رئيس التحرير
عصام كامل

ننشر حيثيات الحكم بإلغاء الاحتفال بـ "مولد أبو حصيرة".. "القضاء الإداري": شطب مقبرة الحاخام اليهودي من سجل الآثار.. ليس لليهود تأثير على الحضارة المصرية.. ونقل الرفات يخالف الشريعة الإسلامية


أصدرت محكمة "القضاء الإداري" بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، حكمًا حسمت فيه قضية مقبرة الحاخام اليهودي "يعقوب أبو حصيرة"، وطبقت المحكمة كما ورد في حيثياتها، الثوابت العلمية والتاريخية والأثرية التي اتفقت على أن اليهود لم يكن لهم أي تأثير يذكر في الحضارة المصرية.


خطأ تاريخي
وأكدت حيثيات الحكم إلغاء قرار وزير الثقافة رقم 57 لسنة 2001، فيما تضمنه من اعتبار ضريح الحاخام اليهودي يعقوب أبو حصيرة والمقابر اليهودية الموجودة حوله والتل المقام عليه بقرية ديمتوه بدمنهور بمحافظة البحيرة، ضمن الآثار الإسلامية والقبطية لانطوائه على خطأ تاريخي جسيم يمس كيان تراث الشعب المصري، وبإلزام الوزير المختص بشئون الآثار بشطب هذا الضريح من سجلات الآثار الإسلامية والقبطية، لفقدانه الخصائص الأثرية بالكامل، وإلزامه كذلك بنشر قرار الشطب بالوقائع المصرية.

وبإلزام الوزير المختص بشئون الآثار بإبلاغ اللجنة الدولية الحكومية "لجنة التراث العالمي" بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو" بشطب هذا الضريح من سجلات الآثار الإسلامية والقبطية تطبيقا للاتفاقية الدولية الخاصة بحماية التراث العالمي الثقافى والطبيعى والقانون المصري، وإعمالا لمبدأ السيادة على الإقليم المصري الكائن به هذا الضريح على أن يكون ذلك الإبلاغ مشفوعا بترجمة معتمدة من الصورة الرسمية من حكم هذه المحكمة باعتباره الوثيقة والسند لهذا الإبلاغ.

وبرفض طلب إلزام الجهة الإدارية بنقل هذا الضريح إلى إسرائيل استنادا إلى أن الإسلام يحترم الأديان السماوية وينبذ نبش قبور موتاهم، ودون الاستجابة للطلب الإسرائيلي المبدى لمنظمة اليونسكو بنقل الضريح إلى القدس إعمالا لقواعد القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى واتفاقية جنيف الرابعة واللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لاهاي، باعتبار أن القدس أرض محتلة لا ترد عليها تصرفات الدولة الغاصبة وتخرج عن سيادتها وتلافيا لإضفاء شرعية يهودية الدولة بتكريس سلطة الاحتلال الإسرائيلي بتواجد هذا الضريح على أرض فلسطين العربية.

وشددت الحيثيات، على إلغاء إقامة الاحتفالية السنوية لمولد الحاخام اليهودي يعقوب أبو حصيرة بصفة نهائية لمخالفته للنظام العام والآداب وتعارضه مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها، وذلك كله على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

وقالت المحكمة في الطلب الأول الخاص بإلغاء قرار وزير الثقافة رقم 57 لسنة 2001، باعتبار ضريح الحاخام اليهودي يعقوب أبو حصيرة من الآثار الإسلامية والقبطية: إن المشرع الدستوري كان حريصا كل الحرص على مصريته في التاريخ القديم وجعل من تراث مصر الحضاري والثقافى المادى والمعنوى بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى ثروة قومية وإنسانية، وحدد في صراحة ووضوح أن الحضارة المصرية تتمثل في المصرية القديمة والقبطية والإسلامية، وهو ما ردده أيضا المشرع العادي سواء في نصه القديم أو الجديد، ومن ثم لا يجوز إضافة مراحل أخرى للتراث المصري غير تلك التي عناها المشرع ورمى إليها.

ليس مصريا
وأضافت أن المشرع اشترط ثلاثة شروط جوهرية لتعريف الأثر والقاسم المشترك بينها، هو أن يتخذ الشيء المراد اعتباره أثرا من التاريخ القديم حتى ما قبل مائة عام مظهرا من مظاهر الحضارات التي أقيمت على أرض الكنانة مصر أو كانت له صلة تاريخية بها، وكذلك رفات السلالات البشرية المعاصرة لها مما أنتجته الحضارات التي قامت على أرض مصر، فإن لم يتخذ مظهرا من مظاهر الحضارات التي أقيمت على الحيز المكاني لأرض مصر ولم تكن له صلة تاريخية بها، فلا يمكن اعتباره من عداد الآثار وفقا للقانون المصري وينحسر عنه وصف الأثر، ذلك أن اعتبار شيء مما أنتجته الحضارات يمثل كيانا حضاريا لشعب من الشعوب يجب أن يتعلق بتاريخ وحضارة هذا الشعب أو مقدساته الدينية مما له قيمة معينة للأمة.

