مصر تسترد سوريا!
لم أنظر يوما إلى بشار الأسد رئيس سوريا على أنه بائع جيد لتجارة الديمقراطية، بقدر نظرتي إلى المعارضة المسلحة السورية، بوصفها أداة عميلة، رخيصة، في مخطط غربي، يستهدف تقويض الجيش العربي السوري، وهدم أركان الدولة السورية العريقة الشقيقة، بل الحق أني كنت أتساءل طوال الوقت عن دور غريب لبعض الحكام العرب، أحبهم وأثمن أدوارهم مع مصر، في دعم وتسليح معارضة فيها إخوان ومتطرفون و"نوشتاء"، وعملاء، ولم أفلح قط في فهم ازدواجية المنهج، باعتبار أنهم يرفضون الدور ذاته للإخوان في مصر وفي ليبيا.
لقد صمد الأسد ثلاثة أعوام، تمزق فيها الجيش العربي السوري، وانشق عنه خونة، تحالفوا على وطنهم، وتعاملوا مع الأتراك ومع الأمريكان، وهو ما يصب في النهاية في حساب إسرائيل ومصالحها، ويقود لتدمير جيش سوريا، وعلو قبضة الجيش الصهيوني.
وقبل عدة أيام، تواترت أنباء سعيدة بوجود ابن عم بشار في القاهرة، في إطار دور مصري يحفظ لسوريا وحدتها، ويصون قوتها العسكرية، ذخيرة لأمتها العربية، وهو أمر بالتأكيد لم يسعد ممثلي هدم سوريا في مصر.
المؤسف أن إعلام جلا جلا، إعلام الجهلة، والمرتزقة، كان يصف ضحايا أو انتصارات أو انتكاسات الجيش السوري بأنهم من قتلى جيش النظام وكتائب الأسد، تماما كما كانوا يسمون الجيش الليبي كتائب القذافي، كأن المصدر مروج وصانع الأسماء واحد، ولو كانوا نجحوا، لا قدر الله في مصر، لقالوا جيش السيسي أو طنطاوي!
كسرتهم وفضحتهم ثورة الثلاثين مليونا في الثلاثين من يونيو، ومع استمرار المباحثات والتقارب المصري مع سوريا، وفي الخلفية ظلال روسية مؤثرة، ومع شحوب دور خليجي ناقم على بشار، أرى ثمة اتجاه لانفراج أمني في سوريا الشقيقة، يجهض المخطط الأمريكي التركي القطري، لتفتيت الجناح الشرقي للأمة العربية.
كنا نضيق بجبروت وطغيان صدام، لكن بلاده من بعده أشلاء، وكنا نضيق بأداء وأفكار القذافي ونصمه بالمخرف، لكن بلاده من بعده أجزاء، ونضيق ببشار "وارث أبيه"، لكن غالبية الشعب السوري أيدت رمز دولتها، حفاظا على وحدة الوطن، بأكثر مما هو حب للحاكم.
وقت الغرق، لا تسألني عن عقلية من ينتشلني من الموت، إذ لا أرى سوى ذراعيه الممدوتين ليرفعني من حضن الهاوية، ألتقط نسمة حياة!