رئيس التحرير
عصام كامل

العمل فى فرنسا.. حياة

فيتو

العمل عند بعض الناس حياة ...وعند آخرين إرهاق وواجب يؤدونه مجبرين ليضمن لهم دخلا ماديًا لاستمرار الحياة ..وبين الاثنين شتان فى الاحساس، فالأول يرى نفسه شخصا مفيدا فى الحياة بعمله، والثانى يرى نفسه شخصا مظلوما من الحياة بعمله.


هناك من يرى سعادته فى الحياة أن يسعى ليصل إلى هدف ما ويبدأ فى تحقيقه خطوة خطوة، وتبدو فى عينيه كل خطوة لها متعة وكلما صعد درجة فى درجات سلم أحلامه الصعب ازداد استمتاعه بحلاوة الكفاح فإذا ما وصل فى النهاية لغايته استشعر قمة سعادته ليس فقط لأنه وصل إلى ما يريده وسعى إليه سنوات من العمل ولكن لأنه حققه بجهده وعرقه واستحقه عن جدارة.

ولعلنى أكون قد قابلت فى حياتى شخصيات توقفت عندها كثيرا وتعلمت منها كثيرا، منها معلمى القيادة فى فرنسا، حيث تسلمنى بعد محاولات فاشلة فى مدرستين للقيادة قبله بعد أن أعطونى انطباعا بأن الحصول على رخصة القيادة الفرنسية بالنسبة لى درب من دروب الخيال ولكنه استطاع أن يقدمنى لامتحان القيادة بعد شهرين فقط لاجتازه بنجاح من أول امتحان.

والحقيقة أننى لم أتعلم منه القيادة وحدها بل كنت أراقبه بإعجاب وهو رجل تخطى الخامسة والخمسين من عمره على درجة عالية من اللياقة البدنية والقدرة على الكلام والشرح المتواصل بلا توقف ...ودقة متناهية فى تصحيح الأخطاء، وصبر عجيب لم أر له مثيلا فى حياتى .

واليوم رأيته بابتسامة واسعة بعد أن أنهى عمله فى السابعة مساءً يقضى أغراض زوجته وأغراض والدته وبعدها يعود لمكتبه لإنهاء أوراقه حتى الثانيه عشر ليلا لأنه صاحب مدرسة القيادة وليس مجرد معلم فيها، لا توجد لحظة واحدة فى حياته لا يعمل بها، ولا يستفيد منها، حتى أن إجازاته القليلة جدا يقضيها فى إصلاح منزله الريفى فوق الجبل بنفسه، .ولا يشكو ضيق الوقت ..ولا يشكوا قهر العمل، ولا يشكو قله لحظات المرح والتنزهات فى حياته فى دولة أوربية، لأن حياته فى عمله.
أجمل شىء تلاحظه على الأوربيين حين تسأل أحدهم كيف قضى يومه فيخبرك فى عمله بطريقة المفتخر.. أنه يعيش من كده وليس عاله على المجتمع.

أحلم منذ قيام الثورة أن أجد هذه الصورة فى مصر ...أحلم منذ قيام الثورة أن تتغير أفكار المصريين على هذا النحو ...أحلم أن أرى المصريين يتعاملون مع العمل أيا كان على أنه ....حياة.


الجريدة الرسمية