وذكرت المحكمة في الطلب الأول، أن الدراسات التاريخية والأثرية التي قام بها العلماء والمؤرخون في العالم خاصة العلماء الفرنسيين والألمان والإنجليز والإيطاليين، انتهت إلى أن اليهود كانوا أقلية ضئيلة في مصر الفرعونية، ولم يكن لهم شأن يذكر في مصر القديمة، ذلك أن الآثار المصرية قد خلت من ذكر اليهود وقد خلت جدران المعابد من ثمة دليل على أن اليهود كان لهم شأن يذكر في مصر القديمة.

وأضافت أن تاريخ إسرائيل يبدأ من نحو سنة 2000 قبل الميلاد بهجرة إبراهيم عليه السلام وأتباعه إلى أرض كنعان؛ حيث أقاموا بها بجانب الشعوب السامية الأخرى، وأنهم كانوا يعيشون على شكل قبائل رحل في الخيام وترعى الخنازير والأغنام، وعندما حل القحط بها رحلوا منها إلى مصر الفرعونية لا كغزاة فاتحين وإنما كلاجئين من جدب كنعان، وحطوا رحالهم في حوش - في محافظة الشرقية - ووجدوا في مصر ضيافة كريمة وحرية واسعة واشتغلوا في رعاية الماشية وكانوا أقلية، وكانت مدة إقامتهم في مصر لم تزد على مائتي عام، حسبما جاء في التوراة، أو على الأكثر لم تزد على أربعمائة عام وفقا للرأي الغالب لعلماء التاريخ والآثار، حيث إن مجيئهم لمصر كان أثناء غزو الهكسوس لمصر نحو 1650 قبل الميلاد وخرجوا منها بعد أن ذاقوا ألوان العذاب بسبب قيامهم بسلب المدن المصرية إذ سلبوا آنية الذهب والفضة والملابس الثمينة للمصريين كما جاء في سفر الخروج 12:25:26، وذلك على مرحلتين الأولى في عهد رمسيس الأول عام 1250 قبل الميلاد، والثانية بزعامة موسى عليه السلام في عهد الملك منفتاح الأول عام 1225 قبل الميلاد خرجوا ليتيهوا في صحراء سيناء إلى أن وصلوا إلى الضفة الشرقية من أرض كنعان.

تطهير الآثار
وأضافت المحكمة في الطلب الأول، أنه خلال مدة إقامة اليهود في مصر الفرعونية لم يثبت التاريخ أنهم كانوا قوم حضارة قط بل كانوا متنقلين يعيشون في الخيام ويرعون الأغنام وقت أن كانت مصر درة الأكوان، ولم يتركوا أثناء إقامتهم في مصر القديمة ثمة أثر يذكر، وبهذه المثابة فإن كل ما له صلة أو رابطة باليهود لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتباره من الآثار المصرية أو القبطية أو الإسلامية، وإلا عد ذلك تزييفا للتاريخ الفرعونى وإهدارا للحضارة المصرية القديمة والقبطية والإسلامية وإنكارا للتراث الإنسانى ويكون لزاما على المحكمة وهي قاضي المشروعية، أن تنهض إلى تطهير الآثار المصرية من هذا الضريح والمقابر اليهودية الموجودة حوله.

وأكدت أن قرار وزير الثقافة آنذاك - في يناير 2001 - مخالف للدستور والقانون مخالفة جسيمة تصل به إلى حد العدم لانطوائه على خطأ تاريخي جسيم يمس كيان تراث الشعب المصري الذي هو ملك لأجيال الأمة وليس ملكا لأشخاص الحكام، كما ينطوى على إهدار فادح لما انتهجه المشرع المصري من عدم اعترافه بأي تأثير يذكر من اليهود إبان إقامتهم القصيرة في مصر على أي شأن مما أنتجته الحضارات التي قامت على أرض مصر.

وأكدت المحكمة في الطلب الأول أيضا، أن آثار الشعوب ملك لتراثها ولا يمكن اعتبار ضريح الحاخام اليهودي يعقوب أبو حصيرة والمقابر اليهودية الموجودة حوله من الآثار الإسلامية والقبطية، إذ لم يكن لتلك المقابر قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية حيث إنها ليست من مظاهر الحضارات المختلفة التي قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها، كما لا يجوز اعتبارها من رفات السلالات البشرية لعدم معاصرة أصحابها للحضارة المصرية في مختلف عصورها التاريخية.

