رئيس التحرير
عصام كامل

حصاد 2014 في "حقوق الإنسان" المصري.. توفيق الأوضاع شوكة "التضامن" في ظهر المجتمع المدني.. تعديل قانون العقوبات يثير غضب الحقوقيين.. "القومي" وسيط حل النزاعات.. واستمرار الخلافات حتى "البرلمان"



2014 عام لم ينس في تاريخ المجتمع المدنى في مصر، لما شهده من أحداث ومشاحنات وتباينت فيه الآراء وعلت فيه الأصوات الرافضة لبعض القرارات السيادية في الدولة أو المؤيدة لها، وبالرغم مما شهده المجتمع المدنى على مدى العام من غضب وانفعالات وهدوء تارة وضجر تارة أخرى ظلت بعض المنظمات مستمرة في عملها تحت مظلة الدفاع عن حقوق الإنسان وأخرى أبت إلا أن تغلق أبوابها وتوقف أنشطتها ردا منها على ما لم يرضيها ويحقق آمالها.


توفيق الأوضاع
وأبرز عثرات المجتمع المدنى المصرى خلال عام 2014 هي مهلة توفيق الأوضاع التي منحتها وزارة التضامن الاجتماعى للجمعيات الأهلية والتي تعمل بشكل غير رسمى لتوفيق أوضاعها بموجب القانون 84 لعام 2002، حيث خاطبت وزارة التضامن الاجتماعى في يوليو الماضى كافة المنظمات والكيانات العاملة بالمجال الحقوقى إلى الإسراع في إجراءات تقنين أوضاعها والعمل وفقا للقانون والدستور قبل اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها.

الاستجابة للقرار
وقد ﻻقت دعوة الوزارة حينها استجابة سريعة من قبل ما يقرب من 11 جمعية أهلية، بادرت بالتنفيذ فور إعلان الوزارة عن قرارها بمنح مهلة توفيق الأوضاع، فيما اعترض عدد كبير على تلك القرارات مرجعين أسبابهم إلى أنها شركات مدنية لا تسعى للربح، وآخر أكد أنها شركة محاماة، وغيرهم قال إن منظمته تعمل بموجب قانون الاستثمار وﻻ ينبغى عليه تغيير ذلك لإرضاء وزارة "التضامن"، فيما أشار البعض إلى أنه تقدم للوزارة بخطابات يسألها عما إن كان وضعه هكذا طبيعى أم يقتضى التقنين أيضا.

100 مليون جنيه تمويلات
في ذلك الوقت تداولت أنباء نشرت في المواقع الإلكترونية لصحف قومية، تقول إن الوزارة قد تلقت خطابًا من جهاز الأمن الوطني يفيد بوجود 100 منظمة تعمل في مجال حقوق الإنسان دون الحصول على ترخيص، وحصلت في الفترة الأخيرة على تمويل ومنح دون رقابة وبالمخالفة للقانون، مشيرة إلى الإعلان عن التقرير الرسمي للمنح والهبات النقدية المقبولة من شهر يوليو 2014 حتى سبتمبر الماضى بلغت 100 مليون و630 ألفًا و613 جنيها تقريبًا، وأن تلك المنح مقدمة من 70 جهة مانحة استفادت منها 64 جمعية.

فض النزاع
وما هي إلا أيام في هذه الحال حتى تدخل المجلس القومى لحقوق الإنسان محاوﻻ الوساطة بين المنظمات الرافضة لأمر التقنين ووزارة التضامن الاجتماعى لحل الأزمة والتوصل إلى حل يرضى جميع الأطراف، فعقدت بينه وبين الوزارة اجتماعات ونقاشات أسفرت في النهاية عن توقف إجراء وغلق المنظمات غير المقننة حتى انتخاب مجلس النواب الجديد وانتظاره سن قانون جديد ينظم عمل الجمعيات الأهلية وبموجبه توفق كافة المنظمات أوضاعها.

قانون العقوبات
ولم تهدأ معركة التوفيق حتى امتعض بعض العاملين في مجال حقوق الإنسان، عقب إصدار الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا جمهوريا نشر بالجريدة الرسمية منتصف سبتمبر الماضى قضى بإجراء تعديلات على المادة 78 من قانون العقوبات.

نص المادة
وقد نصت المادة بعد تعديلها على أن «كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ ولو بالواسطة من دولة أجنبية أو ممن يعملون لمصلحتها أو من شخص اعتباري أو من منظمة محلية أو أجنبية أو أية جهة أخرى لا تتبع دولة أجنبية ولا تعمل لصالحها، أموالا سائلة أو منقولة أو عتادا أو آلات أو أسلحة أو ذخائر أو ما في حكمها أو أشياء أخرى أو وعد بشىء من ذلك بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية أو في حكمها أو أشياء أخرى أو المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها أو القيام بأعمال عدائية ضد مصر أو الإخلال بالأمن والسلم العام، يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه إذا كان الجاني موظفًا عامًا أو مكلفًا بخدمة عامة أو ذا صفة نيابية عامة أو إذا ارتكب الجريمة في زمن الحرب أو تنفيذا لغرض إرهابي».

وينص التعديل على: «أن يعاقب بنفس العقوبة كل من أعطى أو عرض أو وعد بشىء مما ذكر بقصد ارتكاب عمل ضار من الأعمال المبينة بالفقرة السابقة، ويعاقب بنفس العقوبة أيضا كل من توسط في ارتكاب جريمة من الجرائم السابقة وإذا كان الطلب أو القبول أو العرض أو التوسط كتابة ورقية أو إلكترونية فإن الجريمة تتم بمجرد تصدير الكتاب أو البيان».

دوافع الرافضين
فكان هذا شكل قانون العقوبات الذي رفضه بعض النشطاء الحقوقيين ورؤساء منظمات المجتمع المدنى فعقدت على إثره مؤتمرات وندوات ودشنت لرفضة فعاليات تدعو للنظر إلى ما ورد بتلك المادة خاصة جملة "أو أشياء أخرى" معتبرين ذلك تضييقا على المجتمع المدني فيما يخص التمويل الخارجي والذي فسره البعض على أنه معونات منطقية للإنفاق على مشروعات تساعد في التنمية المجتمعية وأنشطة خدمية تدعم المواطن وتسمو بمكانته الإنسانية، وآخرون أكدوا على أن جميع دول العالم تتبادل التمويلات بين منظماتها لدعم الترابط الإنسانى والاهتمام بما يخص المواطن والدفاع عن حقوقه.
الجريدة الرسمية