رئيس التحرير
عصام كامل

عادل حسين المفكر المنسي دائما!



لا أستطيع أن أنسى مطلقا المفكر الراحل عادل حسين، الذي بدأ حياته يساريا متشددا، وانتهى مفكرا اقتصاديا وسياسيا انحاز إلى التيار الإسلامي، بل أخذ توجها لا يعرفه إلا من اقترب منه، وهنا أذكر له أثناء رئاسته لجريدة الشعب في نهاية الثمانينيات، عندما نشر مقالا للناصرى الكبير د.ماجد فخر ولاحظت بحكم موقعى، أنه حذف كلمة ثورة من المقال وأبقى علىها مرة واحدة، فذهبت إليه مستفسرا عن ذلك، فجاء رده: نحن نحاول تجميع كل القوى الوطنية في مصر للضغط على السلطة للإصلاح أو الرحيل، ونرى أن اليسار والتيار الإسلامي يمكن أن يحققا معا قوة ضاغطة ناجحة سياسيا..!

قلت: ولكن الإخوان لا يعترفون بثورة يوليو ويرون أن جمال عبد الناصر الطاغوت؟
قال عادل حسين: لهذا خففت من تكرار كلمة ثورة..ولكن إذا كانت 23 يوليو ليست ثورة فما هو تعريف الثورة ؟ 23 يوليو غيرت البنية الأساسية للمجتمع، إنها أعادت بناء مجتمع من الألف للياء؛ لأنها أوجدت لأول مرة طبقة وسطى قوية بل غيرت التاريخ المصرى والعربى والأفريقى بل تجاوزت هذا إلى العالم، إنها الثورة الأم لثورات التحرر في العالم، أعرف أن هذا لا يروق للإخوان ولكن السياسة تفرض علينا التأكيد على ما هو متفق عليه، وتأجيل المختلف عليه.

موقف آخر لهذا الرجل الذي نساه الجميع، بحكم مسئوليتى وجدت مقال الزميل الإخوانى محمد عبد القدوس عن التعذيب كالعادة، فأبلغت الأستاذ عادل قائلا له ليس من المنطق أن العمود الأسبوعى لمحمد عبدالقدوس، أسبوعيا عن التعذيب كفاية ما ننشره عنه في التحقيقات وللأسف الناس ترى أن هذه مبالغات من كثرة ما ننشره، طلب منى عادل حسين المقال، واقتنع برؤيتى، وتم رفعه من الصفحة، وعندما جاء كعادته محمد عبد القدوس في التنفيذ-جريدة الأهرام وقتها- فعلم بما حدث وإذا برد من عادل حسين لا يمكن أن أنساه طيلة عمرى..قال: لم يعذب أحد في مصر مثلى ولكن لم أكتب حرفا عن تعذيبى ولم أتاجر به أكتب مقالا تانى أفضل!

الموقف الثالث: وددت مداعبته ذات يوم قائلا: صلاح عيسى أعلن استعداده للانضمام لتحالف "الإسلام هو الحل" وهذا يعد بداية ليكون أحد أعمدة قيادات هذا التيار..!
رد عادل حسين مبتسما بكل هدوء: ياريت..طبعا ياريت صلاح عيسى له تاريخ وطنى مشرف، لم ينافق ولم يهادن، سجن، عذب ولم يتاجر بهذا، بالإضافة إلى أنه مثقف بحق في جميع المجالات، وبالتالى فهو مكسب وإضافة حقيقية لو انضم لجبهة التيار الإسلامي.

ثلاثة مواقف جديرة بالاحترام، ولكن الموقف الأهم هو رفضه دخول القوات الأمريكية للخليج لتحرير الكويت وحذر أن السبب ليس تحرير الكويت ولكن احتلال منطقة الخليج، بتمزيقها وتدمير العراق وسوريا والالتفاف حول مصر ومحاصرتها، وكأنه كان يقرأ من كتاب حدث ما توقعه في عام 1990 وسبق أن توقعه الشهيد عبد المنعم رياض كما هو مسجل بصوته عام 1968 فى محاضرة بجامعة الدول العربية.

رحمة الله على الأستاذ والمفكر عادل حسين.. الذي عاش ومات مؤمنا بأفكار لم تتعارض يوما مع انتمائه لتراب بلده مصر، وأنهى كلماتى عنه بأنه كان ضمن الممنوعين من الكتابة عام 73 وعندما بدأت حرب 6 أكتوبر ذهب والممنوع أيضا فليب جلاب إلى موسى صبرى رئيس تحرير الأخبار وقالا كيف يجلسان في بيوتهما ومصر تحارب ولم يتركا الجريدة حتى انتهت الحرب وانتصرت مصر. رحمه الله.
الجريدة الرسمية