وأوضحت المحكمة، أنه إذ لم يكن لليهود ديانة وشعبا أي تأثير يذكر على الحضارة المصرية في مختلف عصورها ولم يكن للحضارة اليهودية بصفة عامة والديانة اليهودية بصفة خاصة، أي تأثير مباشر أو غير مباشر على الحضارة المصرية القديمة ولا علاقة لهم بفنون الحضارات المختلفة إذ أن الأثر الديني عند أي شعب من الشعوب لابد أن يكون متعلقا بمعتقدات وديانة هذا الشعب أو على الأقل بفئة منه ذات وجود معتبر، ولم يثبت تاريخيا وأثريا أن اليهود قد مارسوا هذا الدور في أي مرحلة من مراحل التاريخ المصري القديم منه والحديث، وبالتالى فهذا الضريح والمقابر اليهودية الموجودة حوله هي مجرد مدافن عادية لأشخاص عادية مما يكون معه قرار وزير الثقافة مخالفا للدستور الذي لم يعترف بأي تأثير يذكر لليهود على الحضارة المصرية. 

بغير قناعة
كما أشارت المحكمة في الطلب الأول أيضا، إلى أنه قد تلاحظ لديها أن وزير الثقافة أصدر قراره باعتبار ضريح أبو حصيرة من الآثار الإسلامية والقبطية في 24 يناير 2001 أي بعد رفع الدعوى بستة أيام، مما ينبئ عن أنه لم يصدر قراره بقناعة من الدولة التي يعبر عنها بحكم مسئوليته السياسية في منصبه بكونه أثرا حقيقيا في الدستور والقانون وإلا لكانت الدولة قد أصدرت مثل هذا القرار فيما مضى والضريح مقام منذ زمن، لا أن ينتظر الوزير المذكور بضعة أيام معدودات من إقامة الدعوى وبمناسبة رفعها فيصدر قراره الطعين، وما صدر ذلك منه إلا بقصد غل يد المحكمة عن إعمال رقابتها القضائية التي أناطها بها الدستور والقانون لتزن قرار الوزير الذي يمثل جهته الإدارية بميزان الحق والعدل قاصدا إضفاء الشرعية على ذلك الضريح مجاملة منه للكيان الصهيوني، وتعجبت المحكمة كيف يكون الأثر إسلاميا وقبطيا حال كون ديانة صاحبه يهودية؟، ما يثير فتنة بين الديانات، فمن ثم يكون مصدر القرار قد تنكب وجه المصلحة العامة التي يجب أن يبتغيها القرار الإداري ويكون باعثه لم يمت بصلة للمصلحة العامة ويعد دربا من دروب تعمد مخالفة القانون مع التظاهر باحترامه مما يشوبه بعيب الانحراف بالسلطة. 

واختتمت المحكمة الطلب الأول بقولها إنها استبحرت في فكر علماء التاريخ والآثار المتخصصين على مستوى العالم وما تحملته في سبيل ذلك من كلل مضن دون ملل - فالتعرف على حضارات الشعوب ليست بالأمر الهين - للوصول إلى نقطة البحث الشائكة بقدر ما هي شائقة، ليكون الأمر على رقعة واسعة من المعرفة العلمية القانونية السديدة وتتسح على أديمها بخطوات فتية لا يتسع فيها حكم قضائي عن لم شتاتها حجما وكلفة، ولم تجد المحكمة مصرفا عن اجتزاء بعض مضامينها حتى تبقيها في إطار يقينها ولا تحرم المعرفة القانونية من تاريخ البشرية لتفاصيل تهواها بقناعة المتن بفحواها، وأنه كان أمام أعينها ما انتهت إليه البعثات الأثرية التي قام بها نخبة من مختلف جنسيات العالم في ربوع أرض مصر المختلفة عبر قرن من الزمان من اكتشاف وتحليل وتفسير أوراق البردى والأوستراكا والنقوش والنصوص الكلاسيكية التي عثروا عليها لبحث عما إذا كان لليهود ثمة قيمة حضارية أقيمت على أرض مصر أم لا؟

وتوثق المحكمة من علماء التاريخ والآثار الفرنسيين أمثال: جان إيف إمبرير، والأخوين أندريه برناند وايتيان برناند، وجاستون كازانوفا، وجان ماسبيرو، ومن العلماء الألمان: كلاوس بارلاسكا، وكورت فايتسمان، وفون رانكا، ومن العلماء الإيطاليين: جوزيف بوتى، واريستيد كالدرينى، وجاكومو لامبروزو، واخيل أدريانى، ومن العلماء الإنجليز: ألان ويس، ألان رو، ألان جاردينر، وجيمس هنرى برستيد، وسير هنرى وليكينسون، وبيتر مارشال فريزر وغيرهم آخرين. 

