رئيس التحرير
عصام كامل

مرحبًا بالانتفاضة الثالثة


منذ 11 عامًا، وتحديدًا فى 29 ماس 2002 (مارس الأسود الذى قتل فيه 105 إسرائيليين من الجنود والمواطنين) قامت إسرائيل فى ذلك الحين بعملية واسعة النطاق عرفت باسم السور الواقى، وكانت هذه العملية بعد مرور سنوات من ضبط النفس تعاملت بها إسرائيل تجاه الإرهاب وقادته وعلى رأسهم ياسر عرفات شريك عملية السلام، وخاصة بعد أحداث مذبحة فندق "بارك نتانيا" والتى أودت بحياة 30 شخصًا.


وكان هناك سبب آخر رئيسى يدعو لتغيير سياسة ضبط النفس الإسرائيلية والتى استمرت طويلاً وهو حملة الترهيب المستمرة والفعالة من قبل وسائل الإعلام حين ذاك، بالإضافة لمساندة كبار الضباط الإسرائيليين لسياسة ضبط النفس، وكان المبدأ الأساسى فى هذه الحملة هو أن القضاء على الإرهاب يستلزم الدخول والهجوم على المدن مخيمات اللاجئين، وهناك من خاطبوا وعى الجمهور بأن ذلك سيكبد إسرائيل خسائر فادحة، وبعض من الذين قالوا هذا الكلام يجلسون الآن فى الكنيست، ومن بينهم أيضًا الإذاعية الشهيرة "كارميلا منشيه"، ويوجد آخرون ما زالوا يبثون فى الإذاعة العامة العبرية حاليًا.

وانتهت عملية السور الواقى بعد مقتل حوالى 250 فلسطينيًا، ومعظمهم كانوا من المتشددين والإرهابيين، واعتقل الآلاف وتمت مصادرة العديد من الأسلحة بما فى ذلك الصواريخ المضادة للدبابات والقنابل والصواريخ، وبذلك وجه جيش الاحتلال صدمة للمنظمات الإهابية داخل مخيمات اللاجئين، لذا فالمقيمون فى تل أبيب والقدس والخضيرة ونتانيا ورام الله ونابلس يعيشون فى هدوء نسبى منذ ذلك الحين، وعيون من يسير فى منطقة "جوش عتصيون" لم تعد تلفت يمينًا ويسارًا لتتفحص الطريق خشية من أكمنة الإرهابيين والشحنات الناسفة، وأصبح العرب واليهود يسافرون دون خوف وهذه العملية تمت من خلال الوسائل العسكرية فقط وذلك للكشف عن الخلايا الإرهابية.

لقد غيرنا من وجه واقع الضفة الغربية خلال العقد الماضى وعززنا قدرة الردع للجيش الإسرائيلى، ومنذ ذلك الحين فإن عناصر غير قليلة فى أجهزة الأمن السابقة يتنبأون بحدوث انتفاضة ثالثة، معتبرين هذا أمر غير مستحيل، وبعد مرور 11 عامًا من النبوءات بالأمور السوداء اقتربت نبوءاتهم من حيز التنفيذ، وهذه العناصر الأمنية اعتبرت أن الحياة الهادئة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى أمر شاذ، وأما الأمور الطبيعية مع الفلسطينيين فهى رمى الحجارة وقنابل المولوتوف وإطلاق النار والقنابل فى الطرق والسيارات المفخخة وغيره.


حقا إنها خيبة أمل كبيرة ولكن الأسوأ من هذا هو أننا لم نتعلم الدرس وعادت عناصر رفيعة المستوى فى الجيش الإسرائيلى مرة أخرى لتحدثنا عن سياسة الالتزام بضبط النفس والتى أظهرتها قوات الأمن، ونسوا أن هذا النهج تسبب فى قتل آلاف اليهود إلى جانب آلاف الجرحى، والكثير من مواطنى دولة إسرائيل كانت تملكتهم مشاعر اليأس والخوف والاكتئاب والإحباط، وأصبح الاقتصاد فى حالة شلل شبه تام.

إن ضبط النفس هى أكذوبة ولو تجاسر الفلسطيينيون وقاموا بانتفاضة ثالثة، فمرحبًا بها ومن هنا يجب التخلى عن سياسة ضبط النفس وتبنى سياسة تنفيذ العمليات العسكرية ضد أهداف فلسطينية مثل عملية السور الواقى وغيرها حتى لا نكرر الأخطاء الكارثية التى وقعنا فيها فى الماضى.
 نقلا عن هاآرتس







الجريدة الرسمية