رئيس التحرير
عصام كامل

هل من مصالح؟


قد يبدو عنوان ذلك المقال به قدر من الغرابة، وهى أن ندعو إلى المصالحة أو إلى من يصالحنا، والتصالح هنا لا يعنى فقط مصالح القوى والتيارات السياسية مع بعضها البعض لكى لا تضيع مصلحة البلد أو مصالح هذه القوى والتيارات فى اختلافاتهم التى لا يمكن أن تلتقى دون أن يتسبب ذلك فى أضرار لها.. ولكن التصالح لابد أن يكون مع أنفسنا أولاً لأن التصالح مع النفس يعد من الأهمية بمكان، لأن ذلك يعد البداية للتصالح مع الآخرين إن مصر الآن فى حالة تصارع واختلاف بين يكاد يقضى على كل شىء ويكاد يحرق الأرض والوطن.. لأن ما أصعب الخلاف الذى يفسد للود قضية ولكن فيما يحدث ما بين القوى والتيارات السياسية الآن يؤكد أنهم قد قطعوا كل حبال الود وأنهم قد هدموا كل الجسور، وللأسف فإن ذلك ليس فقط ضد مصلحة الوطن ولكنه أيضاً مصالح هذه القوى السياسية.. التى تبدأ فى ممارسة حياة سياسية من المفترض أنها تكون نموذجا يحتذى به أو بمثابة اللبنة الأولى لتدشين حياة سياسية ونظام سياسى جديد يقوم على مزيد من الديمقراطية والمشاركة وعدم التسلط والقهر، ولكن فيما يبدو أن الديمقراطية لدينا لها مفهوم أو تعريف آخر أو أننا نعرفها بالطريقة التى تتمشى مع أهدافنا ومصالحنا وآرائنا الشخصية، أى أننا إن جاز لنا التعبير تقوم بعملية شخصية لمفهوم الديمقراطية أى بما يتمشى مع أهوائنا وهو بالقطع قد قادنا إلى مزيد من الاختلاف الذى وصل إلى حد الصراع على السلطة، وهو أيضاً الذى أدخلنا فى تلك الحالة من الجدل السفسطائى والمفاهيم المتضاربة التى تعج بها الفضائيات.. وقد أصبحت حروب ومعارك المكلميات هى التى تمهد الطريق نحو ما يخشاه البعض ويترقبونه وهو أن يصل ذلك الصراع إلى استخدام العنف المادى ومن ثم تتحول الاختلافات والخلافات إلى انقسامات تأخذ بعدا مؤسسيا أو ماديا فى صورة ضجة وحركات قد بدأت بالفعل فيما يسمى بجماعة بلاك بلوك وأيضاً جماعة أو مجموعة جرين إيجلز والألتراس بكل صوره، وقد رأينا درجة العنف المادى الكثير الذى انطوت عليه أحداث بورسعيد الأخيرة فى تلك المبارة وأيضاً رد الفعل المضاد بعد صدور الحكم الذى من المفترض أنه شأن قضائى، بحيث كان لا يجوز أن يتم التدخل فيه ولكنه حالة التحزب والاختلاف قد قادت إلى ذلك وهو ما يعنى المزيد من تعميق الخلافات والتى تقربنا من حافة الهاوية أى الحرب الأهلية، ولعلنا نجد أنفسنا أمام مفهوم جديد "للطائفية" وهى طائفية من نوع غريب قد يختلف عن مفهوم الطائفية الدينية الذى نعرفه وهى طائفية ليست عرقية أيضاً ولكن إن جاز لنا التعبير هى طائفية محلية كما رأينا فى حادثة بورسعيد وكذلك طائفية رياضية أو ثقافية أى الاختلاف من حيث المفاهيم وذلك نتيجة ذلك الخلاف الذى ضاع معه التصالح أو المصالحة فهل من مصالح؟ سؤال يحتاج إلى إجابة قد لا نجدها.



الجريدة الرسمية