الطلب الثاني
وعن الطلب الثانى الخاص بإلزام وزير الآثار بشطب ضريح الحاخام اليهودي يعقوب أبو حصيرة والمقابر اليهودية الموجودة حوله من سجلات الآثار الإسلامية والقبطية، وإلزامه كذلك بنشر قرار الشطب بالوقائع المصرية.

قالت المحكمة في الطلب الثاني إنه لما كان أصول الإنسان يارتبطت بأرضه وامتزجت بتراب وطنه فأينعت حضارة يزهو بها المصريون على مر العصور تيها وفخرا على العالمين، أسبغ فيها الإنسان المصرى عبقرية على المكان أضحت مزارا يسعى إليه للتعرف على جوانب إشراقاته، فإن المشرع المصرى أوجب شطب الأثر إذا ما فقد خصائصه الأثرية بالكامل، كما ألزم المشرع بنشر قرار شطب الأثر بالوقائع المصرية، حفاظا على التراث المصرى وحمايته من كل دخيل عليه.

وأضافت المحكمة في الطلب الثاني، أنه عن الجهة المختصة بتنفيذ ذلك الشطب والنشر في الوقائع المصرية فقد كان يتعين إلزام وزير الثقافة بصفته رئيس المجلس الأعلى للآثار بتنفيذ ذلك الحكم، إلا أنه تكشف للمحكمة أنه بعد ثورة 25 يناير 2011 فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أصدر قراره رقم 283 لسنة 2012 باستبدال عبارة الوزير المختص بشئون الآثار بدلا من وزير الثقافة بشأن المجلس الأعلى للآثار، ومن ثم فإن الاختصاص قد انتقل من وزير الثقافة إلى الوزير المختص بشئون الآثار، بعد أن أسندت إلى الأخير رئاسة المجلس الأعلى للآثار بكافة الحقوق والالتزامات، واستنادا إلى قرار المجلس العسكري أصدر رئيس الجمهورية الحالى قراره رقم 189 لسنة 2014 بتشكيل الحكومة وتعيين مجلس الوزراء متضمنا تعيين وزيرا للآثار والتراث، أعقبه قرار جمهوري آخر برقم 193 لسنة 2014 باستبدال عبارة وزير الآثار بعبارة وزير الآثار والتراث، وبهذه المثابة يكون وزير الآثار هو المختص بشطب الضريح ونشره بالوقائع المصرية.

إبلاغ اليونسكو
وعن الطلب الثالث بإلزام وزير الآثار بإبلاغ اللجنة الدولية الحكومية "لجنة التراث العالمي" بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو" بشطب هذا الضريح من سجلات الآثار الإسلامية والقبطية، على أن يكون الإبلاغ مشفوعا بترجمة معتمدة من الصورة الرسمية من حكم هذه المحكمة باعتباره الوثيقة والسند لهذا الإبلاغ.

قالت المحكمة في الطلب الثالث: إن حرص المشرع الدستورى على جذوره الحضارية الضاربة في أعماق التاريخ التي كان من نتاجها استواء الحماية على الآثار التي هي في الحقيقة والواقع الأدلة الثابتة على عراقة هذا الوطن والشواهد على عبقرية الإنسان والمكان ولم يكن المشرع المصرى بمعزل عن الحركة الأثرية في العالم التي تمثلت في باكورة اهتمام العالم بالتراث بإبرام الدول الأعضاء الاتفاقية الخاصة بحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى التي أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة " " في دورته السابعة عشر التي عقدت في باريس 16 نوفمبر عام 1972 التي صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1965 لسنة 1973 في 30 ديسمبر 1973 بالموافقة عليها والتصديق عليها في 2 يناير 1974، وصدر قرار وزير الخارجية في أول أكتوبر 1978 بنشرها في الجريدة الرسمية، ومن ثم أضحت أحكام تلك الاتفاقية في نسيج التشريعات الوطنية إعمالا للدستور الذي ألزم الدولة بالاتفاقيات التي صدقت عليها مصر.

وأضافت المحكمة في الطلب الثالث، أن المبدأ الحاكم الذي استنته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" في المعاهدة الدولية المشار إليها أن الدولة التي يقع في إقليمها التراث الثقافى والطبيعى بحكم ما لها من سيادة هي التي تقرر ما يعتبر أثرا وما لا يعد كذلك، فإن اعتبرت الشيء أثرا وجب حمايته ليس فقط على الدولة التي يقع في إقليمها الأثر، وإنما يقع هذا الالتزام على غيرها من الدول احتراما وتقديرا للآثار التي تتمتع بصفة كونها تراثا إنسانيا، أما إذا اعتبرت الدولة أن الشيء ليس أثرا فإنها يتوجب على المنظمة الدولية وسائر الأعضاء الأطراف شطبه وعدم الاعتراف به احتراما لمبدأ أصيل في القانون الدولى هو احترام سيادة الدولة. 

