رئيس التحرير
عصام كامل

القطن والبلتاجي والأجندة الأمريكية!



عندما سمعت تصريح الدكتور عادل البلتاجى وزير الزراعة في المؤتمر الصحفي الذي عقده منذ أيام وأعلن فيه عن إلغاء الدعم عن زراعة القطن وطالب الفلاحين بعدم زراعته أو تحمل مسئولية تسويقه في حال زراعته في فصل الصيف القادم، تذكرت تصريحا سابقا له وهو التلميذ النجيب ليوسف والى حول محصول القطن أيضا قال فيه إن القطن خارج إستراتيجية الزراعة المصرية، وتأكدت تماما من عزم الوزير ونيته على القضاء على محصول القطن الذي كان أهم المحاصيل الإستراتيجية التي تدر دخلا لمصر.


وقد تذكرت أيضا ما قصه الأستاذ محمد حسنين هيكل بأن الرئيس جمال عبد الناصر تلقى اتصالا هاتفيا من الإدارة الأمريكية تسأله عن المساحة التي ستقوم مصر بزراعتها بمحصول القطن فكانت الإجابة أنه سيتم زراعة ما يقرب من اثنين ونصف مليون فدان بمحصول القطن، وحكي هيكل أن الإدارة الأمريكية طالبت الزعيم الراحل بضرورة تخفيض المساحة إلى مليون وربع فدان قطن وهو ما رفضه عبد الناصر لكن لم يستطع التوصل إلى السبب الحقيقي لطلب الأمريكان منه لهذا الطلب.

منذ بداية عصر الرئيس السادات بدأت الحكومات المتتالية بتخفيض المساحة المنزرعة من القطن حيث وصلت في أواخر السبعينيات إلى مليون ونصف فدان من القطن ثم انخفضت إلى 993 ألف فدان عام 1990 وتراجعت المساحة إلى نحو 340 ألف فدان في 2011 - 2012 أي بما يقارب ثلث المساحة المزروعة في عام 90 - 1991، كما تراجعت إنتاجية القطن إلى 1.7 مليون قنطار بعد أن كانت 8.9 مليون قنطار خلال فترتي الثمانينيات والتسعينيات وذلك وفق الهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن حتى وصلت إلى الرقم صفر في عهد الوزير البلتاجي الذي تعمد إهمال الدعم الذي خصصه الرئيس عبد الفتاح السيسي لصالح القطن والذي قدر بنحو نصف مليار جنيه حيث تواطأ الوزير ومساعده الأول على إسماعيل وقاما بعدم توصيل مذكرة لجنة القطن والتي أوصت بصرف 340 جنيها دفعة أولى ثم 200 جنيه دفعة ثانية عن كل قنطار إلى وزارة المالية حتى تم تفويت الفرصة على الفلاح وأصبح القطن مكدسا عند الفلاحين وقام بعضهم بإحراقه في الأرض وبعد امتلاء السوق بالقطن المستورد لجأ البلتاجى وعلى إسماعيل لحيلة استغلال الدعم بحيث لا يكون في موضعه.

من يقرأ الأرقام بشكل جيد ويربط التسلسل الخاص بها وبتصريحات الوزير وكلام الأستاذ هيكل سنجد أننا أمام مخطط أمريكي صهيوني لتدمير زراعة القطن وسينتج عن هذا فتح الباب لاستيراد المنسوجات المختلفة وقتل صناعة النسيج بأكملها.

وهنا لدى مجموعة من التساؤلات، لصالح من تم اتخاذ هذا القرار الذي يدمر القطن؟ وهل تعمد الوزير اختيار التوقيت وتحديدا بعد انفراجة من الرئيس بمساندة الفلاح ورفع بعض الأعباء الزراعية عن كاهله؟، ولماذا يصر الدكتور البلتاجي على مخالفة المادة 29 من الدستور التي تنص على إلزام الحكومة برعاية الفلاح وكذلك توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي والحيواني، وشراء المحاصيل الزراعية الأساسية بسعر مناسب يحقق هامش ربح للفلاح، وذلك بالاتفاق مع الاتحادات والنقابات والجمعيات الزراعية، وهل لا يعلم الوزير أنه لا توجد مشكلة في زراعة القطن بل بالعكس، فأي محصول يزرع عقب القطن يزيد إنتاجه إلى الضعف.

تلك الإجراءات التي أعلن عنها الوزير أعادت إلى ذهني السياسات القديمة التي كان يتبعها نظام مبارك والتي أدت إلى انهيار صناعة النسيج وتشريد الآلاف من العمال والتي سيكون الخاسر الوحيد منها هو الرئيس السيسي والذي عليه أن يتحرك سريعا قبل فوات الأوان.

ولذلك فأطالب الرئيس السيسي بالتدخل قبل أن يقوم الإخوان باستخدام الفلاح الكادح كوقود لإشعال الأزمة في البلاد، واقترح على الفلاحين وأنا منهم وابنهم أن نقيم سرادق عزاء لتقبل العزاء في ذهب مصر الأبيض الذي توفي إلى رحمة الله في عهد البلتاجي.
الجريدة الرسمية