رئيس التحرير
عصام كامل

مصر و "إسرائيل" وغزة


رئيس الوزراء فى الحكومة المقالة فى قطاع غزة إسماعيل هنية يقول إن مصر لم تعد ذخراً استراتيجياً للعدو “الإسرائيلي” بل ذخر للمقاومة والصمود للأمة العربية .


هنية اعتبر أن مصر اليوم تكشف عن وجهها الحقيقي، وشاهده السياسى على ذلك أن الشعب الفلسطينى شعر بحجم هذا التغيير خلال العدوان الأخير على غزة من خلال دور مصر كسند وعون لفلسطين ولغزة التى تعتبر البوابة الشرقية لأمن وعزة وكرامة مصر . يمكن قبول هذا الكلام كأمنيات ورغبات، أو كمجاز مرسل علاقته اعتبار ما سيكون . ومن نافل القول إن هذا الكلام صحيح بالمطلق إن كان المقصود به الشعب المصرى . أما إذا كان المقصود المستوى السياسى والسياسة الخارجية، فليسمح لنا السيد هنية بالاختلاف معه، حيث إن التغيّر الذى يتحدّث عنه نسبى جداً، فى حين أن جوهر العلاقات مع “إسرائيل” لم يتغيّر، ولا يستطيع أى عربى أن يجمع بين العروبة والقومية وتبنى قضايا الأمة، والعلاقات مع “إسرائيل” المعتدية دائماً والتى تنتهك حقوق الشعب الفلسطينى وتهوّد مقدسات الأمة فى فلسطين على مدار الساعة .

المفارقة الجلية أن كلام هنية يأتى فى حين يشن الأمن المصرى حملة غير مسبوقة على الأنفاق التى لجأ إليها أهل غزة لمواجهة الحصار الخانق المفروض عليهم، حتى إن مسئولين فى “حماس” لم يخفوا امتعاضهم من هذه الحملة، بل إن أحدهم اعتبرها تجديداً للحصار على غزة .

حركة الجهاد الإسلامى أعلنت قبل يومين أن نائب أمينها العام زياد نخالة كان فى طريقه إلى غزة عبر معبر رفح لحضور حفل زفاف نجله، إلا أن الجانب المصرى أبلغها رفض “إسرائيل” السماح له بالدخول . نتذكر موقفاً مشابهاً فى أعقاب العدوان على غزة عندما دخل رئيس حركة “حماس” خالد مشعل إلى غزة فى حين منع رئيس حركة الجهاد رمضان شلّح، وفى الحالتين كانت الكلمة لـ “إسرائيل” . هذا يقدّم شاهداً إضافياً على أن النظام فى مصر ما زال مكبّلاً بقيود العلاقة مع “إسرائيل” والاتفاقات معها، ولم يعد مفهوماً كيف يكون لـ “إسرائيل” حق السماح والمنع على معبر بين غزة ومصر، علماً أنها غير موجودة على نحو مباشر، بعدما انسحبت عسكرياً من غزة قبل بضع سنوات، ولا يجوز أن يكون دخول الفلسطينيين وخروجهم من قطاع غزة، سواء كانوا قادة أم مسئولين، من خلال إذن “إسرائيلي”، لأن هذا انتقاص من السيادة المصرية ودحض للادعاء بأن تغيّراً قد طرأ على السياسة المصرية الرسمية بعد “25 يناير” . لكن ما دام الأمر على معبر رفح، وما دامت “إسرائيل” تسيطر على الأجواء والبحر والمعابر، فإن غزة لا تستطيع أن تحس أو تقول إن الاحتلال رفع يده عنها .

ما قامت به القيادة المصرية خلال العدوان على غزة، بمثابة لعب لدور وسيط ولم ينطو فيما رأيناه ولمسناه، على الأقل، على دور داعم، ولا ننسى أن دور الوسيط لعبه النظام السابق بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية . أما كونه فتح علاقة مع “حماس” وتجاهل السلطة، فلا يعنى هذا أن تغيّراً قد طرأ، لأن التغيّر الحقيقى يكون باتجاه الموقف من “إسرائيل” . صحيح أن النظام الحالى لا يمكن أن يصل إلى مستوى يسمح لـ “إسرائيل” بأن تعلن من القاهرة حرباً على غزة أو لبنان، لكن هذا ليس تغييراً حقيقياً . التغيير فى السياسة المصرية ما زال فى طور الآمال والأمنيات، وهى بالتأكيد ليست أوهاماً لأن مصر الشعب، مصر الحقيقية ستبزغ ذات يوم من جديد .

نقلاً عن الخليج الإماراتية

الجريدة الرسمية