وأضافت أن المشرع المصرى أوجب إبلاغ قرار شطب الأثر في حالة فقدانه الخصائص الأثرية بالكامل للجهات التي سبق أن أبلغت بتسجيله أثرا ويثبت ذلك الإخطار على هامش تسجيل الأثر بالمجلس، ومن تلك الجهات بلا ريب اللجنة الدولية الحكومية "لجنة التراث العالمي" بمنظمة اليونيسكو.

وتابعت "ولما كان وزير الثقافة الأسبق الذي أصدر القرار عام 2001 أخطر منظمة اليونيسكو باعتبار ضريح أبو حصيرة أثرا إسلاميا وقبطيا وقيد لدى المنظمة الدولية برقم 16 نسبة إلى انتماء صاحبه لليهودية واعتبرته تراثا عالميا - وهو ما لم تنكره الجهة الإدارية أو تقدم ما ينقضه - مما يتعين معه الحكم بإلزام وزير الآثار بإبلاغ لجنة التراث العالمي بتلك المنظمة بشطب هذا الضريح من سجل الآثار الإسلامية والقبطية تطبيقا لأحكام التفاقية الدولية الخاصة بحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى وإعمالا لمبدأ السيادة على الإقليم المصرى الكائن به هذا الضريح على أن يكون الإبلاغ مشفوعا بترجمة معتمدة من الصورة الرسمية من حكم هذه المحكمة باعتباره الوثيقة والسند لهذا الإبلاغ.

لا نقل إلى إسرائيل
وعن الطلب الرابع برفض طلب إلزام الجهة الإدارية بنقل هذا الضريح إلى إسرائيل، ودون الاستجابة للطلب الإسرائيلى المبدى لمنظمة اليونسكو بنقل الضريح إلى القدس.

قالت المحكمة في الطلب الرابع: إنه عن طلب نقل رفات الحاخام اليهودى أبو حصيرة إلى إسرائيل، فإنها لما كانت مصر مهد الدين وراية مجد الأديان السماوية وكان الإسلام الذي هو دين الدولة المصرية بمبادئ الشريعة الغراء التي عدها المشرع الدستورى المصدر الرئيسى للتشريع، يحترم الأديان السماوية ويحترم موتاهم وينبذ نبش قبورهم بما يحمله ذلك من سماحة وسلام اأرسى دعائمها رسول الإنسانية محمد عليه الصلاة والسلام - الذي بعث للناس كافة ليتمم مكارم الأخلاق - بقوله "من أذى ذميا فأنا خصيمه يوم القيامة" رواه مسلم، كما أنه عندما مرت جنازة على الرسول الكريم فوقف احتراما لها فإذا بأحد الصحابة يقول له: "إنها جنازة يهودي" فقال له الرسول الكريم "أليست نفسا؟"، وهذا له دلالته الساطعة على أن الإسلام يسوي بين الموتى حينما وقف رسول الرحمة المهداة للعالمين احتراما لروح غير مسلم تصعد لبارئها وبغض النظر عن ديانة صاحبها، فضلا عن أن الإسلام أمر بحسن معاملة الطوائف غير الإسلامية من أهل الكتاب وعدم الإساءة إليهم وألا يضاروا في أنفسهم أو أموالهم، وآية ذلك أنه في عهد خليفة المسلمين الفاروق عمر بن الخطاب حينما فتح "بيت المقدس" أعطى لأهل الكتاب أمانا لأنفسهم وصلبانهم وكنائسهم لا تسكن كنائسهم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ولا من صليبها ولا يضارون في أنفسهم أو أموالهم.

وأضافت المحكمة في الطلب الرابع، أنها عقدت مقارنة بين الفقه والقضاء بين كل من فرنسا ومصر بصدد النظام القانونى للجبانات والمقابر وما ينتظمها من حقوق فإن الفقه الفرنسى ينظر إلى الجبانات والمقابر على أنها تراخيص لها صفة العقود الإدارية وتتسم بطابع الاستقرار لإقامة مدافن أو أحواش عليها، بينما يذهب القضاء الفرنسى إلى أن حق المرخص له في الانتفاع بجزء من أراضي الجبانات هو حق عيني عقارى موضوعه الانتفاع بالجزء المخصص في الأغراض المحددة في الترخيص بمراعاة أن رغبة الأسرة هي أن يستقر موتاهم في المكان الذي خصص لهم.

وأشارت إلى أن الترخيص بمثل هذا النوع من الانتفاع في مصر يرتبط باعتبارات ومعتقدات دينية وأعراف مقدسة عميقة الجذور في نفوس الكافة منذ فجر التاريخ، باعتبار أن القبر هو مأوى المرء وداره التي يوارى فيها بعد انتهاء رحلته الدنيوية، وكل ذلك أضفى على التراخيص بشغل أراضي الجبانات في مصر منذ وجدت طابعا من الثبات والاستقرار لا يزحزحه إلا إنهاء تخصيص المكان للدفن، وقلما يتم ذلك إلا فيما يتعلق بالجبانات التي بطل الدفن فيها ودست معالمها.

