من يملك الإسلام ؟
أحدث الإسلام ثورة كبرى بعد ظهوره في المجتمعات التي آمنت به، فسارع أصحاب المصالح وطالبوا السلطة بادعاء ملكيته حتى تسهل السيطرة عليه، فظهرت قضية امتلاك الإسلام أو التحدث باسمه واضحة جلية عند الأمويين، في الوقت الذي لم نر فيه أحدًا يدعى امتلاك الكعبة، مثلًا، لأن انتماءها كبيت لله واضح وصريح، ولما عجزوا عن الهيمنة عليها ضربوها بالمنجنيق، ومع أن نفس قضية الهيمنة قائمة بالنسبة للإسلام إلا أنه لا يجوز الهيمنة عليه إلا في حدود قول الشهادة فقط في محيط ذات المسلم ونفسه بإرادته، لأنه يأتى الله يوم القيامة فردا، فلا شأن له بغيره، (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم).
وحجة الذين يدعون امتلاك الإسلام تتمثل في أن كل مسلم فرد يتبع الصحابة أصحاب الحق المطلق يمثل الإسلام؛ لأن ذلك لا ينبع من ذاته بل من أصل قضية الاتباع الواجبة، ولو صدقنا ذلك الادعاء الباطل لسقطت شهادة المسلم بأن لا إله إلا الله، لأن من مقتضى تلك الشهادة أن تكون فردية منزهة عن مفهوم سلوك الاتباع فيها، وقصة حض النبى عمه على قول الشهادة قبل موته معروفة فنزلت الآية (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعًا، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين).
أما أولئك الذين يمتهنون ما يسمى الدعوة ويطلقون على أنفسهم الدعاة والعلماء، فإن الله تعالى لم يصرح لهم بذلك صراحةً كما صرح للرسول الأكرم في قوله ( وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرا)، فتطلب لكل من يريد أن يدعو إلى الله كما دعا نبيه إبراز ذلك الصك والتصريح، فأين هو؟، فهل هم أفضل عند الله أو الرسول ؟، إنهم تركوا ساحة الالتزام الشخصى بالضمير والأخلاق التي حض عليها الدين إلى واقع من الفرض والإلزام لرؤيتهم على الآخرين، وذلك أساس مفهوم دعاوى العنف وسفك الدم عندهم.
لقد نزه الله الإسلام عن أي تدخلات من البشر فيه، وحفظ القرآن كضمان، وجرم ضمنًا هؤلاء الفقهاء الذين اختلفوا فيه وجعلوا الناس شيعًا، مع أن الطريق واضح وصريح (أفغير الله أبتغي حكمًا وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا)، وهم يقولون بغير ذلك ! تذكروا دائمًا أن الإسلام لا يملكه أحد، ولا يستطيع أن يتحدث باسمه أحد.. تلك هي القضية.