رئيس التحرير
عصام كامل

هل نكف عن التمسح بالحوار ؟


الحوار هو تلك الجملة الاعتراضية التى نسمعها فى نص الحياة والممارسة السياسية فى هذه الأيام، وكأن ذلك هى العصا السحرية والمحور الجوهرى الذى يمكن أن يحل كل ما يعترضنا من قضايا ومعضلات.. وليس هناك شك فى أن ذلك يعد صحيحاً، ولكن مدى صحته تتوقف على مدى مفهومنا للحوار أى معنى الحوار وعلى مدى استعدادنا للحوار ومدى معرفتنا بكيفية إدارة الحوار وما هى متطلبات أو اشتراطات الحوار الناجح.


إن الحوار بالنسبة لنا لا يعدو أن يكون سوى مسمى أو بمثابة شماعة ليعلق عليها البعض أخطاء البعض الأخر وعدم قدرته على تقديم تنازلات أو الانتقال أو التغيير إلى وضع أخر يتصل به ومن خلاله إلى مرحلة أو منطقة " وسط " ذلك هو الهدف النهائى من الحوار أو تلك " وظيفة الحوار " ومهمته التى نجهلها أو نحاول أن نتجاهلها عن عمد، ذلك لأننا لا نؤمن بلغة الحوار أو لا نؤمن " بالتنازل ".

وأن أهدافنا ومصالحنا هى الفيصل الحاسم فى كل شيء حتى ولو كان ذلك على المصلحة العامة أو مصلحة الوطن تلك هى حقيقة ما يحدث، لذلك كان رفض القوى السياسية " للحوار " قد يكون هناك ما يدعو لذلك من أسباب وهى غياب المصداقية ما بين هذه القوى السياسية والتخوين مع الجمود فى المواقف وعدم التنازل عن شيء خشية أن يسيء ذلك بصورتهم أمام الطرف الأخر وأن ذلك يمكن أن يكون بداية للعديد من التنازلات الأخرى التى لا يرضون عنها، لذلك فهم لا يؤمنون بالحوار فى حد ذاته.

ولكنهم يرون أن الحوار أحد الغطاءات أو الوسائل لتحقيق أهداف سياسية شخصية أو لكسب المزيد من الوقت .. وليس ذلك لتحقيق مصلحة الوطن أو أن المصلحة العامة ليست جزءا منه .. فالحوار هنا يستخدم كأحد التكتيكات وأنه يعد غاية فى حد ذاته، وليس وسيلة لتحقيق هدف معين أو الوصول إلى نقطة وتلك هى الحقيقة فيما يحدث ويجرى، وقد يذكرنا ذلك بما تفعله إسرائيل والقياس هنا مع الفارق ولكن من حيث استخدامها الحوار أو التفاوض فى كافة المباحثات التى دارت ما بين الجانب الفلسطينى والجانب الإسرائيلى والتى لم تقض إلى شئ أو إلى أى نتيجة على الإطلاق والتى أطلق عليه مفهوم السلام التفاوضى Negotiated peace .

وهو ما يعنى أن التفاوض هو مرادف لمفهوم السلام وأن السلام لديهم هو التفاوض وأنه ليس من المهم الوصول إلى أية نتائج أو محصلات أى أنه كون الطرفين يجلسان حول مائدة المفاوضات فإن ذلك يعد فى حد ذاته هدف وغاية، وذلك ينطبق على نفس ما يحدث فى " الحوار " الذى يجرى .. فكلا الطرفين يرون أن الحوار يتحقق لمجرد عقده أو جلوس الأطراف بعضها البعض، ولكن محصلات الحوار لا تهم أو الوصول إلى تفاهمات أو تعديلات فإن ذلك لا يهم، لذلك كان من الطبيعى ألا يؤمن بعض الأطراف بالحوار أو يضعونه نصب أعينهم وتلك هى أسباب فشل الحوار على المستوى النظرى والتطبيقى أو العملى .
الجريدة الرسمية