10 سنوات على غزو العراق.."بوش" تحجج بأسلحة الدمار لاستيلاء أمريكا على البترول.. الكونجرس أدان.. الدول العربية صمتت.. والصراعات المذهبية تزيد من تفاقم الوضع فى بغداد
أيام وتأتى ذكرى الغزو الأمريكى للعراق، الذى أحدث جرحًا فى كل عربى، وأدمى القلوب وأصاب كرامتنا جميعًا، يوم أن استيقظ الوطن العربى على خبر استسلام بغداد ووقوعها فى أيدى القوات "الأنجلو أمريكية" تحت حجج وذرائع واهية.
وها هى صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، تعترف اليوم الاثنين، فى تقرير لها "بأن الهجوم على العراق لم يكن مبررًا، وأن أمريكا وبريطانيا بالغتا فى الحديث عن أسلحة الدمار الشامل فى العراق، ليتورطا فى صراع دام 8 سنوات، مؤكدة أن غزو العراق يعد من أكبر الأخطاء الدبلوماسية ما بعد الحرب العالمية الثانية".
كما نقلت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية تصريحات مسئولين عراقيين تفيد بأن العراق أصبح عقب 10 أعوام من الغزو بلدًا مفككًا يمر بأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية متنامية، حيث إن الصراع بين الشيعة والسنة والأكراد اتسعت فجوته بنحو بات أقرب إلى الحرب الأهلية.
وقالت الصحيفة: "إن تصاعد حدة الأزمة فى العراق عقب نهاية عام 2011 تم تجاهلها بشكل كبير من جانب المجتمع الدولى نظرًا لانشغاله بالصراع فى سوريا ودول الربيع العربى".
وأضافت: "إن الولايات المتحدة وبريطانيا يسعيان إلى التقليل من مصداقية الدلائل التى تؤكد أن غزوهما للعراق نتج عنه واحدة من أكثر الحكومات ضعفًا فى العالم، حيث غرق العراق فى الفوضى وعدم الاستقرار بنحو دفع مواطنيه والأجانب على حد سواء لفقدان الأمل حيال تحسن الأوضاع".
ورأت الصحيفة أن سجل فشل الحكومات التى جاءت عقب نظام صدام حسين، رغم توفر الموارد المالية، أصاب الجميع بالذهول، فعلى الرغم من أن العراق يكسب نحو 100 مليار دولار أمريكى سنويًا من عوائد النفط، نادرًا ما يجرى بها أية عمليات إنشاء لمبان مدنية جديدة، وحتى المبانى المشيدة حديثًا بها تحول أغلبها إلى ثكنات عسكرية أو مقرات أمنية للشرطة، فضلاً عن حالة مدينة البصرة، التى تتوسط قلب المدن العراقية المنتجة للنفط، والتى أصبحت مكدسة بأكوام القمامة والمياه غير النظيفة.
واعتبرت أن سرقة المال العام وعدم كفاءة المسئولين كانتا من أسباب نقص إمدادات الكهرباء الكافية أو المياه النظيفة، إلى جانب أن ثلث القوى العاملة فى العراق أصبحت عاطلة بالفعل عن العمل، لافتة إلى أن حتى هؤلاء الذين تمكنوا من الحصول على عمل عرفوا سبيلهم إلى ذلك من خلال إعطاء الرشاوى.
وأشارت الصحيفة إلى أن العراقيين تطلعوا عقب الإطاحة بنظام صدام إلى تحسين الوضع الأمنى وتطبيق القانون فى بلادهم، إلا أن الجميع آمالهم باءت بالفشل حيث لا تزال بغداد واحدة من أكثر الأماكن خطورة فى العالم من حيث التفجيرات أو عمليات الخطف والاغتيال، كما لا يقتصر الأمر على العنف السياسى فقط، بل وصل إلى انهيار السلام المجتمعى بين المواطنين الذين أصبحوا يفضلون تطبيق العدالة القبلية على القانونية.
