رئيس التحرير
عصام كامل

نصيحة مقبولة يا «ريس»


«الصبر أو طلب الطلاق».. تلك هى النصيحة التى أسداها الرئيس مرسى لزوجة أحد الضباط المختفين فى سيناء، وقد أثارت هذه النصيحة الرئاسية غضبا وانتقادا بل وسخرية على نطاق واسع.. لكن لو تمهل هولاء الغاضبون والساخرون لاكتشفوا مدى عمق الحكمة التى احتوتها هذه النصيحة المهمة التى حصلت عليها هذه الزوجة المظلومة.. وهذه الحكمة تتجاوز كل ما تحدث به هؤلاء حول دلالة أن النصيحة الرئاسية تعبر عن «الاحتمامات الجنسية» لمن ينتمون للتيار الدينى السياسى، أو أنها تدل على عجز الدولة عن معرفة مصير عدد من الضباط المختفين، وعدم وفائها بواجبها الأساسى وهو إعادتهم سالمين لذويهم وأهلهم.

فلو طبق عموم الناس هذه النصيحة على كل ما يتعرضون له من مشاكل وأزمات فى حياتهم، لاكتشفوا أن الرئيس لا يرفض أن يعارضن، بل وأن يطالبن بالطلاق السياسى من نظامه!.
فإذا كان بين عموم الناس من هم غاضبون، لأن الرئيس تنكر للوعود والعهود التى قطعها على نفسه لهم علنا، وعلى رءوس الأشهاد فإن عليهم كما نصحهم الرئيس الصبر على ذلك، وأن لم يستطيعوا الصبر فإن بإمكانهم طلب الطلاق السياسى من الحكم الحالى والبحث عن حكم جديد!.
وأيضا إذا كان بين الناس من يعانون الضغوط والأعباء الاقتصادية، الناجمة عن الارتفاع المستمر، والذى لا يتوقف فى الأسعار، والبطالة التى تزيد باستمرار، فإن عليهم الصبر لتحمل هذه المعاناة، وإذا لم يتمكنوا من الصبر يمكنهم طلب الطلاق السياسى من الحكم الحالى والبحث عن حكم جديد بديل.
أما إذا كان بين الناس من أفزعهم المضى بخطة حثيثة وسريعة لفرض الاستبداد السياسى على البلاد، وروعهم باستمرار إسالة الدماء بغزارة فى عهد أول رئيس مدنى منتخب، فإن عليهم الصبر طبقا لنصيحة الرئيس أو طلب الطلاق السياسى من الحكم الحالى، والبحث عن حكم جديد يحقق لهم الحرية التى ينشدونها ويصون حياتهم.
وهكذا.. إنها حكمة بليغة تلك التى احتوتها نصيحة الرئيس لتلك الزوجة المظلومة.. صحيح أن هذه الحكمة تتعارض مع السياسات التى ينتهجها الرئيس شخصيا، وسلوك الأجهزة الرسمية والحكومية، وخاصة الأجهزة الأمنية، لكن ذلك لا يلغى تلك النصيحة.
ولو استجاب الناس لنصيحة الرئيس، فإن عليهم إما الصبر على الحكم أو طلب الطلاق السياسى منه.. وبالتالى لا يصح أن يتعرضوا للمساءلة إذا تظاهروا، أو اعتصموا، أو دعوا للعصيان المدنى، رفضا لاستمرار الحكم حتى تنتهى الفترة الرئاسية على عام ٢٠١٦ وطلبا لانتخابات رئاسية مبكرة!.. فكيف تتم مساءلتهم على استجابتهم لنصيحة قدمها لهم الرئيس من خلال زوجة مكلومة يؤرقها ما هو أهم من ممارسة حقوقها الشرعية كزوجة، لأن المختفى ليس مجرد زوج فقط، ولكنه أب، وأخ، وابن، وأيضا ضابط اختفى مع زملاء له ولا تبذل الدولة جهدا للبحث عنهم.
نقلا عن جريدة «فيتو» الأسبوعية
الجريدة الرسمية