رئيس التحرير
عصام كامل

فيتو المصري

فيتو

أهلا بالفيتو المصري بعد أن عانينا عقودًا طويلة من الفيتو الأجنبي الذي أضاع علينا فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني، والذي وقف بالمرصاد للدول الصغيرة.



أخيرًا، أصبح لنا «فيتو» نستطيع أن نشهره في أي طغيان أو أي مساس بحقوق وحريات الشعب المصري. وأول فيتو نود أن نشهره في وجه الوضع الاقتصادي المصري المزري، والذي يقترب من الإفلاس والذي لا يستطيع أي مراقب أو محلل أنه يوضح اتجاهاته، حتى مشروع الدستور الذي حُصر في 223 مادة كلها موضع تساؤل لم يوضح صراحةً في أي من بنوده عن خطة أو اتجاه واضح للاقتصاد المصري؛ فهل هو اقتصاد حرام؟ أم هو اقتصاد موجه ومقيد؟ ولم تعرف هوية واضحة يسترشد بها المستثمر في نية الدولة.

ولم نرَ أي خطة لمعالجة الأزمة الاقتصادية أو بالأصح عدم معالجة الأزمة الاقتصادية إلا عن طريق سعي الدولة إلى رأب صدع عجز الموازنة عن طريق القروض الداخلية والخارجية.
*
 أما بالنسبة للقروض الخارجية فأهمها هو قرض صندوق النقد الدولي بمقدار 4.8 مليون دولار؛ وذلك بشروط قاسية ومجحفة لم تقم الدولة حتى الآن بإعلان هذه الشروط وتُرِك الأمر مضبَّبًا، لكن يمكن الاستنتاج بأن هذه الشروط تنحصر في رفع الدعم وزيادة الضرائب وتعويم الجنيه المصري وهي شروط قاسية قد تؤدي إلى رفع الأسعار وقد تصل إلى ٥٠ ٪.

*   ونعتقد أن أول ما يجب دراسته في هذا الشأن؛ هل الوطن في حاجة إلى هذا القرض أم لا؟ وهل لدينا خطة مسبقة في إنفاق هذا القرض وفي أي اتجاه سيكون هذا الإنفاق؟ وذلك قبل أن نتحمل شروطا قد لا يمكن أن نتحملها.


*
وهذا القرض بالعملة الأجنبية يرى الخبراء أنه لا يجب إنفاقه لمجرد تقليص عجز الموازنة، ولكن يجب أن يوجه إلى خطة محددة لاستثمارات ذات عائد طويل الأجل يمكننا من سداده والفوائد المترتبة عليه.

أو أن يكون إنفاقه على ما يطلق عليه الاقتصاديون الإنفاق الحكومي الإيجابي عن طريق إنشاءات واسعة النطاق للبنية الأساسية للدولة كالطرق والكباري ومشروعات الكهرباء والطاقة والموراد المائية حتى تنشئ أساسًا صلبا قويا للبنية الأساسية التي تركز عليها للإنفاق نحو التنمية وهناك فائدة أخرى لهذه المشروعات وهي أن ضخ ملايين الجنيهات في خدمة هذه المشروعات تؤدي بالتالي إلى زيادة الأموال السائلة المتداولة داخل الدولة وإنعاش الاقتصاد، ولكن في الحقيقة لم نسمع عن أي مشروعات من هذا القبيل مما يخشى معه أن ينفق هذا القرض على عجز الموازنة ويضيع هباءً.
*
أما بالنسبة للقروض الداخلية لا يتجاوز 1 ٪ وعلى الرغم من ذلك فإننا نرى أن الدولة تتمادى في الاقتراض الداخلي في صورة خطيرة تقترب من الخطوط الحمراء وأغلبها عن طريق إصدار أذونات خزانة بفوائد عالية قد تصل إلى 15٪ ، فكيف تتمكن الدولة من سدادها أو سداد فوائدها الباهظة.


وقد أدت فوائد هذه الأذون الباهظة على إقبال البنوك التجارية على هذه الأذون كاستثمار مضمون وإعادة بيعها عن طريق شهادات بفائدة ١١٫٥٪ ، ومن الطبع فإن هذا الربح المغري أغرى البنوك على توظيف الجزء الأكبر من الودائع لديها في هذه الأذون مما أدى إلى نقص السيولة المخصصة في اقتراض المؤسسات الخاصة الاستثمار به.

وهكذا، فإننا نشهر «فيتو» آخر في وجه السياسة الاقتراضية المتخبطة.

الجريدة الرسمية