رئيس التحرير
عصام كامل

ليلة رأس السنة في دبي والقاهرة!


على شاشات التليفزيون تابعت احتفالات العالم بليلة رأس السنة وشاهدت احتفالات الصين وتايلاند وهونج كونج ولكنني انبهرت باحتفالات دبي وكم كنت سعيدا بما تراه عيني بالعروض الفنية المبهجة أمام برج الشيخ خليفة أعلى برج في العالم على قدر سعادتي بهذا الاحتفال في دبي وبدولة الإمارات العربية الشقيقة على قدر حزني أنني لم أر مثله في مصر عند سفح الهرم أو برج الجزيرة أو معبد الكرنك أو "أبو سمبل" أو في الغردقة أو في شرم الشيخ أو في كل هذه المواقع مجتمعة تكون فيها احتفالات تنقلها الفضائيات المصرية بدلا من مشهد شارع جامعة الدول الخالي والذي كانت تنقله شاشة صدى البلد.


هل في العالم كله آثار أو أماكن أفضل من تلك الموجودة في بلدنا؟ برج الشيخ خليفة عبارة عن مركز تجاري وإداري وسكني مبني حديثا من الطوب والرمل والأسمنت وليس أثرا تاريخيا ومع ذلك تجمع حوله مليون ونصف مليون مواطن ليلة رأس السنة وللأسف الشديد من بينهم كثير من المصريين بل أحيا الحفل المطرب المصري محمد حماقي وأخرجه مصريون، كم مليار درهم إماراتي انتعشت بها خزينة إمارة دبي في هذه الليلة، هل هذا المشهد الذي أحزنني لم يشاهده المسئولون في وزارة السياحة؟

هل هذا المشهد لم يشعرهم بالغيرة والغضب؟ المفروض أن يكون في أكثر من مكان في مصر، لكن سألت نفسي كيف يشعرون بالغضب أو الغيرة أو حتى الحزن على بلدهم مثلي؟ فليس لديهم وقت لذلك إنهم مشغولون بمشاكلهم وصراعاتهم مع بعضهم واتهامات متبادلة بالفشل والفساد، ولا يمكن أن يجتمع النجاح مع الصراعات ولا يمكن أن يكون لديهم وقت للتفكير في الإبداع والتآمر معا، وأنا أشاهد احتفالات دبي برأس السنة سرحت بخيالي لو أن المسئولين في وزارة السياحة تركوا صراعاتهم ومصالحهم الشخصية جانبا وفكروا في مصلحة البلد الذي ينزف، واقتدوا برئيسه الذي لا ينام ويسابق الزمن من أجل العبور به إلى بر الأمان لو أنهم أقاموا احتفالات في مصر مثل دبي فهذه أفضل دعاية لنا في العالم ورسالة أنها عادت وبقوة.

ولكنني متأكد أنهم ناموا ليلتهم مرتاحي البال ولم تتأثر ضمائرهم بأي ذنب نحو هذا البلد، بل قد يكون بعضهم سافر إلى دبي لقضاء ليلة رأس السنة أمام برج الشيخ خليفة الخرساني، وزاد من حزني على بلدي ومقدراته السياحية المهدرة مكالمة تليفونية مع الخبير السياحي أشرف شيحة المستقيل حديثًا من هيئة تنشيط السياحة، أخبرني خلالها أن مشهد دبي تم الإعداد له منذ شهور وتم حجز كل الفنادق ووصل الحد الأدنى لكرسي المطعم والكافيه الموجود في المنطقة أربعة آلاف جنيه مصري، وحول استقالة رئيس هيئة تنشيط السياحة من منصبه وقال شيحة إنه كان من الخطأ تعيينه أصلا فهو سفير وخدمته كلها كانت في دول لم يأت منها سائح واحد لمصر!! وأضاف أن السياحة أصبحت علما وليست فهلوة وأنها تحتاج لمبدع وليس وزيرا.

وأنا أقول والله العظيم أن مصر تحتاج إلى مبدعين في كل المجالات وليس موظفين حتى ولو كانوا بدرجة وزراء وقبل أن يكونوا وزراء مبدعين يكونوا وطنيين وعندهم ضمير وإخلاص لن أقول يفضلون مصلحة البلد على مصالحهم بل على الأقل يضعون بلدهم في مرتبة مصالحهم الشخصية، هكذا كانت ليلة رأس السنة في دبي بهجة وفرحة وأفضل دعاية للإمارات وفي وزارة السياحة المصرية كانت فشلا وخرابا وأسوأ دعاية لمصر.


الجريدة الرسمية