رئيس التحرير
عصام كامل

"اللي فات ما مات"... للمصالحة شروط



تمنيت ألا يندفع كثير من المصريين للتهليل عبر وسائل "الإعلام" ومباركة المصالحة مع "قطر"، بمجرد أن تغيرت سياسة قناة "الجزيرة" جزئيا قبل يومين من إغلاقها "مؤقتا"!!.


نثمن جهد صادق ومخلص يبذله مشكورا خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومعه قادة الإمارات لمصالحة مصر وقطر ورأب الصدع بينهما، وقطع طريق المؤامرة العالمية... إنما هكذا سعي يكون مجديا إن توقف الأمر عند حدود الخلاف الوارد حدوثه بين الدول، لكنه في حالة مصر وقطر تعداه إلى تبني هدم الدولة والقضاء على جيشها وتفتيت شعبها وتقسيم أرضها بين جماعات إرهابية ودول عميلة خائنة!!.

قد يرى البعض أن مصر تمد أيديها إلى العالم كله ولا تعادي أحدا، فكيف لا تتصالح مع دولة عربية؟!.. لكن نسى هؤلاء أن "قطر" أهم حلفاء إسرائيل والولايات المتحدة وقرارها ليس عربيا خالصا، بل يخضع لهما مقابل منح حكومتها النفوذ والسلطة ولعب دور أكبر من قدراتها في المنطقة.. المصالحة أمر جيد. لكن هل هناك ما يضمن توقف "قطر" عن إثارة الفتن وتمويل أعداء الشعب المصري؟!.

شخصيا لا أتوقع التزام تام من "قطر" لأن "الطبع يغلب التطبع"، وهي أن استجابت لضغوط قادة الخليج، ونفذت شروط المصالحة، فلأن البديل كان طردها من مجلس التعاون الخليجي، وإغلاق الحدود البرية والمجال الجوي أمامها، ما يعني عزلها عن العالم، من هنا كان الإذعان القطري وبدء تنفيذ بنود المصالحة الخليجية ويعقبها مباشرة المصالحة مع مصر.

لا ننكر أن إيقاف "الجزيرة" المحرضة والمضللة، يعد خطوة لإثبات حسن النية ويمثل "صفعة" لجماعة "الإخوان" باعتبارها منبرهم الوحيد، لكنه إيقاف لم يخل من "خدعة"، وبالعودة إلى بيان القناة نجده تضمن أن الإيقاف "مؤقت" لحين الحصول على تراخيص إعادة البث من القاهرة. كما أن هناك جزئية مهمة أغفلها الإعلام المصري، تتضمن دمج "الجزيرة مباشر والجزيرة مباشر مصر" في قناة "الجزيرة مباشر العامة"، بمعنى أن القناة تغير اسمها وبقى الوقوف على سياستها التحريرية، التي قال البيان إنها "فضاء للمشاهدين يتفاعلون عبرها مع الأحداث". فضلا عن أن كثيرا من العاملين في القناة الكاذبة اعترضوا على فكرة تغيير سياستها تجاه مصر، حتى إن أحدهم رفض قبل ساعات من إغلاقها استخدام لقب الرئيس المصري السيسي بدلا من قائد الانقلاب، وذكر اسمه مجردا دون ألقاب، فيما امتنع زميله عن الإشارة إلى مرسي بالرئيس المعزول بدلا من الشرعي!!.

بعيدا عن "الجزيرة" لا بد أن ترصد مصر جيدا ما يصدر عن قناة "العربي الجديد" التي تطلقها "قطر" من "لندن" إلى جانب موقع إلكتروني بالاسم نفسه بدأ عمله فعليا قبل فترة، لأنه قيل أن الهدف من القناة والصحيفة الإلكترونية، تحسين صورة "قطر" المرتبطة بدعم الإرهاب ونشر الخراب في العالم العربي، كما أنها بديلا لقنوات "الجزيرة" التي انهارت سمعتها وانخفضت نسبة مشاهدتها إلى أدنى مستوى.. لكن استعانة "قطر" بكثير من الداعمين للإخوان لإدارة "العربي الجديد" يثبت أن "الأسماء تتغير وتبقى السياسة واحدة"!!.

قبل إتمام المصالحة لا بد أن تحسم "قطر" عمليا أمر دعمها المطلق لرئيس "حماس" خالد مشعل المقيم في "الدوحة"، كما عليها تقديم ما يثبت أنها قطعت تمويل النشطاء والسياسيين والحقوقيين والصحف والفضائيات الذين يهدمون مصر. ثم على "الدوحة" رفع يدها عن ليبيا لأن توفيرها المال والسلاح للجماعات الإرهابية يعيق استقرار مصر، والأمر نفسه مع السودان وغزة. وقبل كل هذا يجب حل معضلة إيواء "الإخوان" في "الدوحة"، خصوصا أنهم تلقوا وعدا بعدم المساس بهم أو تسليمهم إلى "الانتربول" حتى بعد المصالحة.

"قطر" تسببت في قتل مئات المصريين وانهيار الاقتصاد ونشر الفوضى وعليها دفع الثمن، لأن "اللي فات ما مات" والشعب لن ينساه... بإمكان "قطر" شراء ذمم البعض أو إخضاع الدول العميلة بالمال، لكنها لن تستطيع شراء تاريخ وحضارة أو شعب أصيل.
الجريدة الرسمية