وأشارت المحكمة في الطلب الرابع، إلى أنه لما كان الإسلام يقف موقف المتسامح والسلام مع طوائف غير المسلمين من أهل الكتاب الذين ينعمون في مصر بكافة الحقوق والحريات العامة ومنها حرية العقيدة، وكان الإسلام هو دين الدولة، فإن نقل رفات الحاخام اليهودى يعقوب أبو حصيرة من مصر إلى إسرائيل يتعارض مع سماحة الإسلام ونظرته الكريمة لأهل الكتاب واحترام قبور موتاهم بحسبانها مأوى المرء أيا كانت ديانته بعد مماته وداره التي يوارى فيها بعد خلاص حياته الدنيوية، وإذ خلت الأوراق من ثمة حجة قانونية أو ضرورة ملجئة تقتضي نقل هذا الرفات إلى إسرائيل فمن ثم يغدو هذا الطلب غير مستند إلى أساس سليم مما يتعين رفضه.

وأكدت المحكمة أنه عن عدم الاستجابة للطلب الإسرائيلي المبدى لمنظمة اليونيسكو بنقل رفات الحاخام اليهودى أبو حصيرة من مصر إلى القدس - وهو ما لم تنكره الحكومة المصرية أو تقدم ما يدحضه أو تعقب عليه - فإن بحثه يتطلب من المحكمة بداية، التعرف على قواعد القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى والاتفاقيات الدولية ذات الصلة لبحث ما إذا كانت الأرض المطلوب نقل الرفات إليها هي أرض ملك دولة إسرائيل أم أنها أرض مغتصبة تحت نير الاحتلال؟

وقالت المحكمة في ذلك إن المستقر عليه دوليا ومنذ الاحتلال الإسرائيلى للقدس الفلسطينية للجانب الغربى منها عام 1948 والجزء الشرقى منها عام 1967، أن سلطة الاحتلال الإسرائيلي دأبت على الاستيطان بها وتهويدها بالمخالفة لمبادئ القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، وآيته أن معظم السواد الأعظم من أعضاء المجتمع الدولى انتهى إلى أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة - خاصة القدس الشرقية - تمثل خرقا لقواعد القانون الدولى، وانتهت منظمة الأمم المتحدة إلى أن بناء إسرائيل لتلك المستوطنات يشكل انتهاكا لأحكام المادة 49 في فقرتها السادسة من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على القوة المحتلة نقل مجموعات من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها، وقد تبنى مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة القرار رقم 448 في مارس 1979 واعتبرها غير قانونية، بل أصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا عام 2004 انتهت فيه إلى أن بناء تلك المستوطنات غير شرعية وهو ما أعلنه الأمين العام للامم المتحدة ذاته بان كى مون في أبريل 2012 حيال النشاط الاستيطانى لسلطات الاحتلال الإسرائيلية، فضلا عن انتهاكها لقواعد القانون الدولى الإنسانى خاصة المادة 53 من معاهدة جنيف الرابعة التي تحظر تمدير الممتلكات الخاصة، إلا إذا اعتبرت ضرورة للعمليات العسكرية وانتهاكا للمادة 46 من اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لاهاى التي نصت على أنه ينبغي احترام شرف الأسرة وحقوقها وحياة الأشخاص والملكية الخاصة وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية، ولا تجوز مصادر الملكية الخاصة والمادة 55 التي نصت على أنه لا تعتبر دولة الاحتلال نفسها سوى مسئول إداري ومنتفع من المؤسسات والمبانى العمومية والغابات والأراضي الزراعية التي تملكها الدولة المعادية التي توجد في البلد الواقع تحت الاحتلال وينبغى عليها صيانة باطن هذه الممتلكات وإدارتها وفقا لقواعد الانتفاع.

وأضافت المحكمة في ذلك، أنه في ضوء ما تقدم من نصوص للمعاهدات السالفة وما صدر عن أجهزة منظمة الأمم المتحدة يبدو جليا أن القدس هي أرض فلسطين وأن سلطة إسرائيل عليها هي سلطة احتلال ويكون القصد من طلب الجانب الإسرائيلى لمنظمة اليونيسكو لنقل رفات رجل دين يهودى لتهويد القدس العربية، وإضفاء شرعية دولية على أن القدس عاصمة إسرائيل وهى في الحق والعدل وطبقا لقواعد القانون الدولى - على نحو ما سلف - عاصمة فلسطين ومما لا مرية فيه أن مثل هذه المستوطنات تنال من حق الدولة الفلسطينية المستقبلية في السيادة والاستقلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحق شعبها الأصيل مثله مثل كافة الشعوب في تقرير مصيره، وبهذه المثابة فإن الأرض - القدس - محل الطلب الإسرائيلى المبدى لمنظمة اليونيسكو لنقل رفات الحاخام اليهودى إليها هي أرض مغتصبة من سلطة الاحتلال الإسرائيلى والأرض المحتلة لا ترد عليها تصرفات الدولة الغاصبة ولا تدخل في سيادتها ولا يكسبها ذلك حقا مهما طال الزمان ولا يجوز - والحال كذلك - نقل الرفات إليها.

