رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. شوارع مصر للإيجار والمالك "بلطجي".. الباعة الجائلون: مافيا الأرصفة "مسمار جحا" أمام لقمة العيش..كريم: "بندفع إتاوة عشان نعيش".. محمد:"نازلين ناكل عيش ومش عايزين مشاكل".. وأحمد:"مافيش رقابة"


حقيقة يعرفها كل مسئول في مصر، ليست بالشيء الجديد أو الصادم، فالجميع على علم بأن الشوارع والأرصفة في مصر تؤجر بالمتر، ومالكها "بلطجي"، ولعل نقل الباعة الجائلين من وسط القاهرة إلى الترجمان، جعل الحكومة لأول مرة تعترف بهذا الواقع، فقد أكد محافظ القاهرة أنهم مكثوا ستة أشهر يعانون قبل نقل هؤلاء، والسبب وجود 35 شخصًا كانوا يحرضون الباعة على عدم مغادرة أماكنهم، لأن نقلهم سيحرمهم من دخل شهري يتعدى الـ 60 ألف جنيه للفرد الواحد.


"فيتو" تجولت في شارع مصطفى حافظ بعين شمس، أكبر سوق تجارية بالمنطقة، وسألت الباعة المتجولين: "هو الشارع ملك مين؟"، وإذا كان ملكا للبلطجية كما أكد الجميع، فكيف تتصرف الأجهزة المسئولة نحو هؤلاء؟، وما هو مصير من يرفض دفع "الإتاوة" للبلطجي؟، كل هذه الأسئلة وغيرها ستجدون إجاباتها من خلال السطور القادمة.

بلطجي الشارع أرحم
أجاب أحمد عبد الحميد، أحد الباعة الجائلين، قائلًا: "أنا في المكان ده منذ شهرين، وقبل ذلك كنت ببيع في الأسواق، مثل سوق المرج، والمطرية، والثلاثاء، وتركت الأسواق لأن المعاملة هنا في مصطفى حافظ أفضل بكتير، البلطجة هنا أحسن من البلطجة هناك، لأن في الأسواق بنتعامل معاملة مش كويسة، يعني أول مرة أذهب فيها للسوق بيعتبروني جديد، بفضل ألف ورا البلطجي ساعة ونص عشان يوفر لي مكان أقف وأبيع فيه، وممكن في الآخر يقولي امشي مالكش مكان عندنا".

وعن دور الأجهزة المسئولة والأمنية في الرقابة على الأسواق، أضاف "أحمد": "فيه رقابة، وهناك موظف من الحي التابع له السوق بيأتي ويحصل مني على 2 جنيه، ويعطيني تذكرة نظير شغلي مكان في السوق"، متسائلا: "إزاي الحكومة تعملنا سوق ويكون فيه بلطجي بيأخذ إتاوة على كل فرش، معنى ده أيه، السر هنا؟".

التعامل مع البلطجي
وعن كيفية التعامل مع البلطجي بشارع مصطفى حافظ، ذكر أحمد عبد الحميد: "بندفع له يوميا من 30 إلى 40 جنيها، وفي بلطجي ممكن يمر عليك ويلاقيك شغال والدنيا معاك كويسة فيطلب إتاوة أكتر"، موضحا: "البلطجية في مصطفى حافظ قلوبهم فيها رحمة عن بلطجية السوق، فلو مر على يوم ما بعتش فيه حاجة بلطجي السوق بياخد مني البضاعة رهن، ولا يعطيها لي إلا بعد أن أسدد له الإتاوة، ولو كان بلطجي عنده رأفة شوية بياخد مني نصف البضاعة فقط، أما هنا في مصطفى حافظ فممكن يستنى عليا لليوم اللي بعده، بيراعي الظروف يعني".

تحرير بلاغات
وعن السبب الذي يمنعه من تحرير بلاغ ضد هذا البلطجي، أضاف أحمد: "لما كنت في الأسواق المفروض أني كنت أقدم بلاغ، لأني اللي أعرفه أن السوق ملك للحكومة، بس ماكنتش عارف أشتكي لمين"، وتابع: "أما هنا في مصطفى حافظ فلو اشتكيت، حيشيلوني أنا وهو، ويدخلونا الحجز، وحنتعطل ومافيش حد هيستفاد، لأني لا أملك عمل أو دخل غير أن أبيع".

"بنقطع أكل عيشنا"
وقال محمد عبده: "أنا في هذا المكان منذ عام ونصف، وبدفع يومية، ولو مر يوم مفرشتش فيه لازم أدفع إيجاره"، مضيفًا: "بلطجة حنعمل أيه، غصب عننا بنوافق، بيقولي المكان ده ملكي، ولازم تدفع لي أرضية، ولو رفضت أدفع يبقى بقطع عيشي، إحنا مش نازلين نعمل مشاكل، إحنا نازلين نشتغل وناكل عيش، بنريح دماغنا وبندفع، حنعمل أيه".

وتابع محمد: "الكل هنا ماشيين بنفس النظام، وكل بائع ليه بلطجي بيحصل منه الإتاوة كل يوم".

صاحب الشارع
وأضاف كريم سعيد: "أنا في هذا المكان منذ 7 سنوات، وبالرغم من هذه المدة بدفع إتاوة، غصب عني، لقمة العيش في مصر أصبحت صعبة جدا"، موضحا: "بندفع إتاوة للبلطجية عشان نعرف نشتغل وناكل عيش، البلطجي بيعتبر نفسه صاحب الشارع، موالحي بيمنعنا من التواجد بالشارع، فرضينا بدفع الإتاوة واعتبرناها أمر واقع".

وقال أيضًا: "لو لجأت للحي حيمشينا إحنا الاثنين"، مشيرا: "كل يوم بدفع إيجار للبلطجي، ولو امتنعت عن الدفع حمشي من المكان، وأنا عندي ثلاثة أولاد، لو مشيت من هنا حروح فين".

"بمشي أموري"
وأوضح أحمد حسين: "أنا في هذا المكان منذ 8 سنوات، الناس بتأخذ إتاوات من بعض، يعني أنا واقف في شارع الحكومة ويأتي بلطجي يأخذ مني 40 جنيه يوميا، في مقابل أن هذا المكان ملكه"، مؤكدا: "بني آدم مش شغال، عايز منه أيه"، مضيفا: "هو كان موجود قبلي في المكان وفشل، وحينما غادر أتيت أنا، ففوجئت به يأتي إلىَّ ويقول إن هذا المكان ملكه، في البداية قلت أنا مش دافع، ولكن الناس اللي في الشارع قالوا لي ده بلطجي ومش حتعرف تخلص معاه، فقلت أمشي أموري، عشان أعرف أكل عيش، ما أنا عندي عيال برده".

وعن رد فعل البلطجي في حالة عدم حصوله على الإتاوة، قال أحمد: "حييجي يتخانق معايا، ويكسر الفرش، وفلوس الناس هتضيع".

وعن السبب الذي يمنعه من اللجوء للحي أو الأجهزة الأمنية، أكد "مافيش حد هيعملي حاجة، حيأخذونا إحنا الاثنين ويضعونا في الحبس، وشكرا، ويبقى الحال كما هو عليه".
الجريدة الرسمية