2 في ضمان منح الصوت للمُرشَّح الكيوت!
مجانًا سنُقدِّم لحضرتك (عزيزى المُرشَّح) بعض نصائح، أعلم جيدًا أنك تعرفها وتعرف الأكثر منها، كى يكون باستطاعتك الفوز أو حتى المُنافسة بضراوة على كُرسى مجلس الشعب المُقبل، اللى هو مجلس النواب يعنى، وفى نفس الوقت سنُقدِّم لحضرتك (عزيزى الناخب) بعض دلائل أعلم جيدًا أنك تعرفها وتعرف الأكثر منها، كى يكون باستطاعتك التصويت بضمير مرتاح للمُرشَّح الذي اخترته، وأنت تعلم عن طريق هذه الدلائل أنه مُرشَّح منبثق عن الحزب الوطنى (انتماءً أو فكرًا أو تعاطفًا أو منهجًا)!
والحقيقة لا أحب أن أحجُر على الناس وأطالبهم بعدم انتخاب مُرشحى الحزب الوطنى، فالمصلحة الضيقة تربط بين الجميع، والناخب في بلدنا لا ينتخب نائبًا ليقوم بسن التشريعات ومراقبة السُلطة التنفيذية، وإنما ينتخب نائبًا ليحصُل له على رُخصة مبانى، ليقوم بتشغيل أولاده بعد الحصول على تأشيرة الوزير المُختص، ليُساعده في تخليص جمركى، أو زيادة عدد ساعات الرى بالراحة، أو حتى لمُجرَّد أنه قريبه أو قريب قريبه، أو نسيب جماعة من قرايبهم حتى لو كان حمارا لا بيفهم في سياسة ولا اقتصاد ولا حتى بيعرف يصقَّف في المجلس الموقَّر، أو حتى لو كان كُل إنجاز المُرشَّح ده إنه راح قدَّم واجب العزاء في أبو الناخب أثناء جولته الانتخابية!
هذا المُرشَّح يا سيدى الفاضل بيعمل التالى كضرورة من ضرورات التواجُد السياسي، مبدأيًا لازم يتصوَّر بانرات كبيرة ويظهر فيها بجسمه بالكامل لزوم كشف الهيئة، والملابس عامل أساسى في هذه البانرات، يعنى لازم يلبس بدلة وكرافتة في بعضها، وهذه يتم تعليقها في الميادين والشوارع الرئيسية، أما في المناطق الشعبية والشوارع الأقل أهمية فالصورة فيها تكون ببدلة بدون كرافتة، وأحيانًا بتكون بنضارة شمس لزوم الوقار والغموض والهيبة وكمان حتَّة صياعة، أما في بلاد الفلاحين فالمُرشَّح بينوَّع الصور، شوية بجلابية علشان يحسس ولاد القرية إنه (واحد مننا) وشويَّة بالبدلة والكرافتة علشان يحسس ولاد القرية برضو بالإبهار وإنه بنى آدم لبيس وهايرفع رأسهم جامد في المجلس الموقَّر!
في جولاته التي أراهنك أنك لن تُصادف أيًا منها أبدًا طوال حياتك، حتى لو كُنت بتقضى حياتك دى في الشارع، ولكنك سترى صورا بالآلاف لهذه الجولات التي يكون غرضها أصلًا التصوير فحسب، سترى المُرشَّح وهو يرتدى البدلة الكاملة والنضارة الشمس نهارًا، ويمسك بيدى شخص عجوز ويقترب منه كثيرًا كأنه هايبوسه من بؤه وهو يسمع شكواه وأنينه، ويعده بالحلول السحرية وهو لا يزال ممسكًا بيديه قبل أن يختلس نظرة سريعة للمصوِّر (صوَّرت وللا لسَّة خلصنى؟) وبعدين يواصل السير السريع مع رجالته ومؤيديه وهتيفته بعد أن يُصافح أصحاب المحال والمقاهى، والتصوير شغال على ودنه!
في المساء يخلع الكرافتة والنضارة، ويهيم على وجهه في الشوارع، يا حبذا لو فيه سرادق عزاء، تلاقيه داخل والهلُمة بتاعته نحوه، ويرسم على وجهه الحُزن والتأثُر كأن الميت هو السيدة أمه شخصيًا حتى لو كان المتوفى ذكرًا، ويُقدم واجب العزاء بكُل إخلاص، ويقعد يشرب القهوة كمان علشان يُدلل على تواضعه، ويبقى عيش وملح، وطبعًا التصوير شغال الله ينوَّر!
