بدر شاكر السياب.. الشاعر الثائر والشيوعي الناقم
ابن البصرة، المدينة التي أنجبت الجاحظ وسيبويه وبشار بن برد، بدر شاكر السياب الذي كان يفخر بانتمائه لبلدة هؤلاء المبدعين، والذي لم يمنعه فخره هذا من النقمة على مجتمعه، فكان لمرارة الحياة أثران عليه، أحدهما اجتماعي والآخر إبداعي.
ولد السياب في محافظة البصرة في جنوب العراق في 25 ديسمبر 1926، وتوفي في 24 ديسمبر 1964، وهو شاعر عراقي يعد واحدًا من الشعراء المشهورين في الوطن العربي في القرن العشرين، كما يعتبر أحد مؤسسي الشعر الحر في الأدب العربي.
عُرف السياب بقساوة ملامحه، والتي زادتها مرارة العيش في الحياة البسيطة التي عاشها، ما دفعه للانتماء للفكر الشيوعي، ليس عن اقتناع منه بالشيوعية وفكرها، وإنما لإشباع الرغبة بالانتقام التي تولدت لديه، والنقمة الاجتماعية على المجتمع الظالم الفقير الذي نشأ فيه، ولنفس الأسباب لجأ السياب إلى شرب الخمر، واتجه للمجون هربًا من الواقع الذي فُرض عليه.
تميز السياب بثقافته الواسعة وحب المطالعة والقراءة، حيث تنوعت قراءاته بين الأدب العالمي، والثقافة العالمية بشكل عام، كما قرأ لكبار الكتاب المعاصرين، ولم تأخذ قراءاته اتجاها واحدا، بل تنوعت لشتى الاتجاهات، حيث قرأ الكتب الدينية، كما قرأ الكتب اليسارية.
وإذا تحدثنا عن السياب كشاعر، فقد أدت الثورة والنقمة التي تولدت بداخلها أثرها على الشعر، فثار على الشعر الذي عاصره، وكان من أوائل من نظم الشعر العربي الحر، فنقل الشعر من ذهنية التقليد وتقديس الأنظمة القديمة إلى ذهنية الحياة الجديدة التي تنطق بلغة جيدة، وطريقة جديدة، وتعبّر عن حقائق جديدة.
وساعدَ السيّاب في عمله جرأة في طبيعته، وتحرُّك اجتماعيّ وسياسيّ ثوري هز العالم الشرقيّ هزًا عنيفًا، ثم انفتاح على أدب الغرب وأساليب الغرب في التفكير والتعبير. وقد أدخل السيّاب على الشعر العربي ثورته التي قام بها في مجتمعه، فحوّله من نظام العروض الخليلي إلى نظام الحرية، وأخرج الأوزان القديمة من قواعدها المألوفة إلى أوزان أملَتْها عليه معانيه ونبضات وجدانه، وتصرف بالتفاعيل والقوافي وفاقًا للمزاجيّة الشعريّة التي يوحي بها مقتضى الحال، هذا فضلًا عن التيارات الفكرية والتحليلات العميقة التي زخر بها شعره وانساق في مجاريها انسياقًا فُراتيًّا يمتدّ امتدادًا حافلًا بالغنى متأججًا بتأجّج العاطفة والحياة والخيال التي ينطلق منها.
للسياب الكثير من الدواوين الشعرية نذكر منها "أزهار ذابلة، فجر الإسلام، أعاصير، أزهار وأساطير، المومس العمياء، البواكير".