رئيس التحرير
عصام كامل

الملك «ذو يزن» يبشر «عبدالمطلب» برسول الله


في دلائل النبوة لأبي نعيم، في حديث طويل موجزه، أنه لما ظهر الملك سيف بن ذي يزن، على اليمن وظفر بالحبشة ونفاهم عنها - وذلك بعد مولد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بسنتين - أتته وفود العرب وأشرافها وشعراؤها تهنيه وتمدحه، فأتاه وفد قريش، وفيهم عبد المطلب بن هاشم.. وذات يوم طلب الملك سيف بن ذى يزن، عبدالمطلب بن هاشم على انفراد.. ودار بينهما الحديث التالى:


ذو يزن: ياعبد المطلب، إنى مُفض إليك بسر لا أبوح به لغيرك، فليكن عندك مخبأ حتى يأذن الله عز وجل فيه..إنى أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي ادخرناه لأنفسنا واحتجبناه دون غيرنا خبرا عظيما وخطرا جسيما، فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة للناس عامة ولرهطك (عائلتك) خاصة.

إذا ولد غلام بتهامة (مكة)، بين كتفيه شامة..كانت له الإمامة ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة.

عبدالمطلب: أعطنى إيضاحا أكثر، أيها الملك.

ذو يزن: هذا حينه الذي يولد فيه أو هو قد ولد..اسمه محمد..يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه..الله باعثه جهارا وجاعل له منا أنصارا.. يعز بهم أولياءه ويذل بهم أعداءه ويستفتح بهم كرام أهل الأرض..يعبد الرحمن ويدحر الشيطان ويخمد النيران ويكسر الأوثان..قوله فصل وحكمه عدل.. يأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله.

عبدالمطلب: زدنى إيضاحا، أيها الملك.

ذو يزن: والبيت ذي الحجب، والعلامات على النقب، إنك يا عبد المطلب، لجده غير كذب.

ولما سمع عبد المطلب من سيف بن ذى يزن، أنه جد النبي المنتظر سجد لله شكرا.

فقال ذو يزن: ارفع رأسك ياعبد المطلب..هل أحسست بشيء مما قلته لك؟

عبد المطلب: نعم أيها الملك..كان لي ابن وكنت به معجبا وعليه رقيقا، وقد زوجته كريمة من كرائم قومى، آمنة بنت وهب، فجاءت بغلام فسميته محمدا مات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه.

ذو يزن: ياعبد المطلب، نصيحتى لك أن تحافظ على هذا الغلام من اليهود فإنهم أعداء له، ولكن لن يجعل الله لهم عليه سبيلا، وأنصحك أن تكتم الحديث الذي جرى بينى وبينك.

فكان اهتمام عبدالمطلب برسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالغا، فكان يوضع له فراشه في ظل الكعبة لا يجلس عليه أحد من أبنائه إجلالا له.

وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يأتى ويجلس عليه، فيحاول أعمامه أن يبعدوه عن فراش جده فيقول لهم عبدالمطلب: دعوا ابنى، ويمسح على ظهره ويقول: "إن ابنى هذا سيكون له شأن عظيم".
الجريدة الرسمية