كما أشارت المحكمة كذلك، إلى أن الاستجابة لطلب إسرائيل المبدى لمنظمة اليونيسكو بنقل رفات الحاخام اليهودى يعقوب أبو حصيرة من مصر إلى القدس ليكون مزارا دينيا في أرض فلسطين العربية تعد محاولة منها لأن تعتبر نفسها المتحدث الرسمي الوحيد بلسان الديانة اليهودية فتتحول بذلك من كائن سياسي إلى كائن ديني، وهو الأمر المحظور دوليا وينجلي الهدف من لجوئها لمنظمة اليونيسكو للسعى إلى إحراز انتصار معنوى على مصر ردا على هزيمة أكتوبر 1973، فهي تريد أن تدير صراعا من نوع جديد في المنطقة وهو الصراع الحضاري بعد أن عجزت عن حسم الصراع عسكريا بانتصار مصر في أكتوبر المجيد وهو ما يجب أن تفطن إليه المنظمة الدولية وتتنزه عنه، ولا مرية في أن الادعاء إلى الترهيب بمعاداة السامية - وهو نوع من الترويع الفكري الجديد - أمر ترفضه الأعراف والتقاليد الدولية.

وقد أعملت المحكمة مادار في وجدانها باعتبارها رمزا من رموز العدالة في مصر بأنها تنشد أن تمتد روح العدالة والقانون بحيث تستظل شعوب العالم وتنعم بالعدل وقيمة القانون، وأنه لا يفوتها أن تشير إلى أن سلطة الاحتلال الإسرائيلى اتبعت - ولاتزال - سياسة التطهير العرقى للمناطق التي كانت تستولى عليها من مواطنيها الفلسطينيين بهدف إيجاد مجتمع متجانس عرقيا يقتصر على اليهود على أساس تكريس وتبرير العنصرية الأيديولوجية الإقصائية وإلغاء الوجود الفلسطينى وإخراجه من سياق التاريخ، ولم تستطع منظمة الأمم المتحدة ولا الدول الكبرى إيجاد حل عادل حتى الآن.

وأشارت إلى أنه إذا لم تجد قواعد القانون الدولى الاحترام الواجب من المنظمة المنوط بها تطبيق أحكامه فقد أضحى تناقضا في دور تفعيل قواعد القانون الدولى في الجماعة الدولية، ذلك أنه قد اتسع قانون البشرية المشترك وتخطت دائرة قانون الأمم المتحدة في انفراجها كل ما عرفه التاريخ، ومع ذلك فإن ثقة البشر في جدوى القانون الدولى وفعاليته في حل مشاكلهم ثقة بدأت تتناقص يوما بعد يوم.

وأوضحت أن ما يحدث من الاحتلال الإسرائيلى في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي لا يفتأ أن ينال من هيبة القانون الدولى مما تهتز فيه القيم الأخلاقية في العالم، في حين أن وحدة البشرية في السلام والأخوة والحرية تتطلب دعامة من الأخلاق قوية، ولابد للعالم من أن يهدهد من خلافاته المذهبية وأن يدفن أحقاده العنصرية ومن غير تطبيق عادل لقواعد القانون الدولى لفلسطين فسيبقى المجتمع الدولى بأسره مهددا بأزمة أخلاقية مصيرية لا دافع لها إلا بتطبيق عادل وصحيح لقواعد القانون الدولى، وبغير قيام منظمة الأمم المتحدة والدول الكبرى المتمدينة ببسط قواعد العدل والإنصاف لشعب فلسطين فلن تحقق جهود تلك المنظمة الدولية للإنسان قدرا أكثر من الحرية بقدر ما يكبلهم بمزيد من قيود العبودية.

وتابعت: "مما لا ريب فيه أن تقديم طلب نقل رفات الحاخام اليهودى أبو حصيرة من مصر إلى القدس لمنظمة اليونيسكو هو إجراء أحادى الجانب وتجاهل للسلطات المصرية الرسمية المختصة، وهو ما يعد التفافا على التزامات إسرائيل الدولية واستخداما منها لمنظمة دولية لنقل رفات رجل يهودي لتكريس مفهوم يهودية الدولة على أرض فلسطين التاريخية لتكون شاهدة عليها، الأمر الذي تفطن فيه المحكمة بالغرض غير المشروع للاستجابة لطلب نقل رفات الحاخام اليهودي إلى القدس".

