رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا تعنى الانتخابات الآن؟


أعلن الدكتور محمد مرسى عن موعد الانتخابات البرلمانية فى قرار رئاسى. ليس مهما أنه لم يدرك أن الموعد متوافق مع الأعياد المسيحية. ليس لديه أى اعتبار للمسلمين فهل سيكون لديه اعتبار للمسيحيين؟ وهل يجرؤ أحد ممن حوله أن يخبره قبل إصدار القرار أن هذه المواعيد متوافقة مع أعياد الإخوة المسيحيين، وهل يختلفون عنه فى شىء؟ لقد تم تغيير الموعد بعد الفضيحة واحتجاجات الإخوة المسيحيين لكن طبعا حتى لا يصل الاحتجاج إلى أمريكا.


كل ذلك ليس مهما كما قلت. المهم هو الانتخابات نفسها. لقد بدأت الصحف والقنوات التليفزيونية تسأل هل ستشارك بها المعارضة أم ستقاطعها.هل ستشارك بها جبهة الإنقاذ أم ستقاطعها؟ وبدأت النقاشات على المواقع الإلكترونية حول الموضوع. وبالطبع هذه نقاشات طبيعية فى ظل جو من القلق والتوتر. لكن السؤال الحقيقى هو هل يمكن المشاركة فى الانتخابات مع نظام صار مدانا الآن بقتل المصريين أكثر من أى نظام سابق؟

وبطرق تفوقت فى الخروج عن كل القيم الإنسانية بشكل فاق العصور الوسطى.فى سبعة أشهر هى مدة رئاسة الدكتور مرسى تم القبض على حوالى 1500 شخص، بينهم لأول مرة فى تاريخ البشرية 400 طفل، مات منهم 70 شخصا، وتم الإفراج عن 130 شخصا، بعد تعذيب فظيع وامتهان للكرامة البشرية واغتصاب.ولا يزال هناك مفقودون تقديرهم الأولى 30 شخصا.وطبعا العدد يزداد بين كتابة هذا المقال ونشره.نظام صارت يداه ملطختين بدم المصريين .كيف يمكن حقا دخول اللعبة الانتخابية معه إلا إذا وافق من سيفعل ذلك على أفعال النظام؟ أجل، دخول الانتخابات يعتبر موافقة على عنصرية هذا النظام، وعلى نازيته وعلى ما يردده رجاله عن الثورة والثوار، بأن عناصرها مأجورة وبلطجية، وغير ذلك من الكلام التافه.

هذا هو المعنى الوحيد الذى أراه لدخول الانتخابات مع النظام.إضفاء الشرعية عليه بعد أن فقد شرعيته.المطلوب الآن هو الاستماع إلى نبض الشارع الذ ى هتف بإسقاط النظام وليس فى ذلك أى مزايدة. فالشارع لا تحركه الأحزاب الجديدة ولا القديمة، لكنه يتحرك بالروح التى صنعت الثورة دون اتفاق ولا إعداد، غير أنها ضاقت بما حولها وبثلاثين عاما من القمع والنهب. الشارع الذى كان ينتظر على الأقل تخفيفا من أعبائه الاقتصادية خاصة أن الرجل العادى يسأل نفسه أين تذهب ميزانية البلاد التى كانت تعيش بها الأمة رغم السرقة التى كان يعرفها القاصى والدانى. وهل زدنا مثلا فى عامين عشرة ملايين حتى تجد الأمة نفسها فى أزمة نقدية كبيرة كما يقال أم أن هناك تبديدا فى الأموال لا نعرفه؟

طبعا هذا المعنى الذى أقوله بأن الاشتراك فى الانتخابات هو إضفاء للشرعية على نظام افتقد شرعيته سيتجاهله البعض ممن يرون أن الفوز ببعض المقاعد أهم من استكمال الثورة. ويمكن جدا أن يزيفوا ويقولوا لنا إننا نسلك الطريقين.الاحتجاج فى الشارع وممارسة الديمقراطية. لكن هذا لن يقلل من الخيانة الصريحة للثورة وللأمة. يمكن أن يحدث هذا من بعض الأحزاب كما قلت لكنى أحذر أن يحدث فى جبهة الإنقاذ. لو حدث ستفقد شرعيتها هى الأخرى وعليها أن تكف عن القول، إنها تريد تغيير قانون الانتخابات ومراقبة دولية وغير ذلك مما تقول.عليها أن تعلن بصراحة أن هذا النظام لا بد أن يرحل، ولا بد أن يحاكم أقطابه على ما ارتكبوه من جرائم لم تحدث إلا فى ألمانيا النازية. من يدخل الانتخابات خائن خائن خائن حتى لو قدم النظام أى تنازلات وهو لن يقدم.

ibrahimabdelmeguid@hotmail.com




الجريدة الرسمية