رئيس التحرير
عصام كامل

الأردن يتحدى "داعش" ويعلن استمراره في الحرب على "الإرهاب".. أسر الطيار لن يدفع "عمان" للانسحاب من المعركة.. الشعب يرى التنظيم عدوا مثيرا للتهديدات.. والحدود البرية الأضعف تتطلب ضربات استباقية لحمايتها


بالرغم من أنه بات في موقف محرج بعد أسر أحد طياريه على يد تنظيم "داعش"، أكد الأردن أنه مصمم على البقاء في التحالف الدولي ضد هذا التنظيم.


وفي أول تصريح له بعد أسر الطيار الأردني معاذ الكساسبة، قال وزير الدولة لشئون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني في تصريحات نشرتها صحيفة الرأي الحكومية، اليوم، إن "الحرب على الإرهاب مستمرة من أجل الدفاع عن الدين الإسلامي الحنيف وعن مبادئه السمحة".

وأضاف أن "كل الأردنيين يقفون صفا واحدا مع جنود الجيش العربي (الأردني) البواسل في مسعاهم الطهور للحفاظ على شرف الأمة وخدمة التراب الوطني".

دعم موقف الحكومة الأردنية جاء من البرلمان، إذ أكد مجلس النواب الأردني في بيان "وقوفه ودعمه الكامل لجهود القوات المسلحة الأردنية في الحرب على الإرهاب أينما وجد وتجفيف منابعه".

وحمل المجلس تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلاميا باسم داعش "مسئولية الحفاظ على حياة وأمن وسلامة البطل الطيار"، مؤكدا أن "أي عمل قد يقترفه تنظيم داعش من شأنه المساس بأمن وبسلامة الطيار ستكون نتائجه وخيمة على التنظيم ومن يدعمه أو يسانده"، داعيا الحكومة إلى "بذل الجهود والعمل قدما لإعادة البطل الطيار معاذ الكساسبة سالما غانما إلى أهله ووطنه بأسرع وقت".

وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي من فيس بوك وتويتر هاشتاج "#خليك_نسر" و"#كلنا_معاذ_الكساسبة" للإعراب عن التضامن والتأييد مع الطيار الأردني الشاب الذي يبلغ من العمر 26 عاما، وينحدر من محافظة الكرك (118 كم جنوب عمان) والذي تزوج في يوليو الماضي.

وغصت المواقع الإخبارية الأردنية بصور الطيار الشاب باللباس المدني والعسكري وكلمات الدعم والإعجاب.

وأكدت صحيفة الرأي الأردنية الخميس أن عمّان تبذل جهودا على كافة الصعد من أجل "تحرير" الطيار.

وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها أن "الحكومة الأردنية والجهات المختصة بدأت جهودها على الأصعدة كافة من خلال خلايا أزمة بمستويات عديدة لتحرير نسرنا الجوي وعدم المس بحياته وتجنيد كل الإمكانات والجهود والعلاقات السياسية والدبلوماسية الجيدة التي تربطنا بأطراف إقليمية ودولية عديدة لضمان الإفراج عنه وإعادته إلى حضن عائلته ووطنه وشعبه سليما".

واعتبر محللون أردنيون أن هذا الحادث المفاجئ لن يثني الأردن عن مواصلة جهوده في مكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية" ولكنه سيزيد الضغوط الشعبية الداخلية ويرفع الأصوات الداعية إلى التراجع عن قرار المشاركة في التحالف الدولي.

وقال عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات السياسية لوكالة فرانس برس إن "الدولة الأردنية عندما قررت الالتحاق بالتحالف الدولي واعتبرت الحرب على داعش هي حرب الأردن أيضا كانت تدرك أن هذا قد يترتب عليه خسائر مادية وبشرية وغير ذلك".

وأعرب الرنتاوي عن اعتقاده أن "هذا لن يؤثر على التوجه الأردني ولا على الموقف الأردني من مسألة الحرب على داعش ولكنه قد يعزز الأصوات الداعية إلى التراجع وعدم الانخراط أكثر في المواجهة" مع هذا التنظيم المتطرف، وتابع مدير مركز القدس قائلا: "بلا شك حصول خسائر وضحايا يعزز الاتجاه الذي يدعو إلى عدم المشاركة في هذه الحرب باعتبارها ليست حربنا".

