لما شك الإمام !!
في مراجع علوم الحديث أن الإمام البخاري "انفرد بالرواية عن أربعمائة وعشرين رجلًا، تكلم فيهم بالضعف ثمانون رجلًا". وانفرد "مسلم" بالرواية عن ستمائة وعشرين رجلًا، تكلم فيهم بالضعف مائة وستون رجلًا".
ما المعنى؟!
المعنى أن كثيرا من أهل علوم الحديث شككوا في ثمانين رجلًا من رجال أسانيد صحيح البخاري.. وشككوا أيضًا في صحة أسانيد مائة وستين رجلًا من "أسانيد" الإمام مسلم.
"الإسناد" في علوم الحديث، هو الطريق الموصل إلى متن الحديث أو موضوعه.. وهم الرجال الذين انتقل الحديث على ألسنتهم من عصر إلى عصر حتى وصل إلينا.
لا يعرف أحد لماذا قدسنا هؤلاء إذا كان منهم "الغافل".. ومنهم "الضعيف" ؟ لا يعرف أحد سر سطوة كتاب مشكوك في أسانيده للحد الذي يعتبره بعض المشايخ الأصح بعد كتاب الله! لم يكن أحد يعرف أيضا ما الذي يمكن أن يؤدي إليه "تسييس" تلك السنن.. التي غيرت التفكير، ونشرت "التواكل".. وأسست "للخرافة"، ونشرت "الخزعبلات". حتى الآن.. ليس لدينا قدرة على الفحص..ولا الرغبة لا أحد يعرف أيضًا لماذا مع أن تراثنا الدينى في حاجة إلى أكثر من وقفة للذين يعقلون.
في كتاب "اختصار علوم الحديث" لـ"ابن عبد ربه".. قال "ميسرة الفارسي" إنه وضع أحاديث في فضائل القرآن لم ترد على لسان النبي (ص). قال ميسرة أيضًا إنه وضع في فضل "على بن أبي طالب" سبعين حديثًا.
أما "أبو عصمة نوح بن أبي مريم" الملقب بـ"نوح الجامع"؛ فقال إنه وضع على لسان "عبد الله بن عباس" حبر الأمة الإسلامية وأشد رواة الحديث صدقًا ومكانة.. أحاديث في فضائل القرآن سورة سورة.. لم يعرف "ابن عباس" عنها شيئًا.
ورُوي أن "أبا حاتم السبتي" دخل مسجدًا؛ فسمع شابًا يقول "حدثنا أبو خليفة.. حدثنا أبو الوليد عن شعبة.. عن قتاد..عن أنس قال..."ثم ذكر حديثًا.. فسأله أبو حاتم: "هل رأيت أبا خليفة الذي تروي عنه؟! قال: لا، قال: كيف تروي عنه ولم تره؟! قال الشاب: أنا أحفظ هذا الإسناد؛ فكلما سمعت حديثًا ضممته إلى هذا الإسناد".
قال "الحافظ بن كثير" إن هناك من أدخل على المسلمين أحاديث متروكة وموضوعة بقصد تفريقهم، وقال "حماد بن زيد": وضعت الزنادقة على رسول الله أربعة عشر ألف حديث لم يحدث بهم النبي (ص). من هؤلاء "عبد الكريم بن أبي العوجاء" الذي قال قبل أن يقتلوه: "أدخلت فيكم أربعة آلاف حديث، أحرم فيها الحلال وأحلل فيها الحرام".
وقال "حماد بن سلمة": "أخبرني شيخ من الرافضة (إحدى الفرق الإسلامية) أنهم كانوا يعملون على وضع الأحاديث. أما مؤلف "المفهم في شرح صحيح مسلم"..أبو العباس القرطبي فقال: "استجاز بعض الفقهاء نسبة حكم دل عليه القياس الجلي نسبته إلى رسول الله.. فيقولون "قال رسول الله كذا وكذا". ربما لذلك اعتقد الإمام "الشافعي" في حديث واحد، هو: "من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". لم ينكر "الشافعي" باقي ما قيل إن النبي (ص) قاله..لكنه نظر إليه بعين الشك والريبة..حتى يتأكد.
Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com