تفاصيل إلغاء أحكام السجن لـ«صحفيي الجزيرة».. الدفاع: ربط «الجنايات» بين القناة الإنجليزية والإخوان «غير سليم».. اتهامات الانضمام لجماعة إرهابية «خطأ في تطبيق القانون
قضت محكمة النقض، في جلستها المنعقدة برئاسة المستشار أنور جابري نائب رئيس المحكمة، بنقض (إلغاء) الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات بالسجن المشدد بحق 7 متهمين، من بينهم صحفيون بقناة الجزيرة الدولية (الإنجليزية)، وأمرت المحكمة بإعادة محاكمتهم من جديد أمام إحدى دوائر محاكم الجنايات غير التي أصدرت حكمها بالإدانة سابقًا.
إعادة محاكمة للهاربين
وجاء حكم النقض قاصرًا على المتهمين السبعة المحكوم عليهم، الذين يقضون عقوبة السجن، ويحدد القانون إجراءات مغايرة بالنسبة للمتهم الهارب المحكوم عليه، والذي تعاد إجراءات محاكمته أمام محكمة الجنايات مباشرة عقب القبض عليه أو تسليمه لنفسه.
وكانت محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة أدانت في شهر يونيو من العام الماضي، المتهمين بارتكاب جرائم التحريض على البلاد من خلال قناة الجزيرة الفضائية القطرية، واصطناع مشاهد وأخبار كاذبة وبثها عبر القناة القطرية، وجاء حكم الجنايات ليعاقب المتهمين الهاربين جميعًا وعددهم 11 متهما حوكموا غيابيا، بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات.
وتم معاقبة 7 متهمين محبوسين بصفة احتياطية على ذمة القضية بالسجن المشدد لمدة 7 سنوات، ومعاقبة أحد المتهمين الصادر بحقهم عقوبة السجن المشدد 7 سنوات، بعقوبة إضافية عن تهمة ثانية بحقه بالسجن لمدة 3 سنوات وتغريمه 5 آلاف جنيه، وببراءة متهمين اثنين آخرين.
مرافعة الدفاع
واستمعت محكمة النقض إلى مرافعات هيئة الدفاع عن المتهمين، والتي طالبت بنقض (إلغاء) الحكم وإعادة المحاكمة، مع إخلاء سبيل المتهمين المحبوسين على ذمة القضية بكفالة مالية حتى وإن اقترن ذلك بإجراء احترازي آخر يتضمن منعهم من السفر حتى الانتهاء من القضية تماما.
وقال الدفاع إن حكم الجنايات الصادر بالإدانة «أجرى ربطا غير سليم» بين قناة الجزيرة الدولية (الناطقة باللغة الإنجليزية) وبين جماعة الإخوان، واعتبرت المحكمة أن كل من يعمل بتلك القناة هو بالضرورة من عناصر الجماعة، مؤكدًا (أي الدفاع) أن هذا الأمر غير صحيح ولا دليل عليه في الأوراق.
وأضاف الدفاع أن المتهمين جرت محاكمتهم أمام دائرة محكمة جنايات غير مختصة ولائيًا بنظر الدعوى، باعتبار أن وقائع الضبط جرت في نطاق دائرة جنوب القاهرة غير أن المتهمين أحيلوا إلى إحدى دوائر محكمة جنايات الجيزة، والتي شكلها رئيس محكمة استئناف القاهرة خصيصًا لنظر قضايا بعينها، وأطلق عليها «دوائر الإرهاب»، معتبرًا أن إحالة القضية لتلك الدائرة بعينها أمر غير صحيح ويمثل مخالفة لأحكام القانون، فضلا عن مخالفته لما استقرت عليه أحكام محكمة النقض من أن إحالة قضية ما لدائرة محكمة بعينها، يخالف النظام العام للمحاكمات ويصل بها إلى درجة الانعدام، بحسب وصف الدفاع.
لا أدلة على الانضمام للإخوان
وأكد محامو المتهمين أن المحكمة لم تستظهر الركن المادي للاتهام المسند إلى المتهمين، والمتعلق بالانضمام إلى جماعة وتنظيم تم إنشاؤه بالمخالفة لأحكام القانون أو مساعدة هذه الجماعة، وانتهت إلى الإدانة في ضوء أدلة لا تؤدي منطقًا إلى هذا الاتجاه.