ضربة موجعة
وأكد أن "الضربة مؤسفة وموجعة ولكنها من النوع المحتمل والقابل للاحتواء، ولكن إذا تكررت القصة اعتقد أن هذا قد يعزز أكثر فأكثر الضغوط الشعبية المطالبة بعدم الانخراط أو حتى التراجع عن قرار الانخراط في قرار الحرب ضد داعش".

من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي لبيب قمحاوي لوكالة فرانس برس أن "هذا الحادث سيشكل عامل ضغط على الحكومة وعلى الملك خصوصا إذا لا سامح الله حصل أي مكروه لهذا الطيار والتي ستكون نتائجه غير بسيطة"، وأضاف أن "الأردنيين سيبدءون بالتساؤل علنا: ما هي مصلحتنا في الدخول إلى عش الدبابير هذا؟".

وأوضح قمحاوي أنه "من مجمل النواحي النتائج ستكون سلبية ولكن قوة سلبيتها ستختلف باختلاف النتائج فيما إذا تم إيذاء هذا الشخص (الطيار) أو لا أو فيما إذا حصل المزيد من هكذا حوادث" مستقبلا، من جانبه، قال الكاتب الأردني محمد أبو رمان، الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية لوكالة فرانس برس: "لا أعتقد أنه سيكون هناك أي تفكير في الانسحاب من التحالف الدولي أو التراجع عن المشاركة في الحرب الحالية ضد تنظيم الدولة الإسلامية" بعد هذا الحادث.

عدو مثير للتهديدات
وأوضح الباحث الأردني المتخصص في قضايا الإرهاب إن "الأغلبية المطلقة من الشعب الأردني، تقريبا 90 في المائة وفق استطلاعات الرأي، تنظر لداعش بوصفه عدوا مثيرا للتهديد".

وأضاف "لكن هناك حالة من الانقسام فيما إذا كان على الأردن أن يخوض هذه الحرب ضد داعش ويتورط في مواجهة مباشرة مع هذا التنظيم".

صفقة تبادل
ومن جانب آخر، قال القيادي في التيار السلفي الجهادي محمد الشلبي المعروف بـ"أبو سياف" في بيان إن هذا التحالف "لا ناقة لنا فيه ولا جمل".

وأضاف أن "دخول هذه المعركة ماذا سيسفر إلا عن قتلى وجرحى وغيره، وهل كانوا يظنون أنها رحلة سياحية أم كانوا يظنون أن حصونهم مانعتهم من ضربات الطرف الآخر".

ويشارك الأردن ضمن أربع دول عربية هي السعودية والإمارات والبحرين في العمليات الجوية التي تقوم بها قوات التحالف الدولي، ضد تنظيم"الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا.

الحدود البرية
ويُنظر للأردن باعتباره الحلقة الضعيفة في الجبهة نظرا لحدوده البرية الشاسعة مع العراق وسوريا، وهو يستقبل مئات الآلاف من اللاجئين من سوريا والعراق، كما أن البلد يشكل قاعدة خلفية لاستقطاب عناصر سنية متشددة لتنظيم داعش الذي التحق ما بين 2000 إلى 2500 مقاتل من الأردن، ويأتي الأردن بعد السعودية وتونس، وذلك حسب تقرير نشرته صحيفة الغاردين البريطانية في عددها اليوم.

شكوك حول العملية
وفي حين نفت الولايات المتحدة أن يكون تنظيم "داعش" هو من أسقط الطائرة الأردنية، أعلن التنظيم مسئوليته عن إسقاط الطائرة باستخدام صاروخ حراري، ونشر على مواقع جهادية صورا قال إنها للطيار الأسير يحيط به عناصر مسلحون، وظهر الطيار في إحدى الصور وهو يرتدي قميصا أبيض ويحمله أربعة رجال يخرجونه من بقعة ماء.

كما نشر التنظيم بطاقة عسكرية قال إنها لهذا الطيار الذي يدعى معاذ صافي يوسف الكساسبة، وهو من مواليد العام 1988 والتحق بالسلك العسكري في 2006، ويحمل رتبة ملازم أول.
الجريدة الرسمية