من السقوط التاريخى إلى الإرهاب الإجرامى!
عقب إسقاط الشعب جماعة الإخوان الإرهابية نشرنا مقالة في جريدة الحياة في 4 أغسطس 2013 بعنوان "فشل سياسي وسقوط تاريخى"، حاولنا فيها تعقب صعود وسقوط جماعة الإخوان.
وقررنا أنه "لا شك أن الأحداث التاريخية التي وقعت في مصر مؤخرًا وأبرزها على الإطلاق سقوط حكم الإخوان نتيجة موجة ثورية ثانية لثورة 25 يناير تمت في 30 يونيو بتوقيع غالبية الشعب المصرى، يثير عديدًا من الأسئلة البالغة الأهمية والتي لا تتعلق بالحاضر فقط ولكنها تمس المستقبل أيضًا.
ويمكن القول دون أدنى مبالغة إن الخروج الشعبى الكبير والذي تمثل في تدفق ليس أقل من 20 مليونًا من المصريين إلى الميادين والشوارع استجابة لحركة تمرد في 30 يونيو لإسقاط حكم الإخوان، حدث تاريخى نادر ليس له سابقة في التاريخ المصرى الحديث، بل إنه –كما عبر عديد من المراقبين الغربيين- ليس له سابقة في تاريخ العالم.
وقد خرج الملايين بعد أن تم توقيع أفرادها الموثق على استمارة حركة "تمرد"، والهدف كان محددًا وهو إسقاط حكم الإخوان المستبد الذي عصف بالحريات السياسية، ومارس القمع المنظم للأحزاب السياسية المعارضة، ودخل في عداء مع مؤسسات الدولة الأساسية، وفى مقدمتها القوات المسلحة والقضاء والإعلام والرموز الثقافية والفنية.. وقد بادرت القوات المسلحة المصرية لدعم الإرادة الشعبية".
ويمكن القول إن سقوط حكم الإخوان يمكن رده إلى أسباب متعددة، أبرزها عجز الدكتور "محمد مرسي" عن إدارة الدولة، وفشله الذريع في إقامة توافق سياسي يضمن استقرار المرحلة الانتقالية من حيث وضع دستور توافقى تشارك فيه كل الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدنى والممثلين الحقيقيين للشعب المصرى.
السقوط المدوى لحكم الإخوان المسلمين يطرح سؤالًا جوهريًا، هل هو مجرد فشل سياسي أو هو سقوط تاريخى بكل ما تحمله هذه العبارة من معانى لها دلالات مهمة؟
لقد أجبت عن هذا السؤال وأكدت أن جماعة الإخوان فشلت في الحكم فشلًا سياسيًا ذريعًا، ولكن هذا الفشل أدى إلى نتيجة بالغة الأهمية هي أن السقوط المدوى للإخوان كان إشارة بالغة الدلالة للسقوط التاريخى لجماعات الإسلام السياسي كلها. ونعنى بذلك على وجه التحديد سقوط صيغة الخلط المعيب بين الدين والسياسة.
ولا شك أن الذي ابتكر هذه الصيغة المنحرفة هو الشيخ "حسن البنا" حين أسس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، وزعم أنها جماعة دعوية تسعى إلى نشر الإسلام، وكأنه يبشر بتعاليمه في شعب غير مسلم! غير أن مزاعم "حسن البنا" بأن جمعيته دعوية كانت لا أساس لها، فقد تبين بالدليل القاطع أنها جماعة قررت ممارسة الإرهاب ضد خصومها منذ اليوم الأول.. ويشهد على ذلك الجهاز السرى الذي أسسه "حسن البنا"، والذي قام باغتيال رئيس الوزراء السابق "النقراشى باشا"، كما أنه تم اغتيال المستشار "الخازندار" لأنه سبق له أن أصدر أحكامًا بالسجن على أعضاء الجماعة ممن ارتكبوا جرائم إرهابية.
وسرعان ما دفع حسن البنا ثمن تأسيسه هذه الجماعة الإرهابية لأنه تم اغتياله في ظروف غامضة، وصدرت قرارات بعد ذلك بحل جماعة الإخوان ودخلت الجماعة بعد ذلك في صراع حاد مع قادة ثورة 23 يوليو 1952 بعد فترة هدنة قصيرة بين قادة الجماعة والضباط الأحرار.
وقد حاولت الجماعة بعد أن احتدم الصراع بينها وبين "جمال عبد الناصر" محاولة اغتياله في ميدان المنشية عام 1954، وبعد فشل الجماعة في هذا الحادث الإرهابى تم حل الجماعة واعتقال المئات من أعضائها.
وبعد ذلك حاول "سيد قطب" تكوين تنظيم إرهابى لقلب نظام الحكم وقبض عليه وحوكم وتم الحكم عليه بالإعدام.
ومن عجائب القدر أن تتاح لجماعة الإخوان فرصة تاريخية نادرة بعد ثورة 25 يناير لكى تقفز إلى قطار الثورة المندفع، وتستطيع في غفلة من الزمان الوصول إلى موقع رئاسة الجمهورية بعد أن حصلت على الأكثرية في مجلسى الشعب والشورى.
حصل قادة الإخوان على السلطة السياسية المطلقة في مصر والتي حلموا بها طوال 80 عامًا كاملة، وإذا بهم يفشلون فشلًا سياسيًا ذريعًا، وأخطر من ذلك أن فئات الشعب التي انتخبتهم ومعها فئات الشعب المعارضة خرجت في 30 يونيو لإسقاطهم نهائيًا.
بعد الفشل السياسي والسقوط التاريخى لم يجد قادة الإخوان وحلفاؤهم من الجماعات الإسلامية المتطرفة سوى شن حرب إرهابية غادرة ليس فقط ضد النظام السياسي الجديد الذي يرأسه الرئيس "السيسي"، ولكن ضد الشعب المصرى بكل فئاته، وبذلك دخلت الجماعة في عداوة تاريخية مع الشعب مما يجعل مبادرات المصالحة المزعومة معها مجرد وهم من الأوهام.
وبذلك أضاف قادة الجماعة إلى رصيدهم بالإضافة إلى الفشل في إدارة شئون الدولة الغباء السياسي الذي يتمثل في شن الإرهاب ضد الشعب الذين يريدون حكمه بالقوة!