رئيس التحرير
عصام كامل

تقرير "التعذيب " يشعل الصراع بين «الديمقراطيين» و«الجمهوريين».. خبراء: سيطرة "الجمهوري" على «الكونجرس» سبب الإطاحة بـ«هاجل»..الأبيض: إدارة «أوباما» أي

فيتو

تمر إدارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" بأزمة حقيقية وصراع خفى بين "الديمقراطيين" من جهة و"الجمهوريين" من جهة أخرى، والتي اشتعلت بعد فشل الديمقراطيين «حزب أوباما» في الانتخابات النصفية لمجلس الشيوخ الأمريكي "الكونجرس"، وتجلت في استقالة وزير الدفاع الأمريكي «تشاك هاجل»، انتهاء بتقرير التعذيب الخاص بالـ«C.I.A».


سيطرة الجمهوريين

ويسيطر «الجمهوريون» حاليا على «البيت الأبيض»، ومجلس الشيوخ حيث حصلوا على 51 مقعدا من أصل مائة مقعد، كما تمكنوا من حصد ‏227‏ مقعدا من إجمالي‏ 435‏ مقعدا في مجلس النواب‏.‏

واعترف «أوباما» في مقابلة مع شبكة "سي بي إس" الأمريكية بأن خسارة الديمقراطيين في الانتخابات التي جرت نهاية الشهر الماضي مسئوليته.

التخلص من هاجل
وجاءت استقالة هاجل وزير الدفاع الأمريكي المنتمى إلى الحزب «الديمقراطي» من منصبه كأول تغيير كبير بالحكومة الأمريكية بعد هزيمة الحزب«الديمقراطي»، وهو ما رآه البعض "إقالة" وليست "استقالة".

وأكد "جون ماكين" السيناتور الجمهوري، في تصريحات صحفية: أن "هاجل" عانى ضغوطا كبيرة مارسها عليه البيت الأبيض، ومن تقليص دوره في إدارة البنتاجون، بالإضافة إلى خلافاته، بخصوص الحرب على تنظيم (داعش)، مع فريق الأمن القومي برئاسة"سوزان رايس"، مستشارة أوباما للأمن القومي، التي توصف بأنها الأكثر قربا من الرئيس، التي تضع القرارات الإستراتيجية دون العودة إلى وزير الدفاع، تمثل حلقة الوصل بين البنتاجون والبيت الأبيض، حتى في القضايا العسكرية.

ومن وجهة نظر خبراء ومحللين سياسيين أمريكيين، فإن إقالة الوزير " هاجل"، كانت ضرورية لترتيب البيت الداخلي للحزب "الديمقراطي"، استعدادا للانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة عام 2016، بإيجاد أكبر توافق ممكن بين فريق الأمن القومي و(البنتاجون)، وحرمان الجمهوريين من توظيف وجود هاجل في منصبه في حال إدخال تغيير نوعي على إستراتيجية الحرب ضد تنظيم (داعش)، والتشدد في ملف الأزمتين الأوكرانية والسورية، وتجاه كوريا الشمالية، والملف النووي الإيراني، وزيادة الدعم لإسرائيل، والعلاقة مع روسيا والصين، والصراع في ليبيا واليمن، وملفات أخرى عديدة، وجهت فيها انتقادات داخلية لإدارة أوباما اتهمتها بالضعف والتخبط وفقدان البوصلة.

تقرير التعذيب
وفى خطوة جديدة في تأجيج الصراع السياسي كشف مجلس النواب الأمريكي، الثلاثاء 9 ديسمبر الجارى، تقريره حول أساليب الاستجواب القسرية التي استخدمتها وكالة الاستخبارات المركزية "CIA،" بعد هجمات 11 سبتمبر خلال فترة رئاسة جورج بوش"الابن"، في حق مشتبه بهم في التورط بتلك الهجمات.

