لا خوف على المسلمين في فرنسا
بعد الاعتداء الإرهابي القذر على فناني ومحرري وموظفي جريدة "شارلي إبدو" الفرنسية انطلقت على الفور الأحاديث عن ما ينتظر المسلمين في فرنسا وأوربا من سوء العاقبة. نفس الكلام قيل بعد انفجار برج التجارة في أمريكا عام 2001. وقيل بعد عمليات إرهابية في إسبانيا وإنجلترا. والحاصل أنه لم يحدث شىء للمسلمين هناك غير بعض معاملات سيئة من الناس العاديين.
لكن الدولة لا تقوم بأي عمل معادٍ ولن تقوم بأي عمل معادٍ لسبب بسيط جدا هو أن المسلمين هناك مواطنون يحملون جنسية هذه البلاد. والأهم من ذلك أن تراث هذه الدول الحضاري لا يجعل شعوبها في العموم تأخذ موقفا من أحد بناء على دينه. طيب لماذا هذا الخوف على المسلمين هناك؟ بقليل من التأمل نكتشف أن الخوف هو مما يفعله بعض المسلمين من عمليات إرهابية ومن وعيد بعمليات قادمة.
هذه هي المشكلة التي قد تدفع هذه الدول إلى نوع أدق من المراقبة والمتابعة لأحوال رعاياها من غير الأوربيين. وهذا حقها. بل في حالة فرنسا كان في الأمر قصور أمني أن يكون للمجرمين الاثنين ثم الثالث الذي احتجز الرهائن هذه الملفات الضخمة مع الإجرام والإرهاب خارج البلاد ولا تتم متابعتهم بدقة. هذا ما سيحدث الآن.
تقول لي إن ألمانيا بها مظاهرات حاشدة ضد الإسلام والمسلمين. أقول لك وهناك مظاهرات أكبر عشرات المرات ضد هذه المظاهرات. ألمانيا لن تعود إلى التمييز العنصري والجنسي بعد تجربة النازية، ولقد رأينا وزير العدل يذهب إلى المسجد بعد صلاة الجمعة يناقش المصلين ويدعو إلى الحوار. إذا كانت ألمانيا لن تعود للتمييز العنصري بعد تجربة النازية فهل ستعود فرنسا!.
وهل ستعود أمريكا التي عانت من ذلك كثيرا من قبل. لا خوف على الإسلام والمسلمين من هذه الدول وشعوبها لكن الخوف من المسلمين أنفسهم. هؤلاء الذين ظهر فيهم من يعتبر نفسه العلامة الفهامة في الدين وهو يعمل لحساب موازنات سياسية وألعاب سياسية ويقبض الملايين كقيادة ويغسل عقول الفقراء والبسطاء وينضم له الطامعون ويتصور البسطاء أنهم يدافعون عن الدين.
للأسف الأمر يحتاج وقتا طويلا وبرامح علمية وثقافية وعملية وصناعة وزراعة وصحة في مواطن الإرهاب. الأمر يحتاح دولة مدنية حقيقية. الدولة المدنية اسمها مشتق من المدينة، والمدينة ليست صحراء ولا تتحمل الأفكار الصحراوية التي تشوهها وتقضي عليها وتجعل من أهلها عبيدا في طابور القبيلة وأسياد القبيلة. وهؤلاء الإرهابيون الأغبياء يتصورون أن أوربا يمكن أن تكون يوما قبيلة، هي التي سبقتنا إلى التمدين ودفعت الغالي والنفيس من الأرواح لفصل الدين عن الدولة وقامت بثورات على الكنيسة والحاكم المرتبط بها. هؤلاء الأغبياء يتصورون أنهم سيعيدون أوربا وأمريكا إلى الوراء.
هم الأغبياء الذين ما كان لهم أن يزدهروا لولا النظم العربية الرجعية من السبعينيات وعلي رأسها مصر التي أعلن رئيسها أنه الرئيس المؤمن وتعاون مع الوهابيين والسلفيين وكل أدوات الرجعية وفتح لهم طريق التطور الذي مشي عليه خلفه مبارك.لا خوف أبدا على العرب المقيمين في الخارج من الدول وإن وجدوا بعض مضايقات فردية. أقصى ما ستفعله هذه الدول إن فعلت، هو الحد من الهجرة إليها. هذه الدول دفعت الغالي والثمين من أجل المساواة والعدل. الخوف هو من المسلمين أنفسهم على الإسلام الذي سيتركه الملايين.
ibrahimabdelmeguid@hotmail.com