ففى 20 مارس 2003 بدأت "حرب بوش" لاحتلال العراق بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وبالحصول على دعم وتأيد 49 دولة بـ300،884 جنديًا، بعد تقديم الإدارة الأمريكية لعدد من المبررات لإقناع شعبها والرأى العام، وهى استمرار حكومة الرئيس العراقى السابق صدام حسين فى عدم تطبيقها لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالسماح للجان التفتيش عن الأسلحة بمزاولة أعمالها فى العراق، واستمرارها فى تصنيع وامتلاك "أسلحة دمار شامل".
بالإضافة إلى عدم تعاون القيادة العراقية فى تطبيق 19 قراراً للأمم المتحدة بشأن إعطاء بيانات كاملة عن ترسانتها من "أسلحة الدمار الشامل"، هذا بجانب امتلاك حكومة الرئيس السابق صدام حسين لعلاقات مع تنظيم القاعدة ومنظمات إرهابية أخرى تشكل خطرًا على أمن واستقرار العالم، ولنشر الأفكار الديمقراطية فى منطقة الشرق الأوسط ولو بالقوة العسكرية وتغيير أنظمة الحكم الرسمية للدول.
وكل تلك التبريرات ثبت عدم صحتها، خاصة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، والذى حاولت ترويجه رغم أنه قبل وقوع الحرب صرح كبير مفتشى الأسلحة فى العراق هانز بليكس بأن فريقه لم يعثر على أسلحة نووية أوكيمياوية أوبيولوجية، ولكنه عثر على صواريخ تفوق مداها عن المدى المقرر فى قرار الأمم المتحدة (150 كم) المرقم 687 فى عام 1991، وكان العراق يطلق على هذه الصواريخ اسم صواريخ الصمود.
ووافق صدام حسين ومحاولة منه لتفادى الصراع بتدميرها من قبل فريق هانز بليكس.
وبعد سقوط بغداد قام الرئيس الأمريكى بإرسال فريق تفتيش برئاسة ديفيد كى الذى كتب تقريرًا سلمه إلى الرئيس الأمريكى فى 3 أكتوبر 2003 نص فيه أنه "لم يتم العثور لحد الآن على أى أثر لأسلحة دمار شامل عراقية" وأضاف ديفيد كى فى استجواب له أمام مجلس الشيوخ الأمريكى: "إن بتصورى نحن جعلنا الوضع فى العراق أخطر مما كان عليه قبل الحرب، وفى يونيو 2004 قال بيل كلنتون فى مقابلة له نشرت فى مجلة تايمز Time Magazine إنه كان من الأفضل التريُّث فى بدء الحملة العسكرية لحين إكمال فريق هانز بليكس لمهامه فى العراق".
وخرج بعدها جورج بوش وقال فى أغسطس 2004 "حتى لو كنت أعرف قبل الحرب ما أعرفه الآن من عدم وجود أسلحة محظورة فى العراق فإنى كنت سأقوم بدخول العراق، وفى يناير 2005 تم حل فرقة التفتيش التى تشكلت من قبل جورج بوش بعد فشلهم على العثور على أسلحة محظورة".
ليثبت بالدليل أن الهدف الأساسى للإدارة الأمريكية كان للهيمنة على سوق النفط العالمية ودعم الدولار الأمريكى، لأن صدام حسين كان قد اتخذ قرارًا فى عام 2000 باستعمال عملة اليورو كعملة وحيدة لشراء النفط العراقى، لضمان عدم حصول أزمة وقود فى الولايات المتحدة بسيطرتها بصورة غير مباشرة على ثانى أكبر احتياطى للنفط فى العالم.
لتنتهى الحرب بسقوط 90149 عراقيًا من المدنيين وفقًا لما ثبت فى شهادات الوفاة، وسرقة ما يزيد على 170 ألف قطعة أسرية ونهب من كل الثروات، وخسرت العراق 4000 قتيل فقط .
وجاء تقرير لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكى عام 2008 ليوجه اللوم بشكل مباشر إلى الرئيس الأمريكى جورج بوش وإدارته بتهمة إساءة استخدام المعلومات الاستخباراتية لتبرير حرب العراق، فى الوقت الذى لم يكن للدول العربية موقف يذكر.