رئيس التحرير
عصام كامل

2014 عام سقوط القناع الأمريكي.. مواقف الدول الكبرى تجاه قضايا المنطقة.. واشنطن تناور بالتصريحات وتراوغ بالقرارات.. "بوتين" مواقفه حاسمة ويعيد تموضع روسيا بالشرق الأوسط.. والصين تعلن دعمها لمصر


أحداث متشابكة وشائكة عاشتها المنطقة العربية وغالبية دولها خلال العام ٢٠١٤، والذي كان عام الأزمات بامتياز.

وخلال هذا العام برزت مواقف متباينة لزعماء العالم بشأن قضايا الشرق الأوسط المختلفة، عبروا فيها عن مجمل مواقف بلادهم من مختلف القضايا بالمنطقة، خاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والتي أقرت الأمم المتحدة اعتبار ٢٠١٤ عاما للقضية، وأيضًا فيما يتعلق بالحرب على تنظيم داعش، حيث أعلن المجتمع الدولي وقوفه في مواجهة التنظيم، وتدشين تحالف دولي للحرب على الإرهاب وخاصة التنظيم الإرهابي الذي أصبح يهدد أمن الجميع بعد إعلانه دولة الخلافة غير واضحة المعالم، وفى مجمل القضايا سقط قناع الزيف الأمريكى، وكشفت القضايا معدن الرئيس السوري فلاديمير بوتين الذي يسعى لعودة روسيا لدورها الإيجابى في المنطقة بقوة، والتنين الصينى الذي ظل متحفظا على الفوضى وإعلان في نهاية العام تعاونه ودعمه للنظام المصري.


أمريكا واهتمام كبير بالشرق الأوسط وقضاياه
تباين الموقف الأمريكي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية على مدى العام، بين مؤيد للقضية الفلسطينية، ومشدد على ضرورة إيجاد حل للقضية، والسعي إلى استئناف جولة مفاوضات السلام، والتي قادها وزير الخارجية الأمريكي بداية العام حتى وصلت إلى طريق مسدود.

كانت هناك إدانة من جانب الولايات المتحدة، والرئيس الأمريكي باراك أوباما، للاستيطان إلا أنهما لم يحركا ساكنا.

وفيما كان التوجه العربي يجدد نحو التوجه لمجلس الأمن من أجل استصدار مشروع قرار لوضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية، الأمر الذي أدى بالولايات المتحدة الأمريكية إلى التلويح بالفيتو، معلنة رفضها هذا التوجه العربي نحو مجلس الأمن، إلا أنه بالرغم من ذلك قدم العرب مشروع القرار عبر الأردن "العضو غير الدائم بمجلس الأمن" والممثل الوحيد للمجموعة العربية، مع حديث عن تواصل عربي مع الولايات المتحدة لإقصاء الولايات المتحدة عن الفيتو والتواصل معها للخروج بصيغة توافقية حول الموضوع.

داعش
أثار موقف الولايات المتحدة من تنظيم "داعش"، جدلا في الأوساط الدولية والأمريكية أيضـا، حيث تغاضت الولايات المتحدة في البداية عن تقدم التنظيم السريع وسيطرته على الكثير من المدن العراقية، ووصوله إلى مشارف العاصمة بغداد، ولم تتحرك الولايات المتحدة لمساعدة العراقيين إلا عندما اقترب التنظيم من أربيل عاصمة كردستان والقنصلية الأمريكية هناك.

وعلى صعيد التصريحات كان هناك تضارب واضح في تصريحات الرئيس باراك أوباما المتلاحقة حول التنظيم وجهود الحرب عليه، حتى أنه قال في أحد تصريحاته "إن الحرب على التنظيم تحتاج عشر سنوات"، بينما عاد ليتحدث هو ومسئولون في إدارته عن ثلاث سنوات، إلى أن جاء إعلانه بأن حساباته حول داعش كانت خاطئة.

سوريا
موقف الولايات المتحدة من الأزمة في سوريا شهد العديد من الاختلافات، وبدأ في التراجع تدريجيا من الحديث الجدي والقوي عن دعم المعارضة السورية، واعتبار الائتلاف السوري الممثل الشرعي للشعب السوري، إلى حالة أقرب إلى التأييد الصامت لنظام بشار الأسد، بالرغم من حديث عن دعم ما أسموه "المعارضة المعتدلة" التي أقرت الموازنة الأمريكية مؤخرًا مبلغ ٥ ملايين دولار لتدريبها ودعمها، إلا أن نظام الأسد يلمح إلى تواصل مع الولايات المتحدة والتحالف في الحرب على تنظيم داعش، وفي الضربات الجوية عليه في سوريا.

وبالرغم من أن الولايات المتحدة نفت أكثر من ذلك الأمر، إلا أن المرقبين يَرَوْن أن هذه الخطوات، والحرب على التنظيم، ساعدا نظام الأسد على البقاء.

وأصبح الآن الموقف الأمريكي متراخيا تجاه المطلب الأهم له على مدى السنوات الماضية، وهو إسقاط الأسد، وساهم في ذلك أمور عدة من بينها المفاوضات النووية التي جرت خلال عام مع إيران ضمن موعد ٥+ ١.