وأوضح الدفاع أن المواد الفيلمية، التي تضمنتها أحراز الدعوى، والتي بُني على أساسها الاتهام لمحمد فهمي فاضل وآخرين من المتهمين، تضمن مواد موسيقية، ولقاءات مع وزراء، وتغطيات إخبارية ميدانية، ولقاء مع فريد الديب المحامي عن الرئيس الأسبق حسني مبارك، وجميعها مواد مصورة تخالف ما تضمنته أوراق الاتهام من كونها مواد تنظيمية مصورة لصالح جماعة الإخوان.
تناقض الحكم
واعتبر الدفاع أن الحكم المطعون عليه وقع فيه فساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، موضحًا أن الحكم جاء به أن المتهمين تعاونوا مع «جماعة الإخوان الإرهابية»، رغم أن صدور قرار وصف الجماعة وأفعالها بالإرهاب جاء في فترة لاحقة على فترة الاتهام في 9 أبريل 2014، في حين أن فترة الاتهام التي وردت بأمر الإحالة جاءت ما بين أكتوبر وحتى ديسمبر 2013، وأحيل المتهمون على إثرها للمحكمة في شهر يناير 2014، مؤكدًا أن هناك مبادىء قانونية ودستورية مستقرة مفادها عدم رجعية القوانين والقرارات، وعدم سريان آثارها إلا عقب صدورها.
وقال الدفاع إن الحكم وقع في تناقض صريح، وقضي ببراءة اثنين من المتهمين، استنادًا إلى عدم جدية تحريات أجهزة الأمن بحقهما، في حين أن تلك التحريات هي ذاتها التي أدين على أساسها بقية المتهمين.
العقوبات السابقة
يذكر أن المتهمين الهاربين الذين قضي بمعاقبتهم غيابيًا بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، هم كل من: علاء محمد السيد بيومي (موظف بوحدة المونتاج بقناة الجزيرة)، وأنس عبد الوهاب خلاوي حسن (مدير إنتاج سينمائي بقناة الجزيرة)، وخليل على خليل بهنسي (محلل نظم ومعلومات بقطاع قنوات النيل المتخصصة سابقًا وحاليًا بقناة الجزيرة)، وأحمد عبده فتح الباب (مالك شركة النور للإنتاج الإعلامي)، ومحمد فوزي عبد العزيز إبراهيم (مصور بقناة الجزيرة)، وسعيد عبد الحفيظ إبراهيم الجمل (مدير وشريك بشركة الفيل لأعمال الألومنيوم)، ونورا حسن البنا أبو بكر (فنانة تشكيلية)، وأحمد عبد الله محمد عطيه داود (محاسب بشركة القاهرة للصناعات الدقيقة)، ودومينيك لورنس جون (إنجليزي الجنسية - موظف بقناة الجزيرة)، وسوزان ميلني (بريطانية الجنسية)، وجوهنا إيدنتتي (هولندية الجنسية).
والمتهمون الذين قضت المحكمة بمعاقبتهم حضوريا بالسجن المشدد لمدة 7 سنوات، هم كل من: محمد محمود فاضل فهمي (صحفي حر – محبوس احتياطيًا)، وباهر محمد حازم أحمد نصر غراب (صحفي حر – محبوس احتياطيا)، وصهيب سعد محمد محمد (طالب بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة مدينة الثقافة والعلوم – محبوس احتياطيًا)، وخالد محمد عبد الرؤوف محمد (طالب بكلية الإعلام جامعة القاهرة – محبوس احتياطيا)، وشادي عبد الحميد عبد العظيم إبراهيم (طالب بكلية الحاسبات والمعلومات جامعة عين شمس – محبوس احتياطيًا)، وخالد عبد الرحمن محمود أحمد عبد الوهاب (مدير مبيعات بشركة البردي لصناعة الورق – محبوس احتياطيا)، وبيتر جريستي (أسترالي الجنسية - موظف بقناة الجزيرة – محبوس احتياطيا).
كما قضت المحكمة – حينها أيضًا - بمعاقبة المتهم باهر محمد حازم أحمد نصر غراب أيضًا بالسجن لمدة 3 سنوات وتغريمه مبلغًا وقدره 5 آلاف جنيه عما أسند إليه من اتهام ثان، وبراءة المتهمين أحمد عبد الحميد عبد العظيم إبراهيم (طالب بأكاديمية القاهرة الجديدة)، وأنس محمد محمد إبراهيم البلتاجي (طالب بكلية التربية النوعية جامعة عين شمس).
