رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي في عش الدبابير!


تقريبا اختفت من حياتنا أحاديث شريفة أو ما جاء في الأثر مثل " اطلبوا العلم ولو في الصين " وكانت الصين وقتها على مسيرة أشهر طويلة جدا من مكة أو من المدينة..وكذلك لم نعد نسمع لا في الدروس الدينية ولا في خطب الجمعة الحديث الشريف " اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد " وكذلك الحديث " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " و" إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيله فليغرسها "..أي أنه لو القيامة قامت وأحدكم في يده " شتلة " أو بذرة صغيرة فليزرعها ! أي عمل وفعل للخيرات حتى للحظة بعد الأخيرة!


الأحاديث الشريفة السابقة وغيرها الكثير جدا وكلها يدعو للعمل والعلم وللجد وللاجتهاد وفيما يبدو تعرضت إلى مؤامرة متعمدة ليتم إبعادها أو استبعادها من الخطاب الإسلامي اليومي..في حين انتشرت جدا أحاديث عن فضائل السواك وحكم وجود القرآن على المحمول وحكم الدعاء عند ركوب الدابة وحكم دخول دورات المياه بالقدم اليمنى وحكم الأذان عند الصعود للقمر ( قال يعني ) وحكم الطلاق على الإنترنت وحكم الذبابة إذا سقطت في الطعام وغيرها وغيرها من الأمور التي تقع على هامش العقيدة وكلها مما لا يقع في صلب الإيمان وكلها أيضا لا يدعو إلى تقدم ولا إلى علم ولا إلى السعي لا إلى علم ولا عمل ولا تقدم !

الآن.. وأمس وكما رأينا باتت الدعوة إلى إصلاح الخطاب الديني وربما تغييره كلية يتم من أعلى سلطة في البلاد..لم يعد يطالب بها أحمد صبحي منصور ولا عبد الفتاح عساكر..ولا ممن دفعوا الثمن غاليا لأنهم طالبوا مبكرا بذلك مثل فرج فودة..أو من ظلوا يطالبون به حتى رحلوا مثل المستشار الجليل محمد سعيد العشماوي..ولا حتى من المعاصرين مثل إبراهيم عيسى ولا إسلام بحيري ولا غيرهم كثيرون..إنما اليوم يطالب بذلك الرئيس السيسي..الآن يعترف الأزهر والأوقاف بصحة المطلب..بل ويتعهدون بالقيام به!

ورغم الدهشو من تبدل المواقف ورغم أهمية معركة السيسي ودعمه فيها مطلوب بل ربما كانت أهم إنجازاته على الإطلاق وستدخله التاريخ والجنة من أوسع الأبواب.. إذ لو انصلح الخطاب الديني لانصلحت أشياء مهمة في بلادنا وفي حياتنا إلا أن السؤال: هل سيمر الأمر مرور الكرام، هل ستتم تنقية كتب التراث من فتاوى الجهل والأحاديث المدسوسة، هل سيتم الإقرار بأن بعض العلماء ورجال الدين والفقهاء بل ورواة الحديث ليسوا إلا بشرا يخطئون ويصيبون وليسوا مقدسين وأن الخلط بينهم وبين الدين نفسه كان خطيئه كبرى؟ وإذا تم ذلك من الأزهر هل سيقبل السلفيون؟ وإذا قبلوا..هل سيقبل الوهابيون؟ الموضوع كبير يا سادة..
الجريدة الرسمية