العالم الجديد
متى ندرك أن العالم من حولنا قد تغير بكل مفاهيمه القديمة؟ لقد تراجعت مفاهيم السيادة التقليدية للدول وخصوصياتها وتصنيفاتها من شرق وغرب ورأسمالية واشتراكية لصالح المنافسة على القوة الاقتصادية وثورة المعلومات الطاغية واللحاق بالمنظومة الحضارية العالمية، وأصبحت ميكروسوفت وجوجل وأبل دولًا كبرى تتحكم في الإدارة الأمريكية وفى العالم بأسره، وتحولت الحروب التقليدية إلى حروب تكنولوجية كالتي بين سامسونج وأبل حول هواتفهما الذكية والصراع بين ادعاء الملكية الفكرية للمنتجات الجديدة.
وأصبحت للعالم قيادتان، الأولى تضم كيانات تكنولوجية بحثية كبرى تقود إنجازات الحضارة الإنسانية وتحوى إنتاج العقول وابتكاراتها، والثانية سياسية تتنافس على حماية مصالح تلك الكيانات التكنولوجية العملاقة، وتعاظمت إنجازات الشباب الصغير وابتكاراتهم، فرأينا الفيس بوك وتويتر وجوجل وغيرها الكثير يتفوق كل كيان منها على عدة دول مجتمعة في ناتجها القومى، فلم تعد المواد الخام والموارد النفطية أساس الثروات الاقتصادية في العالم الجديد بل قيمة الفكرة وتفرد الابتكار وعبقرية الاختراع.
وقد أدرك القادة الصينيون تلك الحقائق مبكرًا فتخلوا عن نعراتهم الأيديولوجية لصالح العمل والإنتاج والنمو، فأنتجوا كل شيء يخطر على بال أحد، حتى أصبحت الصين قوة اقتصادية كبرى تقارب القوة الاقتصادية الأمريكية في ناتجها القومى، وتبعتها الهند في نفس الطريق حتى أنها نجحت مؤخرًا في الوصول إلى المريخ، وفى ظل ثورة المعلومات والاتصالات الكبرى انهارت حدود الدول، ولم تعد هناك أسرار لأحد يخفيها عن أحد.
لكن ما زلنا حتى الآن نعيش الماضى بمفاهيمه عن السيادة التقليدية للدول ومزاعم الاستقلال الوهمية نتيجة فوبيا الخوف ممن حولنا، لقد عجزت مجتمعاتنا عن المشاركة في منظومة الحضارة الإنسانية العالمية لأنها ما زالت تعيش في عالمها الافتراضى، وعليها الآن تحمل النتائج، فالذي يريد أن يقطف الثمار عليه أولًا أن يشارك في الإنجاز، لقد دفعوا بنا إلى هاوية النزاعات الإقليمية والصراعات السياسية المعدة سلفًا للمسجلين خطر!.. أفيقوا والحقوا بقطار الحضارة الإنسانية قبل فوات الأوان!!