رئيس التحرير
عصام كامل

16 ديسمبر.. الذكرى الـ148 لميلاد "فاسيلي كاندينسكي".. فنان تشكيلي روسي رائد الفن التجريدي..أحد الرواد الأوائل للمبدأ اللاتصويري أو اللاتمثيلي..صاحب الروحانية في الفن..ونسبت إليه جائزة كاندينسكي للفنون

فاسيلي كاندينسكي
فاسيلي كاندينسكي

في مثل هذا اليوم، 16 ديسمبر من عام 1866، ولد رائد الفن التجريدي الروسي فاسيلي كاندينسكي، والذي يعد أحد أشهر فناني القرن العشرين، وأهلته اكتشافاته في مجال الفن التجريدي ليكون واحدًا من أهم المبتكرين والمجددين.


"صاحب الروحانية في الفن" الفنان الروسي فاسيلي كاندينسكي، مؤسس الفن التجريدي ومنظره، الذي وضع روحه في لوحاته، ومن شدة صدقه وقدراته الإبداعية، تعكس لوحاته لمن ينظر إليها حالته سواء كان متأثرا بالواقع، أو حزينا يشعر بالكآبة كحالته في سنوات الحرب، أو السلام النفسي الذي عاشه بعد الحرب، فكان ينطبق عليه اللقب الذي أطلقه عليه أصدقاؤه وهو "أمير الروح".

صدفة قادت للتجريدية

فنان تشكيلي مبدع، يرسم اللوحات ويقيم المعارض، يتأمل لوحاته كل ليلة يمتدحها حينا، ويشعر ببعض التقصير حينا آخر، وقد تأتي لحظة تأملية إبداعية ليكتشف فنا جديدا من نوعه، الأمر الذي حدث مع كاندينسكي، ففي ليلة من ليالي عام 1908، وبعد عودته من معرض له، دخل بيته ليجد شيئا لم يره من قبل رغم أنه هو صانعه، مجموعة من الألوان والأشكال المتداخلة لا تعبر عن شيء لكنها مميزة وجميلة، ما كان هذا الشيء سوى لوحة من لوحات كاندينسكي موضوعة على أحد جوانبها، وعندما عادت اللوحة لوضعها الطبيعي، لم يجد كاندينسكي نفس الجمال السابق.

نقطة تحول

كانت هذه الليلة نقطة تحول في حياة كاندينسكي الفنية، بل في تاريخ الفن العالمي بأكمله، حيث اكتشف كاندينسكي جمال اللاشيء، وبدأ يدرك الجمال الكامن في الغموض وعدم تفاصيل الأشياء، فكما قال "اكتشفت أن الشيئية لا تفعل شيئا سوى أن تضر بلوحاتي"، وكانت نقطة التحول في فنه، وشهد العالم من خلال مجموعة جديدة من لوحات كاندينسكي، فنا جديدا هو "الفن التجريدي"، الذي حمل جمال اللاشيء، والنظرة المطلقة للأشياء بعيدا عن التفاصيل المحددة والمعلومة.

تجريدية واقعية

بدأ كاندينسكي في خطه الفني الجديد فكانت لوحة "تكوين" 1913، من أوائل لوحاته في التجريدية، والتي كانت تطبيقا عمليا وفنيا لما جاء في كتابه "عن الروحانية في الفن"، فمن ينظر إلى "تكوين" للوهلة الأولى ربما لا يدرك شيئا، لكن حين يتأمل اللوحة بروحه، بالتأكيد ستتلاقى الأرواح روح الفنان التي وضعها في لوحته مع روح المتلقي، لتنطلق في فضاء من الحرية التي سعى إليها الفنان وعشقتها روحه في اللوحة، ولا يستطيع الفنان في اللوحة أن يهرب من واقعه وإدراكه بالواقع، فبالرغم من الخطوط المتناثرة في اللوحة فإن المتأمل فيها بدقة ربما يشاهد الشمس ساطعة، وخطوطا ما متناثرة تشير إلى طريق سكة حديد.

سنوات سوداء

من الطبيعي أن يتأثر الإنسان بالواقع المحيط به، فما بالنا بالفنان، لابد وأنه شديد التأثر بما يحيط به من أحداث خاصة إذا كانت تمسه شخصيا، ورغما عنه أو إرادته يظهر تأثر الفنان بواقعه على فنه، وهذا ما حدث مع كاندينسكي في مجموعة اللوحات التي رسمها ما بين 1914 إلى 1919، وهي فترة الحرب العالمية الأولى، والتي انتهت خلالها علاقته برفيقته الجميلة "جابريلا مونتر"، فاجتمعت الظروف السيئة العامة والخاصة، لتظهر الحياة سوداء في لوحتيه "غسق" و"عتمة" وغيرهما من اللوحات التي رسمها خلال تلك السنوات وتحمل في روحها وبين طياتها الحزن والكآبة وسواد يمثل لون تلك السنوات.


"مركز أبيض" واتجاه للتصوف

بعد انقضاء سنوات الحرب، كان من الطبيعي أن تنتهي مرحلة السواد والألوان الداكنة في لوحات كاندنيسكي، فعاد لمعارضه بلوحتي "مركز أبيض" و"منحنى أزرق"، واتجه مع لوحاته للغرق في عالم التأمل والتصوف، الذي يعكس الانطباع لمن ينظر إلى تلك اللوحات بالسكينة والهدوء ويشع في نفسه الأمل.
الجريدة الرسمية