تفاصيل عملية «اغتيال الخليفة».. أمير «داعش» يخضع للعلاج بمستشفى تركي.. 18 سيارة و3 سيارات إسعاف تتولى نقل «البغدادي» للمستشفى.. والتقرير النهائى لحالته: شظايا في اليد وال
طيلة أكثر من شهرين ظل تضارب المعلومات هو الأكثر سيطرة على الأخبار المتعلقة بمقتل «أبو بكر البغدادي» زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش».
فالمصادر، العراقية والأمريكية، كانت تؤكد وتنفى في وقت واحد، لا يفصل بين التأكيد والنفى سوى ساعة أو ساعتين على أكثر تقدير، فحينما يؤكد العراقيون نبأ مقتل الرجل، يخرج بيان رسمى من وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» بصفتها قائدة التحالف الدولى للحرب على «داعش» لتنفى مقتله، وحينما كانت تخرج تسريبات من جانب البنتاجون تنص على احتمالية مقتل الرجل، كانت وزارة الداخلية العراقية تصدر بيانا مضادا تؤكد فيه أنها لا تملك معلومات بهذا الشأن!
وسط هذا التضارب كان هناك رجل واحد لديه الحقيقة الكاملة عن عملية «اصطياد البغدادي» فهو قائدها ومدبرها ورجاله هم من نفذوها.
كان هذا الرجل «قاسم سليماني» قائد الحرس الثورى الإيرانى الذي يتنقل بين العراق وسوريا للقضاء على خطر «داعش» بتكليف من المرجع الإيرانى الأعلى «على خامنئي» قائد الثورة الإيرانية.
«سليماني» التزم الصمت المطبق إزاء كل هذه الأنباء المتضاربة حول مقتل البغدادى أو إصابته ولم يلمح من قريب أو من بعيد لهذا الأمر.
بداية القصة
أوائل نوفمبر الماضى كانت مدينة القائم الواقعة على الحدود السورية العراقية والتابعة إداريا للجانب العراقى على موعد متكرر مع قدوم مبايعين جدد للخليفة «أبو بكر البغدادي»، وكان تعدادهم يتخطى حاجز الـ120 مقاتلًا كان معظمهم أعضاء في جبهة النصرة السورية التي يتزعمها «الفاتح أبو محمد الجولاني» والبعض الآخر أعضاء في «الجيش السورى الحر».
قبل قدوم المبايعين الجدد لمدينة القائم العراقية تمكن «قاسم سليماني» بمساعدة من جهاز المخابرات السورى من تجنيد أحد أعضاء «جبهة النصرة» الهاربين من «الجولاني» للانضمام لـ«البغدادي».
وعبر هذا المقاتل توصل «سليماني» لمعلومات كاملة عن توقيت ومكان اللقاء، وتم التخطيط لأن يتم استهداف هذا المكان وقت انعقاد اجتماع البيعة للبغدادى حتى يضمن «سليماني» تواجد «البغدادي» وكبار قادته والتخلص منهم جميعا بضربة واحدة ما يقضى على التنظيم نهائيا، وسارت الخطة وفق ما خطط الثعلب «سليماني» تماما.
«الصقور»
كانت خطة «سليماني» تعتمد على قيام «خلية الصقور» بتنفيذ العملية، وقتل «البغدادي»، وهذه الخلية تابعة لجهاز الاستخبارات العراقى وسط معلومات عن إدارتها من جانب الحرس الثورى الإيراني، والمعروف أنها «شرسة» للغاية، وأن أعضاءها أعنف ما يكون ومعظمهم تلقى تدريبات عسكرية في إيران على أيدى «سليماني» ورجاله.
وبدأت عملية «اصطياد الخليفة» بمجرد دخول الرجل لمكان تلقيه البيعة من الأعضاء الجدد بالتنظيم، عبر غارة جوية نفذتها خلية «الصقور» باستخدام 6 طائرات مقاتلة من سلاح الجو العراقي، ولم يكن الأمريكان أو قوات التحالف على علم بالعملية التي تمت بتنسيق ثلاثى بين «سليماني» والاستخبارات العراقية وجهاز المخابرات السوري.
