رئيس التحرير
عصام كامل

الوداع.. فاليوم نفترق!


اللقاء والفراق من سنن الكون.. من قواعد الحياة الثابتة.. نشأنا عليها وسنتركها وهي دستور البقاء على كوكب الأرض.. ويظل المهم على الإطلاق القدرة على المصارحة مع النفس قبل القدرة على المصارحة مع الآخرين..

واليوم نعترف.. بكل ما أوتينا من مصارحة وصراحة.. حيث سنعترف بما لا يمكن الاعتراف به.. وسنتحدث اليوم أو بما لا يمكن الاعتراف بما كان منها وما رأيناه عليها.. فقد التقينا قبل عام بالتمام والكمال.. وبغير تجريح يمكنني القول إننا وجدنا فيها ومنها كل المتناقضات.. لا تعرف ماذا تريد بالضبط. 

فمثلا.. قد توعد وتخلف.. قد تقترب لتمنحك شيئا ما ثم تجد غير ما تصورت منها.. لا تستقر على رأي واحد ولا تبقى طويلا كما هي.. وفي لحظات تراها ضاحكة مبتهجة ولحظات أخرى تراها مضحكة إلى حد البؤس! إذا حاولت أن تتركها بحكم التجربة يائسا مستسلما لقضاء الله، ولا تنتظر منها شيئا جاءت خلفك.. تغريك بما يغري.. وتفتح لك حوارا جديدا لموضوع جديد لم يكن يخطر لك على بال.. بينما تغلق لك وفي الوقت نفسه حوارا قديما لموضوع قديم كان لك كل المنى!

وبين يوم ويوم لا تعرف لها وصفا ولا توصيفا.. هل هي تقصد ذلك؟ أم أنها أخفت شيئا ما سيتضح في القريب؟ ننتظر؟ هل طول العمر يبلغ الأمل فعلا؟ هل قدر الله لنا شيئا آخر؟ وهكذا.. تساؤل وراء آخر يؤكد لنا أننا لم نفهمها منذ البداية.. ونفهم منها ومعها أمرا واحدا.. أن كل يوم يمر ينقص من الحياة معها.. وأن الوداع سيجيء لا محالة.. وفراقها قادم قادم.. فلا تستقيم الحياة بين سوء تفاهم دائم.. أو للدقة سوء تفاهم شبه دائم.. يوم حلو ويوم مر.. ومع فرصة تلو الفرصة.. ومع أمل فيها ومنها بعد أمل.. يقترب يوم رحيلها عن حياتك لتكن بعد اليوم ذكرى ليس إلا.. لا تتذكر منها إلا الضحك والابتسام وأياما جميلة وأياما أخرى على النقيض..

وتحاول أن تنسى ما كان معها من حزن وألم.. أو تنقل ما كان معها من أحلام زاهرة إلى عطاء جديد.. ويبقى في الأفق غيرها بإذن الله.. فالزمن لن يتوقف عندها بأي حال.. أدعو الله أن يغفر لنا ما فعلناه بها، وأن يبارك لنا ما زرعناه فيها..

إنها 2014 التي ستنتهي اليوم، وعلينا أن نقول لها وداعا بما كان فيها ومنها.. يسرا أو عسرا.. وداعا عام يسقط اليوم من شجرة الزمن ليلتئم بشجرة التاريخ، وهكذا سنة الحياة!
الجريدة الرسمية