إثارة الفتن
وعن الطلب الخامس والأخير بإلغاء إقامة الاحتفالية السنوية لمولد الحاخام اليهودي يعقوب أبو حصيرة بصفة نهائية، قالت المحكمة في الطلب الخامس والأخير إن المشرع الدستوري كفل حرية العقيدة وكذلك حرية ممارسة الشعائر الدينية، فالدستور المصرى يحمى هذه الحريات مادام أنها لا تخل بالنظام العام ولا تنافى الآداب، فضلا عن تمتع الطوائف غير الإسلامية من أهل الكتاب بحرية القيام بممارسة شعائرها الدينية وهذا يرجع إلى سماحة الدين الإسلامي والتفهم الواعي لحرية العقيدة التي حرصت مصر على تقريرها وإعلانها في كل مناسبة، غير أن التمتع بحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة الاحتفال لها يلزم أن تتم مظاهره في بيئة محترمة تتفق مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها وألا تكون سببا في الاحتكاك بين الطوائف الدينية وإثارة الفتن بينها.

وأضافت المحكمة في الطلب الخامس، أن الثابت بالأوراق أن الاحتفال السنوى المقرر لمولد الحاخام اليهودى يعقوب أبو حصيرة - وهو فرد عادى - وما يصاحبه من ممارسات أبرزها المدعى في صحيفة دعواه، وأضحت من قبيل العلم العام للكافة ودون أن تدحضها الجهة الإدارية تتمثل في قيام اليهود المحتفلين الزائرين لضريح أبو حصيرة والمقابر اليهودية التي حوله باحتساء الخمر وظهورهم بملابس خليعة وممارسات غير أخلاقية وارتكاب الموبقات والمحرمات بما يتعارض مع التقاليد الإسلامية الأصيلة، ومما لا شك فيه أن قيام مظاهر هذا الاحتفال على نحو يخالف التقاليد الإسلامية والآداب يشكل مساسا بالأمن العام والسكينة العامة ويمثل خروجا سافرا على ما تتمتع به الشعائر الدينية من وقار وطهارة.

وانتهت المحكمة في الطلب الخامس أن مظاهرالاحتفال بمولد الحاخام اليهودى أبو حصيرة تعد انتهاكا بما تتمتع به التقاليد المصرية من اداب الأمر الذي ينطوى على ايذاء الشعور الانسانى للمسلمين والاقباط على حد سواء خاصة وان المسلمين والمسحيين يرون مقدساتهم الإسلامية والمسيحية تنتهك في القدس دون مراعاة لما احتوته الاديان السماوية من قيم واحترام تمثل في التعرض الدائم لقوات الاحتلال الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك وما سبقه من قيام المتطرفين اليهود جماعة أمناء جبل الهيكل بوضع حجر أساس بشكل رمزى لبناء الهيكل اليهودى الثالث المزعوم بالقرب من باب المغاربة بحكم من المحكمة الإسرائيلية بالمخالفة لما استنته محكمة العدل الدولية وخرقا للشرعية الدولية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة،

وتابعت "على الرغم من أن القدس أرض محتلة وغير معترف - وفقا لقواعد القانون الدولى - بشرعية أي تصرف اسرائيلى فيها وهذا ما يثير مشاعر المسلمين بالمساس باقدس المقدسات الإسلامية بالحرم القدسى الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - وما تفعله سلطات الاحتلال الاسرائيلى من توسيع الاستيطان وهدم منازل الفلسطينيين،فضلا عن المجزرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في أكتوبر 1990 بإطلاقها النار على المصلين ومحاولة احراق المسجد الأقصى عام 1996، كما أن ما يحدث في القدس لا يثير مشاعر المسلمين فحسب بل يثير مشاعر المسيحيين أيضا في بيت لحم وبيت جالا وبيت جحود وما يمثله هذا الاعتداء الوحشى الذي لم يسبق له مثيل من قتل المدنيين والأطفال بقذائف الدبابات والصواريخ وطائرات الاباتشى وهدم المنازل فوق رءوس أهلها واقتلاع اشجار الزيتون وتدمير مشروعات البنية التحتية رغم ما تبذله مصر في صبر واناة كدعاة أمن وسلام، ولا حرب ودمار، ولا قهر واستعمار، الأمر الذي يكون معه إقامة تلك الاحتفالية في تلك الظروف والمناسبات مما يمس الأمن العام والسكينة العامة مما يتعين معه الحكم في الطلب الخامس بإلغاء تلك الاحتفالية السنوية بصفة نهائية لمخالفتها للنظام العام والاداب وتعارضها مع وقار الشعائر الدينية". 
الجريدة الرسمية