رئيس التحرير
عصام كامل

للحـوار .. لا للعنف


لا شك أن الشعب المصرى يعيش أزمة حقيقية ما بين سلطة لا تسمع، وثوار محبطون، فالسلطة لا تسمع لأنها تتحرك داخل صندوق مغلق لا ترى فيه سوى تحقيق مشـــروع الجماعة وأهدافها، وثوار محبطون لأنهم وجدوا أن ثورتهم تراوح مكانها دون تحقيـق أهدافها فى اسقاط النظام الذى عانى منه الشعب المصرى لعقود طويلة، وأن ما حدث هو مجرد استبدال رئيس برئيس.


وكى تكون البداية صحيحة لا بد أن نتساءل: لماذا موجة العنف التى اجتاحت البلاد فى الآونة الأخيرة؟ الإخوان ومن لـف لفهم يذهبون إلى استخدام نفس المفردات التى كان يستخدمها النظام السابق فى التنظير لحالة العنف التى اجتاحت الشباب فى الآونة الأخيرة، فمفردات مثل البلطجة والعمالة والتخريب ومحاولة إسقاط النظام المنتخب لن تعالج الأزمة بقدر ما تفـــجرها، وهـــى بمثابة صب للزيت على النار، بخلاف أنها لن تحقق الغرض الذى تسعى السلطة مـــن أجله.. ولنسأل أعضاء الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد فى ذلك.

إذن ليس هذا هو الطريق الذى يؤدى بنا إلى الحل، أما الشباب ونتيجــــــة إحساسهم بالغبن، وأن ثورتهم قد سرقت منهم، وأن ما يحدث لن يحقق لا عدالــــة ولا حرية ولا كرامة إنسانية، دون أن نغفل العيش وأهميته فى حياة المصريين، نتيجة ذلك تصور الشباب أنهم قادرون على استخدام نفس الآليات التى أسقطوا بها النظـــام السابق فى إسقاط النظام الحالى، وهذا التصور غير دقيق لأن الظرف يخــتـلـف الآن عما قبل.

فنظام مبارك وحزبه الوطنى لم تكن لديه أيديولوجية تربط بنيانه وتشــــــد عضده وإنما كانت تربط أركان نظامه مصالح، فلما تهددت الثورة هذه المصالح انفض الجمع وولى الدبر، أما السلطة الحالية ففضلا عن المصالح، هناك أيديولوجيـــــــــة عقدية رابطة، فإن ضاعت المصالح فإن الدين يربطهم.

إذن ليس هذا هو السـبيـل الذى يؤدى بنا إلى الخروج من المأزق الراهن، فما هو الســــبيل إذن؟ الســــــبيـــل هو أن تفتح السلطة آذانها ولا تستغشى ثيابها ولا تصر على تلك المــــواقـــف التى لا معنى لها، وتتبنى مطالب الثورة على نحو واضح وصريح، وتزيل من العقبات ما من شأنه الحيلولة دون الوصول إلى هذه الأهداف، وعلى الشباب أن يكون لين الجانـب، يعرض أحلامه وطموحاته، ويناقش ويجادل ويدافع عن حقه فى العيش والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.ونقطة البدء تكون فى نزع فتيل الأزمة، وعلى السلطة أن تبادر إلى ذلك .

نقطة انفجار الأزمة كانت مع الإعلان الدستورى ثم تلاها ما تلاها من تعيين للنائب العام وتمرير للدستور على ما به من تشـوهات ومحــــاولة تمـــــريرالانتخابات البرلمانية على ما بقانونها من عوار دستورى، فإذا شخصنا الداء وصفنا الدواء، وهذا هو الداء ودواؤه إزالة أسبابه، وقرار العلاج فى يد من بيده الدواء وهى السلطة القائمة على أمر البلاد، فهل تملك هذه السلطة القدرة والإرادة على اتخاذ مثل هذا القرار؟

الجريدة الرسمية