مصر والكويت وجهان لعملة واحدة
بدأت أمس زيارة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسي لدولة الكويت ولا نغفل إنها أولى زيارته للدولة الشقيقة منذ توليه منصب الرئيس وتعد زيارته تحولا هاما في العلاقات بين البلدين خاصة بعد مرحلة الفتور التي انتابت العلاقة بين البلدين في عهد محمد مرسي، الآن نستطيع القول إن مصر تنضم مرة أخرى لأحضان العرب لتنعم بالدفء فلم تتأثر ببعض المطالبات التي تحدث بيننا ولكن يبقى الترابط الذي يجمعنا حول مائدة واحدة لنرسم فوقها طريقنا من جديد وبه الكثير من الحب والمودة والتعاون ونطلق لشمس العروبة العنان لتنير ليالينا فيزدهر الوطن العربى ويحبو أبناؤه حوله في وفاق وتلاحم لتحيا شعوبنا المحبة للسلام دائمًا.. ليحيا الوطن العربى برخاء وتقدم على أيادى رؤسائنا وملوكنا.
إن العلاقات الراسخة بين البلدين تمر بمحطات هامة منذ عام 1942 عندما أتت البعثة التعليمية الكويتية لمصر بالاتفاق بين عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين ووزير المعارف الكويتى آنذاك فكانت هذه أولى التعاون الثقافى، ولكننا لن نغفل موقف الكويت من الوحدة السورية المصرية في عام 1958 حين قامت الكويت بدعهما الكامل لها، ولن ننسى وقوف الكويت بجانب مصر أثناء الحرب على العدوان الإسرائيلى عام 1967 فأرسلت لمصر قوات مسلحة كويتية (لواء اليرموك كاملًا) للمساعده في تحرير سيناء وظل اللواء على الجبهة المصرية فشارك في حرب أكتوبر المجيدة، وأعلنت وقتها الكويت رفض تصدير البترول لكل الدول المؤيدة لإسرائيل آنذاك كما قدمت ثلثى التسليح الكويتى لمصر.
وكذلك مصر كانت دائمًا تقدم العون والدعم للشقيقة فلقد أيدت مصر استقلال الكويت في عام 1961 بعد انسحاب بريطانيا قام الرئيس الراحل عبد الناصر برفض تهديدات بغداد للكويت إبان انفصالها وبعث بقوات مشتركة من جميع الدول العربية لحماية الكويت آنذاك مما دفع رئيس الجمهورية العراقية عبد الكريم قاسم للتراجع عن إعلانه ضم الكويت إلى بلاده كما شارك خبراء وأساتذة القانون الدستوري المصريين في صياغة دستور الكويت.
بالرغم من مشاركة لواء كامل للكويت في حرب أكتوبر إلا أنه توترت العلاقات بين مصر والكويت بسبب رفض دول الخليج جميعها للسلام مع إسرائيل وسفر الرئيس الراحل أنور السادات إلى تل أبيب ولكن عادت مرة أخرى بقوة خلال احتلال العراق للكويت في عام 1990 حيث أرسلت مصر قوات ضخمة قدرت بنحو 35 ألف جندي في عهد الرئيس السابق محمد حسنى مبارك فشاركت قواتنا المسلحة في المعارك الضارية حتى استطاعت تحرير الأراضى الكويتية من الجيش العراقى لترجع لحضن أهلها من جديد.
ليس هذا كل التعاون بين الشقيقتين فقط فدولة الكويت من أكبر الدول في العالم التي تستقبل عمالة مصرية، بعد السعودية وكذلك هناك تعاون اقتصادى قد وصل إلى مليارات الدولارات وأصبح حجم الصادرات المصرية للكويت يقدر بنحو 278 مليون دولار وقد تم توقيع العديد من الاتفاقيات بين البلدين على مر الأعوام الماضية لتعزيز التعاون المشترك في جميع المجالات سواء التجارى أو الاستثمارى وكذلك هناك اتفاقيات علمية وأخرى فنية لإتاحة الفرصة لتصل جميع الرؤيا الفنية والأدبية للشعبين، لذلك فالعلاقة بين البلدين قديمة جدا وتزداد متانة بمرور الأعوام كما يقوى جسر المحبة بيننا وبينهم ليكون رادعا قويا بوجه كل من تسول له نفسه لمحاولة الاقتراب من هذه العلاقة السامية.
تلتف عيون العالم لهذه الزيارة فجميع المحللون والمراقبون يلقبونها بالتاريخية، فهى اعتراف قوى للعالم أجمع بالثورة المصرية الشعبية الخالصة "30 يونيو" التي أيدتها دول الخليج وكانت أكبر داعميها في العالم أجمع ولا نغفل أن الزيارة لها أهداف استيراتيجية عظمى وتأكيد مصرى على دعمها الكامل لاستقرار الكويت سياسيًا واقتصاديًا ومواصلة حماية مصر الشقيقة الكبرى للنظام الإقليمى لدول الخليج وللمنطقة، كما سيتم مناقشة أهم القضايا المتعلقة بين البلدين، لذلك تأتى أهمية زيارة السيسي إلى الكويت لتزامنها مع الحرب على تنظيم "داعش"، وتصاعد تهديدات البرنامج النووي الإيراني، فضلا عن الاضطرابات التي تعم المنطقة، والتي من المؤكد أن يتناولها اللقاء بين الزعيمين المصري والكويتي، فينتظر الشعبان نتائج هذه الزيارة التي تعد الشاغل الأكبر لجميع وكالات الأخبار العالمية حاليًا لما ستجنيه ثمارها من تبادل استثمارى ضخم وكذلك ترسيخ قوى للعلاقة فيمتد الجسر بيننا وبينهم دون عوائق، إن هذه الزيارة هي إحباط كبير لكل أعداء الشقيقتين، كما ستكون ضربة موجعة لدول كثيرة ترفض إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط وتبديد صارخ لجميع خرائط التقسيم القابعة داخل مكاتب هذه الدول.