كانت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا قالت إن عددًا من المتهمين هم من أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي، وأمدوا الجماعة بأموال وآلات بغية إلحاق الضرر بالمصلحة العامة وإثارة الفتنة بين المواطنين، علاوة على بثهم لمعلومات وأخبار كاذبة بصورة متعمدة، مستهدفين خلق صورة غير حقيقة عن الأوضاع التي تمر بها البلاد، والإيهام دوليا بأن مصر تشهد اقتتالا وحربا أهلية.
وذكر قرار الاتهام في القضية أنه خلال الفترة من 3 أكتوبر وحتى 29 ديسمبر من العام الماضي، بدائرة قسم شرطة قصر النيل، قام المتهمون من الأول وحتى الـ16 وفقًا لترتيبهم بأمر الإحالة، بالانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق والحريات العامة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، بأن انضموا لجماعة الإخوان، التي تهدف لتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على حرية الأفراد واستهداف المنشآت العامة، بهدف الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة في تنفيذ أغراضها.
وأضافت التحقيقات أن المتهمين من الخامس وحتى السابع، ومن الثاني عشر وحتى السادس عشر بأمر الإحالة، حازوا مطبوعات وتسجيلات تتضمن ترويجا لأغراض جماعة تم تأسيسها على خلاف أحكام القانون (موضوع الاتهام الوارد بالبند الأول) معدة لإطلاع الغير عليها، مع علمهم بما تدعو إليه تلك الجماعة من أغراض ووسائلها في تحقيقها.
وأشارت التحقيقات إلى أن المتهمين جميعا أمدوا جماعة تم تأسيسها على خلاف أحكام القانون، بمعونات مادية ومالية، بأن أمدوا الجماعة موضوع الاتهام الوارد بالبند الأول من الاتهامات، بأموال ومهمات ومعدات وآلات ومعلومات، مع علمهم بما تدعو إليه ووسائلها في تحقيق ذلك.
وأوضحت التحقيقات أن المتهمين من الخامس حتى العاشر، ومن الثاني عشر حتى السابع عشر بأمر الإحالة، حازوا أجهزة الاتصالات والبث المضبوطة (هاتف الاتصال عبر الأقمار الصناعية "الثريا" – جهاز انمارسات – هاتف محمول "فيو بوينت" دون الحصول على ترخيص مسبق من الجهات الإدارية المختصة، وذلك بغرض المساس بالأمن القومي للبلاد، كما أحرز المتهم السادس طلقة نارية مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها).
وجاء بالتحقيقات أن المتهمين من الأول وحتى السادس عشر بأمر الإحالة، وبصفتهم مصريين، أذاعوا عمدا بالخارج أخبارا وبيانات وشائعات كاذبة حول الأواضع الداخلية للبلاد، بأن بثوا عبر شبكة الإنترنت وإحدى القنوات الفضائية (قناة الجزيرة القطرية) مقاطع فيديو وصور وأخبارا كاذبة، بغية الإيحاء للرأي العام الخارجي بأن البلاد تشهد حالة من الاقتتال الداخلي وحربا أهلية بين مواطنيها، وكان من شأن ذلك إضعاف هيبة الدولة واعتبارها والإضرار بالمصالح القومية للبلاد.
وأكد قرار الاتهام، أن المتهمين جميعا أذاعوا أخبارا وبيانات وشائعات كاذبة، بثوها عبر شبكة «الإنترنت» وقناة الجزيرة، على النحو السالف بيانه، وكان من شأن ذلك تكدير الأمن العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة، وإلقاء الرعب بين الناس وإثارة الفتنة.
كما حازوا وسيلة من وسائل التسجيل والعلانية بأن أحرزوا أجهزة تصوير وبث وأجهزة نقل صوت وصورة، مخصصة لإذاعة المحتوى موضوع الاتهامات، وأحرزوا أيضا، بقصد العرض، صورا غير حقيقية عن الأوضاع الداخلية للبلاد من شأنها الإساءة لسمعتها.
وأشار إلى أن المتهمين من السابع عشر حتى العشرون بأمر الإحالة، اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة، مع المتهمين من الأول حتى السادس عشر، في ارتكاب الجرائم، بأن اتفقوا معهم على ارتكابها، وساعدوهم بأن أمدوهم ببعض من المواد الإعلامية وأجروا عليها تعديلات بالحذف والإضافة، وبثها علانية عبر شبكة الإنترنت وقناة الجزيرة.