صيادو السويس والهرب من الفقر إلى كمائن الموت.. أبو الحسن: أسعار الوقود ومعدات الصيد مشكلة.. عبد النبي: مافيا الزريعة السبب.. فتحي: القانون لا يتضمن عقوبات رادعة
الخطر كامن في البحر الأحمر ينصب كمائنه للصيادين الذين فضلوا إلقاء أنفسهم للتهلكة هربا من فقر الثروة السمكية في المياه الإقليمية المصرية، فسقط بعضهم بين قتيل في حادث تصادم مركب الصيد مع عبارة أجنبية، والبعض الآخر محتجزا في دول أخري مثل السعودية واليمن التي احتجزت 4 مراكب صيد مصرية منذ بداية موسم الصيد.
وزارة وكلية للثورة السمكية هما الحل
يقول بكري أبو الحسن شيخ صيادي السويس إن الصيادين المصريين يخرجون للمياه الدولية، بسبب فقر الثروة السمكية في مصر، بسبب الإهمال لسنوات طويلة في وضع قوانين تنظيم الصيد البحري، مما تسبب في ضعف الثروة السمكية، فأصبح الصيادون يبحثون عن مناطق بكر يصطادون فيها.
ويؤكد أبو الحسن أن ارتفاع أسعار الوقود شكل عبئا ماديا على الصيادين وأصحاب المراكب، والذي تسبب في أن طلعة الصيد أصبحت لا تحقق الربح الذي يغطي تكاليفها، مشيرا إلى أن الحل يكمن في وجود وزارة للثروة السمكية في مصر.
وأضاف شيخ الصيادين، أن مستوي الصيد في مصر بالنسبة للمعدات المستخدمة يعتبر متدنيا للغاية، بالرغم أن مصر تملك أسطولا بحريا من أكبر الأساطيل في الشرق الأوسط بعد الأسطول المغربي، مشيرا إلى أن وجود كلية الثورة السمكية ومعهد عوم البحر سيصنعان الفارق الذي ننتظره.
صيد الزريعة
وتشير بيانات الثروة السمكية أن مصايد خليج السويس تعاني من التدهور الشديد في الفترة بين 1988 حتى 2011، حيث كان إنتاج خليج السويس يساوي نصف إنتاجية مصر من الأسماك وقتها، وقد انخفضت معدلات الإنتاج في الصيد بالشنشولا 80%، وانخفضت مصايد السنار 90%، ويعتبر صيد الزريعة أحد أخطر مدمرات الثروة السمكية في خليج السويس.
ويقول عبد النبي إبراهيم، صاحب كافتيريا على خليج السويس، إن منطقة الكورنيش المطلة على الخليج تعتبر منطقة ضحلة فتجذب أمهات الأسماك لوضع بيضها، حيث تتحول المنطقة مفرخة لهم، بعيدا عن الخليج المفتوح والأمواج والتيارات المائية بالممر الملاحي للقناه، وبعد فقس بيض الأسماك وخروج الزريعة وتكيفها مع البيئة تنطلق من المنطقة الهادئة لتبدأ دوره حياتها بمياه خليج السويس، إلا أن مافيا الزريعة الذين يحضرون بشكل يومي للصيد لا يسمحون لها بذلك، خاصة في موسم الربيع الذى تفرخ فيه الزريعة.
ويؤكد عبد النبي، أن بعضا من هؤلاء الصيادين يستبدلون الشباك بأخرى من نوعيه الشبح وهي تشبه القماش وفتحاتها بالكاد تمرر المياه، ويصطادون بها الأسماك الزريعة، وعقب غروب الشمس يتم نقل الزريعة الى سيارة مجهزة بأحواض لاستقبال هذه الأسماك على الطريق.
ويضيف طارق فتحي مدير الثروة السمكية السابق، بالنسبة للفلايك التي تصطاد زريعة الأسماك في فصل الربيع فهيئة الثروة السمكية تبذل جهدا للحد من ذلك، والسماح فقط لصيد الزريعة من الأماكن المخصصة لها للتفريخ، وأشار إلى أن القانون الصيد 124 لم يتضمن عقوبات رادعة لصيادي الزريعة، فعلى الرغم من خطورة ذلك واعتبارها جريمة في حق البيئة البحرية واستنزاف لخيرات الخليج إلا أن القانون لم يتضمن عقوبات بالحبس واكتفى واضعوه بالغرامة فقط.
وأشار فتحى إلى أن الزريعة السمكية لها مادة خاصة في القانون المائي وتسمح بصيدها في أماكن معينة على أن تقتصر على أسماك السهلية فقط، ومركز تجميع الزريعة بالسويس لا يورد للمزارع إلا هذه النوعية من الأسماك، وموسم صيد الزريعة 3 شهور فقط هي فبراير ومارس وأبريل، لكن ما يحدث بخليج السويس مخالف للقانون لأن تلك المنطقة مفرخ طبيعي وتستقطب أنواع الأسماك والقشريات المختلفة لتضع بيضها آخر الصيف.
ويؤكد مدير الثروة السمكية السابق، أن الحل الأمثل لمنع هذه الكارثة هو صدور تشريع بمصادرة هذه الفلايك وإعدامها ولا تسلم مرة أخرى للشخص المخالف، مع توقيع عقوبة تصل إلى الحبس.
الصيد الجائر
وتقول دكتورة عزة الجناينى رئيس معمل بيولوجيا المصايد بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد إن صيد الزريعة يمثل استنزافا للثروة السمكية لأنها تستهلك المخزون السمكي، فضلا عن قيام بعض صيادي حرفة السنار بتغيير وتطوير وحدات الصيد الخاصة بهم لتعمل بحرفتي الجر والشانشولا، فكل هذه العوامل أدت إلى الصيد الجائر واستنزاف المخزون السمكي.
وتري أن الحل في تحديد حجم فتحات عيون الشباك لكل حرفة، فشباك الشبح ذات الفتحات التي تقترب أن تكون مسامية تؤذى وتنهك البيئة البحرية، مع ضرورة تعديل مواسم حظر الصيد لتتناسب مع دورة حياة الأسماك فترة وضع البيض، وضرورة إنشاء مناطق مفتوحة أو مغلقة للصيد وعدم ترك المجال مفتوحا أمام الصيادين.
ومن أخطر ما يهدد الثروة السمكية في مصر هو إلقاء المخلفات البحرية في خليج السويس مما يضر ببيئة الصيد، فيقول غريب مبروك، صياد إن بعض المراكب تلقي مخلفاتها في المياه مما يتسبب في مقتل السمك، وهجرته وحدث مثل ذلك في وقت سابق حيث قامت مركب أجنبية بإلقاء بقعة من الزيت في خليج السويس، قامت بعدها بدفع مبلغ 8 ملايين كتعويض عن ذلك، إلا أن الصيادين لم يستفيدوا من هذه المبالغ التي أخذها أصحاب مراكب الصيد متناسين صغار الصيادين الذين تضرروا من ذلك.