رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا كسبنا وماذا خسرنا؟!


يقوم الإنسان السوي بعملية جرد ليلية لما فعله بالنهار مع غيره من الناس، ويراجع أقواله ومواقفه، فيرضى أو يتألم، ينام بعد اللوم أو الرضا، قرير العين أو مؤرق، وكذلك تفعل الشعوب العاقلة السوية، وفي الحالة المصرية، كان الجنون غالبا، والمراجعة ليست ليلية بل خارج حركة النجوم والأفلاك!


أظن أن العام الذي يسحب حقائبه بعد ساعات موليا هو أفضل الأعوام منذ خراب ٢٠١١، وأظن وصف الخراب هو أقل ما يمكن نطقه، لأن المصريين كلهم، يقارنون ويتألمون!

في ٢٠١٤، كسبنا مصر وخسرنا أربع سنوات، أهلكناها وأهلكتنا، في رغي وعداوات وتصنيفات، وفي القلب، سقط شهداء ومصابون، أبطال وعظماء في الجيش وفي الشرطة، ومن المواطنين، ولم تذهب أرواحهم سدى، فقد انتصرت الوطنية المصرية على العمالة والمرتزقة، من العواطلية، وتجار الدين، وتجار الإعلام، وكتيبة المظلات الأمريكية بوجوهها السمجة اللزجة وسمومها المقرفة، وانحسرت الألسنة المنقوعة في الخيانة، وفي العمالة، إلا نفر ونفرات معروفين ومعروفات، وحسابهم العسير آت آت!

كسبنا مصر وخسرنا الوقت الثمين، ومع ذلك فإن عملية فرز جرت، انكشفت فيها الأدوار، وبان مشعلو الحرائق، واسترد محترمون اعتبارهم الوطني والمهني، بعد حصار نفسي شديد الوطأة، بلغ حد محاربة الرزق ومنعه، لولا إشراف في المهنة، وفي غير المهنة، وفي الأولى الكاتب الكبير المحترم عصام كامل رئيس التحرير، وفي الثانية الدكتور سامي الشريف عميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة، ورئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق.

لم أكن ضد التغيير ومحاربة الفساد بل سبقت في ذلك، لكن كنت وسأبقى ما حييت، ضد هدم الدولة وتقسيم الوطن، وهو ما ظهر من يوم ٢٨ يناير٢٠١١!

أحلى ما فيكِ يا مصر ٢٠١٤، هو انتخاب رئيس جمع شوارد القلوب، وحارب ضلالات العقول، وأنار بعاطفة جياشة ظلمات النفوس.

أقولها من قلبي، لأني أحبه؛ لوطنيته، وأقولها بقوة؛ لأن تاريخي يخلو من نفاق، والحمد لله.. نشعر جميعا بأن المركب يمضي والربان واثق، وهناك كلاب وذئاب على الشواطئ، سنطعمها حسرة ومرارة وقنوطا، بوحدتنا حول العلم الوطني، علم بلادي العزيز، وستنقلب فلول الخونة والإرهابيين إلى جحور مظلمة.

هو عام جميل، رغم سرادقات الحزن، ومواكب الجنازات، ورغم الطعنات، هو عام ينحني فيه العالم لمصر يونيو، الطاهرة، التي استردت الهوية والشخصية الأصيلة!

ياه، كم استغربنا أنفسنا!، كم تعجبنا لألسنتنا، ووجوهنا، وتصرفاتنا!، وكم زعلنا من بذاءة حروفنا!، وكم روعتنا السرقات والاغتصابات، والقسوة الطارئة علينا!

نحن لم نكن نحن.
٢٠١٤، هو عام استرداد الذات المصرية، بهدوئها إلا قليلا، بأخلاقها إلا قليلا، بحنانها إلا كثيرا.. أحبك يا دي السنة، وأوصِ بنا أختك القادمة المتغندرة!
الجريدة الرسمية