يتوجه المُرشَّح لإحدى القُرى وقد ارتدى الجلباب البلدى والعباءة واللاسة النايلون، الأفراح هناك ليها شأن خاص، يقتحم أي فرح بعد أن يسبقه رجالته لتمهيد الجو عند الفلاحين المعروفين بالكرم التلقائى وبالتالى الترحيب الحار، وهُنا يكون دور التصوير بالفيديو، وبعد مئات القبلات والأحضان وتبادل العرق من على الوجوه والخدود، يُبدى المُرشح فرحته بحفل الزفاف كأنه حفل زفاف ابنته البكرية التي تأخَّر زواجها لسنواتٍ طوال حتى كادت تقعُد في قرابيزه لحَد ماجاها الفرج، ولازم سيادة النائب المُستقبلى يشارك أهالي العروسين في الأكل والشُرب وتدخين الحشيش إن وُجِد، ولازم يستمع لشكاوىهم، ويعِد الحاج (إسماعيل) بمُساعدته على تبوير العشر فدادين الزراعى علشان يبنى عليهم فيلا للعيال، ويُقسم للحاج (جُمعة) أنه لن يتخلى عن تعيين ابنه المتغرَّب في إيطاليا في وزارة البترول وبمرتب خيالى، مع الاحتفاظ للابن بحقه في البقاء في إيطاليا وتقاضى راتبه على داير الباكو وهو هناك، أومال يعنى هايتعب نفسه ويسيب روما وميلانو وييجى يتبهدل هنا رايح جاى الشغل كُل يوم الصبح وللا إيه؟!
عندما يرتدى المُرشَّح القميص والبنطلون، أو التي شيرت بدل القميص، فإنه في طريقه للجلوس مع الشباب على المقهى، يستخدم إشارات يديه وأصابعه، يميل للخلف ويتحدث بعُمق عن الرؤية الإستراتيجية الضرورية للقضاء على البطالة، وخلق فُرص تشغيل مُناسبة للخريجين وأصحاب المؤهلات والحرفيين وغيرهم، ويؤكد على ضرورة منح الدولة إعانات بطالة للشباب، ولا يكتفى بذلك وإنما يهب واقفًا فيهب رجالته من حوله وهُم يرجون الشباب على القهوة بأن يحذوا حذوهم، ويصيح مُطالبًا الدولة بمنح الفُرصة والتمكين للجيل الصاعد، وهذه الفُرصة لن تتأتى إلا بوصول هؤلاء الشباب (مُتمثلين في شخصيته طبعًا) لمجلس الشعب، وقتها سيكون في مقدوره تشغيل الجميع وهو يؤكد أن باب مكتبه لن يُغلَق في وجه أحد، ويطلُب من مُساعده منح الجميع رقم هاتفه المحمول الخاص، وعنوانه على فيس بوك وتويتر، ويؤكد لهم أنه سيظل على اتصال دائم بالواتس والفايبر.
والأنكى من كده والأكثر حرفية هي أنه يُعد لمشروع ضخم يتطلب تعاون كُل الشباب معه، وهذا المشروع سيُقام في الدائرة، وسيستوعب أطباء ومُهندسين وسباكين ومُعلمين وميكانيكية وقهوجية وربات بيوت وعاهرات وعُلماء فلك وطيارين والغايب يعلم الحاضر، خاصةً وأن المُرتبات ستكون خيالية، وأكبر من الحد الأقصى للأجور بتاع الحكومة ذات نفسه.. بس إنتوا انتخبونى علشان أقدر أعمل المشروع!
وهكذا يا عزيزى يقضى مُرشَّح المجلس الموقر من هذه العينة أيام الدعاية، يفرح مع أصحاب الأفراح، يحزن ويكتئب مع أصحاب المياتم، ينفعل مع مُشجعى الكورة، يمرض مع المرضى، يأكُل مع الجوعى بعد حرمان، يضرب البانجو مع أصحاب المزاج، يخطى سبع مرَّات في السبوع، بس شطارته إنه يلحق يهرب قبل معاد الطهور، ولو ملحقشى فمفيش مشاكل، وأهو كُلُّه يهون لأجل المجلس!