رئيس التحرير
عصام كامل

تطوير التعليم


لا يعرف الإنسان حقيقة علمه إلا إذا اصطدم بالواقع، فعدم قدرته على التعامل مع المواقف كفيل بإظهار نقص مستوى العلم، وعليه أن يتخذ قراره إما بتحديث معلوماته واكتساب قدر أكبر من العلم ليوائم المتغيرات المحيطة، أو تقبل مستوى علمه.

وللأسف يتحول بعد فترة من الزمان مثل الحاسب الآلي الذي فقد القدرة على التحديث للبرامج ولم يعد له فائدة، فمن ينظر إليه يتوقع فيه مستوى معينا من القدرات، إلا أن التعامل معه كفيل بإظهار الحقيقة الهشة، وهي ضآلة الإمكانيات، ولهذا انخفضت قدرات ومهارات المتقدمين للوظائف بما أثر على نتائج هذه الوظائف؛ مساهمة منهم في المجتمع.

ولعل استيراد الكفاءات من الخارج كفيل بإظهار الفرق التعليمي الكبير بين مخرجات العملية التعليمية المحلية ومخرجات العملية التعليمية في الخارج.

فكان على الناس أن يبحثوا عن بديل للعملية التعليمية المحلية التي لا تخرج لنا إلا المتواضعين علميا، بما لا يجعلهم قادرين على المنافسة مع نظرائهم من الخارج، فالمناهج التي تعتمد على الحفظ دون استخدام العقل في التفكير، جعل الطالب يعتمد على الحفظ والاسترجاع مرة أخرى، وما كان الله ليخلق الناس ليكونوا كالببغاوات ليرددوا ما قيل لهم ويعيدوا للناس سماعه، وإنما خلق الله الناس ليعمروا الأرض بمخرجات عقولهم التي تسخر البيئة المحيطة لهم، وعليهم أن يبدأوا من حيث انتهى الآخرون وليس أن يبدأوا من حيث بدأوا.

لابد من إعادة النظر في المناهج المقدمة للطلبة، وعقد الاتفاقات التعليمية مع الدول التي يحترم الناس علمها، وإعادة النظر في مصروفات التعليم الحكومي لتعكس الخدمة المقدمة للطلبة، بحيث تنقسم الوزارة إلى قسمين قسم تعليم على المستوى العالمي بمصروفات يدفعها الناس أصلا في مدارس أجنبية، وتكون قادرة على الصرف على المدارس المجانية، هذا لفترة الدراسة حتى أول التعليم الثانوي، على أن تفتح مجالات التعليم الفني والصناعي والزراعي والتجاري، ولا ينظر إليه على أنه تعليم للمتسربين من العملية التعليمية، وإنما هو مجال فني حقيقي يستورد له الكفاءات التدريبية من الخارج.

الكثير من الدول كانت في وضع تعليمي أقل مما نعانيه الآن في بلادنا، إلا أن إرادتهم لتغيير التعليم في بلادهم لم يمنعهم فيه التجمد الذي كانوا يعانون منه من أن يتغلبوا على التردي (فالعملية التعليمية نتائجها طويلة الأجل، ننتظر منها مستقبلا أفضل إن نظرنا إلى تغييرها الآن).

العقل من أكبر النعم التي أنعم الله بها على عباده حتى يستغلوه، لا أن يتركوه ليصدأ ويتقادم مع مر الزمان.
الجريدة الرسمية