فرنسا ومواقف مؤثرة
وكانت لفرنسا خلال العام الماضي العديد من المواقف المهمة والمؤثرة فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط عامة، بل وتصب في صالح دعم العديد من القضايا العربية خاصة القضية الفلسطينية التي وقفت فرنسا خلال العام الماضي مواقف داعمة لها، ومؤيدة للتحركات العربية، خاصة ما يتعلق بالتحرك الأخير نحو مجلس الأمن لاستصدار قرار لوضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال، نال تأييد ودعم فرنسا، بل وجرى التوافق لتبني مشروع القرار الفرنسي الذي يصب في هذا الجانب.

أما فيما يتعلق بالجهود الدولية في مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي، فقد بدت فرنسا وهي تحاول أخذ دور أكبر، ومحاولة استئثارها بالمشهد من الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود التحالف الدولي للحرب على التنظيم الآن، فأعلنت فرنسا عن مؤتمر دولي للحرب على الإرهاب برعاية الرئيس فرانسوا هولاند، والعراقي فؤاد معصوم، وبالرغم من الضوء الذي نالته فرنسا، إلا أنه وبعد ذلك عادت الولايات المتحدة لتكون صاحبة الضوء الأكثر بروزا في الأمر.

روسيا تعود للشرق الأوسط
وخلال العام ٢٠١٤ برز العديد من المواقف للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تجاه مجمل قضايا الشرق الأوسط والتي كانت حاضرة فيها بقوة، خاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية ودعم روسيا لنظام الرئيس بشار الأسد، ثم تحول الأمر الآن للرعاية والتنسيق لحوار بين النظام السوري والمعارضة.

بوتين كان له خلال العام الماضي عدد من التصريحات التي تناولت قضايا الشرق الأوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.. وقد وجه بوتين اتهامات لسياسة الاستيطان من جانب دولة الاحتلال الصهيوني، معتبرا أنها أهم وأبرز الخطوات التي تعرقل التسوية في الشرق الأوسط.

وفيما يتعلق بالقضية السورية فقد أعلن بوتين استمرار تأييد روسيا ودعمها لنظام بشار الأسد خلال العام وفي مرات متعددة، إلا أنه خرج مؤخرًا ليقول بضرورة وجود حلول للأزمة السورية وتكون مقبولة من كل فئات الشعب السوري، الأمر الذي يعني تحركا جديدا من جانب روسيا والتي تسير في إطار محمود "مصري روسي" من أجل جمع المعارضة وأطيافها المختلفة مع النظام في حوار بدا أن الجانبان يسعيان نحوه.

بريطانيا والقاعدة العسكرية
الحدث الأبرز في تعامل بريطانيا مع منطقة الشرق الأوسط، تمثل خلال العام الماضي في أمرين الأول ما تعلق بالمشاركة في التحالف الدولي للحرب على داعش، كأحد أبرز القوى الدولية المشاركة، إلى جانب الولايات المتحدة التي تقود ذلك التحالف.

الأمر الآخر والأكثر حضورا تمثل في الإعلان عن إنشاء أول قاعدة عسكرية في المنطقة العربية، والتي من المنتظر أن تستضيفها دولة البحرين، ومن المنتظر أن تتحمل البحرين معظم تكلفة القاعدة والتي من المنتظر أن تتكلف ٢٣ مليون دولار، بينما تتحمل بريطانيا تكلفة تشغيلها.

فيليب هاموند وزير الخارجية البريطاني، أكد في تصريحات له عقب توقيع الاتفاق، أن القاعدة الجديدة تظهر مدى التزام بلده بوجود مستمر شرق قناة السويس، موجها رسالة إلى قادة الخليج، قائلا: "مخاوفكم الأمنية هي مخاوفنا".

الصين تدعم مصر
الصين من الدول الكبرى التي أولت منطقة الشرق الأوسط اهتماما كبيرا خاصة في الفترة الأخيرة، وخلال العام المنقضي قامت الصين بإبراز العديد من المواقف تجاه قضايا الشرق الأوسط المختلفة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، معلنة على أنه لا حل لقضايا الشرق الأوسط دون حل القضية الفلسطينية حلا كاملا.

الصين فطنت لكل مشاكل المنطقة وأولتها اهتماما كبيرا بعد ما اصطلح عليه بثورات الربيع العربي، حتى أنها عينت مبعوثا دائمًا للشرق الأوسط يتواصل مع الدول والجامعة العربية في إطار بحث حلول لها، وفي مقدمتها الحالة الفلسطينية، حيث تدعم الصين المواقف العربية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وترى أن الحل في دولتين، وأن وجود دولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، قادرة على إخراج المنطقة من كثير من أزماتها.

وفعّلت علاقتها مع مصر ورفعت مستوى العلاقات إلى الشراكة الاستراتيجية، وذلك خلال زيارة الرئيس السيسي إلى الصين، والتي وفقا لمسئولين ودبلوماسيين صينيين، ستشهد حالة من تنسيق الجهود فيما يتعلق بمجمل قضايا الشرق الأوسط، خاصة لما لمصر من دور ريادي في المنطقة العربية.
الجريدة الرسمية