استهدفت الطائرات التي كان يقودها أعضاء خلية «الصقور» منطقة «الرمانة» بمدينة «القائم» حيث كان «اجتماع البيعة» الذي دعا له «البغدادي»، وتم تأمينه بشكل كامل من جانب الجهاز الأمني التابع لتنظيم الدولة.
إلا أن هذا التأمين لم يمنع سقوط عشرات القذائف التي أطلقتها الطائرات المقاتلة على مكان انعقاد الاجتماع، وبمجرد إطلاق هذه القذائف رد مقاتلو «داعش» باستهداف المهاجمين بالقذائف المضادة للطائرات وهو الأمر الذي أجبر أعضاء خلية «الصقور» على الهرب وأسفر عن سقوط طائرة على بعد 5 كيلو مترات من مكان الاجتماع.
إصابة الخليفة
على الرغم من قوة الضربات التي وجهتها الطائرات لمكان الاجتماع إلا أن تأثيرها لم يكن بالشكل الذي خطط له وتمناه «قاسم سليماني»، خاصة أن هذه الطائرات لاذت بالفرار بعدما هاجمتها القوات المرافقة لـ«أبو بكر البغدادي» بالقذائف المضادة للطائرات.
إلا أن الخبر المفرح الذي تلقاه «سليماني» وقتها تمثل في استهداف إحدى الطائرات لـ»البغدادي» نفسه وهو ما نتج عنه إصابة الرجل، وتصور «سليماني» وقتها أن إصابة «البغدادي» خطرة للغاية، إلا أنه بعد مرور 3 أيام أدرك أن الإصابة طفيفة ولن تؤثر على الرجل.
وقتها كان «سليماني» يستعد للإعلان رسميا عن مقتل «البغدادي» ومرافقيه لولا تلقيه مذكرة من مساعديه تشير إلى أنهم تلقوا رسالة من المخابرات السورية تؤكد أن البغدادى حى يرزق!
الرسالة التي تلقاها مساعدو «سليماني» ذكرت أن «المخابرات السورية» رصدت تحرك أسطول حربى تابع لتنظيم «داعش» من مدينة القائم العراقية إلى الحدود السورية ومنها إلى داخل سوريا ويتضمن هذا الأسطول 3 سيارات إسعاف وأكثر من 18 سيارة دفع رباعى مليئة بالمقاتلين المتأهبين للدفاع عن سيارات الإسعاف الثلاث التي كانت إحداها تحمل «أبو بكر البغدادي» وفقا لمعلومات الجهاز السوري.
وأكدت الرسالة السورية التي تلقاها «سليماني» عبر مساعديه أن هذا الأسطول كان يسير في الأماكن التي تسيطر عليها «داعش» في سوريا ويبتعد عن الأماكن الأخرى الواقعة تحت سيطرة جبهة النصرة أو الجيش السوري، وظل الأمر كذلك حتى وصل للحدود التركية وتنقل مجموعة من المصابين، بينهم البغدادي، إلى الداخل التركي!
التقرير النهائي
انتهى تقرير المخابرات السورية عند هذا الحد، إلا أنه بعد أقل من يومين تلقى «سليماني» تقريرا آخر من جهاز الاستخبارات التابع للحرس الثورى الإيرانى يفيد أن «البغدادي» و7 من كبار قادة التنظيم الذين أصيبوا في الغارة الجوية التي نفذتها خلية «الصقور» تم نقلهم إلى مستشفى تركى في محافظة «شانلى أورفا».
وأشار التقرير إلى أن البغدادى لم يمكث كثيرا داخل المستشفى فبعد أقل من 6 ساعات تم نقله من المشفى إلى مكان آخر يرجح أنه داخل مدينة «إسطنبول»! وورد في التقرير أسماء أكثر من 40 شخصا قالت استخبارات الحرس الثورى إنهم قتلوا وجرحوا، ووضع اسم البغدادى في قائمة الجرحى واسم حارسه الشخصى أبو حذيفة العدنانى في قائمة القتلى. وقال التقرير إن إصابة «البغدادي» كانت طفيفة للغاية، وكانت مجرد إصابته بشظايا في يده وساقه نتجت عن القصف الذي نفذته خلية «الصقور».
"نقلا عن العدد الورقي..."