متى يشعرون بالعار؟!
لم يخف الأمريكيون شعورهم بالعار، عقب نشر تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي، الذي فضح وكالة الاستخبارات لاتباعها وسائل تعذيب وحشية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
بينما وصف الرئيس الأمريكي أوباما تلك الجريمة بأنها شوهت سمعة أمريكا في الخارج، واعترفت رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بأن تلك الممارسات وصمة عار في تاريخ الولايات المتحدة، وأن التقرير لن يستطيع محو تلك الوصمة.
أصاب الخرس منظمات حقوق الإنسان المصرية التي تمول من أمريكا، بدعوى الدفاع عن تلك الحقوق في مصر، بينما دورها الحقيقي تجهيز الأرض لتنفيذ المخططات الأمريكية، ولم تحاول إحدى تلك المنظمات أن تنفض عن كاهلها ما أصابها من سمعة سيئة لدى المصريين، وتدين التعذيب داخل أمريكا.. وتعترف بالأخطاء والخطايا التي ارتكبتها في حق المصريين.. وأنها ربما خدعت في الشعارات الأمريكية.. وانسحابها يعتبر بمثابة صحوة ضمير.
وبدلا من ذلك سارعت إحدى تلك المنظمات إلى أنها قررت العمل من خارج مصر.. وستتخد تونس مقرا لها، بسبب ما ادعته من أن مصر تضيق على عمله، بينما المواطن المصري تنتهكك حقوقه.. وأن الاعتقالات أصبحت تمثل السلاح الذي تستخدمه الحكومة في مواجهة معارضيها!
هل يمكن أن تصدر مثل تلك الأكاذيب عن نشطاء يدعون أنهم يصدرون الحقائق للعالم عما يجرى في وطنهم، وبدلا من ذلك يختلقون الأكاذيب التي تسيء لمصر.
من المؤسف أن تلك المنظمات لن تتخلى عن أداء الدور المخطط من الخارج، ليس فقط من أجل التمويل الذي يقوم لها، وإنما للاعتقاد السائد بين أعضاء تلك المنظمات أن أمريكا هي واحة الديمقراطية.. وأنها النموذج الأمثل لتجسيد القيم الديمقراطية التي يجب على جميع الدول تطبيق هذا النموذج، متجاهلين أن لكل شعب منظومته القيمية التي لا يمكن التغافل عنها عند تطبيق الديمقراطية، ويتجاهلون الممارسات التي تتبعها أمريكا لإخضاع شعوب العالم.. وهي أبعد ما تكون عن الشعارات البراقة التي تعرفها.. وما جرى ويجري في العراق خير دليل على التناقض بين الشعارات الداعية إلى حماية حقوق الإنسان، والتطبيقات على أرض الواقع.. ولن ينسى العالم «سجن أبو غريب» وما تم داخله من تعذيب بشع للعراقيين.
ولم يفسر هؤلاء النشطاء ما يجرى داخل أمريكا هذه الأيام من انتهاكات لحقوق المواطنين الأمريكيين السود، وما اعترف به الرئيس الأمريكي من أن «العنصرية متخدرة داخل المجتمع الأمريكي» على عكس ردود الأفعال داخل أمريكا بعد قتل شاب أسود بيد الشرطة، وقيام المحكمة المختصة بإصدار حكم البراءة على من قتلوه، قامت منظمات العمل غير الحكومي المعنية بحقوق الإنسان بتعبئة الرأي العام للنزول الشارع لإدانة العنصرية، وقد شاهدنا عبر الفضائيات ما جرى من صدام بين الشرطة والمتظاهرين، بينما النشطاء في مصر لا تحركهم تلك الانتهاكات..
ولن يشعروا أبدا.. بالعار!