رئيس التحرير
عصام كامل

بين المطرقة والسندان


المتابع المحايد لما يحدث في العالم العربي وخصوصًا في مصر سوف يجد التحرك للخلف هو الأكثر وضوحًا.

إن الانتفاضة ضد نظم الحكم تحتاج دائمًا و أبدا إلى قائد واعٍ ذي رؤية، وتحتاج إلى مناخ صحي، و المراحل الانتقالية تحتاج إلى قيادة حكيمة رشيدة لم نجدها في مصرنا العزيزة، فقط وجدنا صراعات وتفتيتًا واستقطابًا سلبيا.

 وفي عالم اليوم التنافسي التقدمي لا يوجد مكان لمن يقدم شعارات لا تقدم ولا تؤخر. ومعظم المشاكل الحالية في مصر ليس لها علاقة مباشرة بتطبيق الشريعة أو عدمه.

مشاكل التعليم الحديث، والمرور، والبيئة، والعشوائيات،  والتكنولوجيا الحديثة، والبلطجة، وحقوق الأطفال، والحريات الشخصية، وحرية بناء دور العبادة لغير المسلمين، واستغلال السواحل المصرية في الصيد، و غيره من الأمثلة، لا توجد علاقة مباشرة بينها وبين تطبيق الشريعة في اللحظة الراهنة.

مشاكل اللحظة الآنية أكثر إلحاحًا وأهمية، هي مشاكل ترتبط بمشاكل المواطن اليومية، ولا بد من وجود خطط واضحة المعالم، يدركها الفرد العادي ويصدقها.

لا بد أن يشرح القادة للشعب ماذا يعني التخطيط الإستراتيجي "بعيد المدى"، لا بد من وجود هدف واضح معلن به أرقام محددة، وإلا ما الفارق بين قائد الدولة ومواطن ليس له معلومات، لكنه يشعر بالمشكلة في حياته اليومية. ومن المؤسف أن يعلن رأس الدولة الرئيس مرسي أن «مصر» سوف تنهض بعد عشر سنوات، و ما يقوله الرئيس عشوائي بدرجة تتنافي مع كونه رئيس دولة، على أي أساس يقول الرئيس عشر سنوات؟ هل يطمئن الشعب أم يكسب وقتًا، أم لديه خطة محددة؟ ولو لديه خطة ما هي تلك الخطة؟ وماذا سوف يتم تطبيقه في العام الأول، وكيف سيتم تقييمه؟

 

كيف نتحرك للأمام؟ فقط حين ندرك من نحن في اللحظة الراهنة، ما مصادر القوة، وما هي نقاط الضعف، وهل من الممكن أن نطور من أنفسنا؟ فقط حين ننطلق من الواقع وليس من الأيديولوجية، مثل من يتحدثون عن تطبيق الشريعة، وهذا حديث أيديولوجي بحت، ومن تحدثوا وخدعوا الشعب بمقولة: "إن «مبارك» السبب في كل المشاكل" كانوا أبعد ما يكون عن التفكير الواقعي العملي العادل في تحليل مبارك، فلا بد من تحليل أي حاكم تحليلًا رقميًّا، وكيفية صناعة القرار ابن فترة حكمه.

بعض القرارات لها علاقة مباشرة بالقائد، والبعض ليس بالضرورة خطأ الرئيس، وإلا سوف يصبح كلامًا مرسلًا خطابيًّا لا يؤثر بأي شكل على الواقع.  مبارك له أخطاء جمة، وله إنجازات كبيرة ، محمد علي باشا له أخطاء كبيرة وكان من كبار صانعي النهضة في مصر، ولا شك أن كل حكام مصر، بل والعالم، لهم أخطاء وخطايا حتى أعظم الحكام، وهذا أمر واقع لا محال.

 لا بد أن ننطلق من واقعنا اليوم، فمشاكلنا ليس لها علاقة بصراع القوى القائم الآن على الأرض المصرية، القوى الإسلامية تحاول الاستحواذ، وباقي القوى تكافح، والشعب فقط يعاني، وكأن الشعب بين المطرقة والسندان.  

 

sherifaq@gmail.com   

 

الجريدة الرسمية