع القرار من يد المساهمين إلى مجموعة أكبر من أصحاب المصلحة العامة كالعمال والفلاحين وعامة الشعب، وإن كان في ظاهره منفعة إلا أن في باطنه الشر لأنه يقوم على مجرد نظرية افتراضية غير قابلة للتطبيق الفعلي على أرض الواقع، وكلام للاستهلاك والتنظير لم تأخذ به حتى دول الديمقراطيات الراسخة.


لا شك أننا نتمنى أن يكون لدينا اقتصاد قوي يخدم مصالح الشعب لا مصالح طبقة معينة، ونأمل أن يأتي اليوم الذي يدير فيه الشعب اقتصاده الوطني، ونسعى جميعا إلى مواجهة احتكار رجال الأعمال للموارد الذي يعرقل المجتمع، ويمنعه من الوصول للحد الكافِ لشراء إنتاجه، إلا أن كل ذلك ينبغي أن يحدث بشكل تدريجي كي لا تحدث فجوة اقتصادية تهوي بالبلاد في هوة سحيقة وعلي المتشدقين بالمصطلحات والنظريات الاقتصادية إدراك أن سيادة الشعب على موارده وثرواته لن تحدث إلا إذا وصل المجتمع أولًا إلى الاستقرار السياسي، ودرجة من الوعي تكفل له عدم الوقوع في مستنقع الاستغلال من قبل أصحاب المصالح ذات الطابع الرأسمالي المتوحش، الذي يرهن مستقبل مصر بيد كبار الأثرياء الذين يقومون بدور الوسيط في خصخصة موارد الدولة الاقتصادية والاستثمارية لصالح مؤسسات أجنبية وشركات متعددة الجنسيات وصناديق التمويل الدولية.

مصر لا تحتاج إلى نظريات اقتصادية وبرامج وخطط تنمية بقدر احتياجها إلى أن يحبها أبناؤها بإخلاص إلى حد الامتناع عن الثرثرة في الفضائيات، وعلي صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والاتجاه إلى العمل الجاد، فالأمم لا تُبني بالنظريات ولكنها تُبني بالاجتهاد والإنتاج، فلو عمل كل مواطن قدر ما يتحدث ويثرثر، لأصبحت مصر في صدارة الدول المتقدمة.

 نحتاج وبشدة -كشعب- إلى الإيمان بقيمة العمل والتخصص وأن يلتزم كل منا بمستواه التعليمي ودرجته العلمية وحدود قدراته المهنية وأخص هنا النخبة التي اعتادت الإفتاء في كل شيء وإدخال البلاد كل حين في موجة من البلبلة حول رؤاهم ونظرياتهم الخزعبلية!!.
awaad99@gmail.com
الجريدة الرسمية