وجاء في التقرير المكون من نحو 6000 صفحة كشفت 400 صفحة كملخص أن أساليب استجواب الـCIA كانت غير فعالة ولم يتم استخلاص معلومات استخباراتية تساعد في الحفاظ على الأرواح وأن برامج الاستجواب كانت أعنف مما بينته الوكالة للبيت الأبيض ووزارة العدل والشارع الأمريكي.

محاولة لضرب الجمهوريين

ولمن لا يعرف فلجنة شئون الاستخبارات في الكونجرس، والتي أعدت التقرير، يقف خلفها «الديمقراطيون» حيث شكلت اللجنة مع تولي أوباما للحكم عام 2009 وبعد إصداره قرارا بإيقاف التعذيب، ثم انسحاب «الجمهوريون» من اللجنة في نفس العام الذي تشكلت فيه، ويرى البعض أن التقرير رغم ما فيه من الحقائق المخزية فهو لا يخلو من التسييس ومحاولة الديمقراطيين ضرب الجمهوريين بصورة مستترة.

أمر طبيعي للصراع على السلطة

من جانبه أوضح السفير "عبد العليم الأبيض"، المستشار الإعلامي للسفارة المصرية في واشنطن، سابقا ، «أن ما يحدث بين الحزب الديمقراطي والجمهورى أمر طبيعى جدا في الانتخابات الأمريكية فكل حزب يحاول أن يظهر سلبيات الحزب الآخر ويشوهه، لتحقيق مكاسبه الخاصة».

ولفت «الأبيض» في تصريحاته لـ«فيتو» أن «الرئيس الأمريكي باراك أوباما نجح داخليا ولكنه فشل فشلا ذريعا هو وسياسته خارجيا، وأنه كان يخطط هو وإدارته بأنه بدعمه وتأييده "الإخوان المسلمين"، ستتمكن الجماعة من احتواء واستيعاب الجماعات المتطرفة بالمنطقة، وهو ما لم يحدث، وبرغم فشل مخططاته تلك إلا أنه ما زال مصرا هو وإدارته على دعم "الإخوان"».

التعذيب ملمح دائم لدى الأمريكان

واستبعد المستشار الإعلامي للسفارة المصرية في واشنطن سابقا مسألة أن: «أوباما لا يعرف بالتعذيب فحسب اعتقادى كاذب لأن التعذيب ملمح دائم في أي إدارة أمريكية سواء جمهوريا أو ديمقراطيا ولكنهم أذكياء لأن التعذيب لا يحدث داخل الولايات المتحدة لكن يحدث في دول خارج الولايات المتحدة إما عن طريق دول صديقة مثل "مصر" إبان حكم "مبارك" للأسف والدول التي تتبرع لممارسة التعذيب لحساب الأمريكان ».

القضايا الاقتصادية أهم
ونبه "الأبيض" إلى أن: «الانتخابات الأمريكية لا تحسم بالقضايا الخارجية بل وفق القضايا الداخلية والتي أهمها حالة الاقتصاد الأمريكي، فتحسن الاقتصاد عامل رئيس في نجاح أو فشل أي رئيس في الانتخابات، ما عدا القضايا الخارجية الكبرى مثل "الحرب على فيتنام" مثلا فهذا أمر جلل مات فيه مئات الآلاف من الأمريكان».

وأضاف: «بالرغم من نجاح "جورج بوش الأب" في حرب تحرير الكويت وظهوره كبطل عالمى لكن لحظه السيئ الاقتصاد الأمريكي بدأ في الهبوط ولذلك السبب فشل في الانتخابات، إذن فالقضايا الداخلية هي مربط الفرس في الانتخابات الأمريكية».

ووافقه الرأى السفير أحمد أبو الخير، مساعد وزير الخارجية الأسبق من حيث القول بأن السياسة الداخلية هي الأهم في مستقبل أي رئيس أمريكي.

وأكد "أبو الخير" في تصريحات خاصة لـ«فيتو» أن: «فشل الحزب الديمقراطي في الانتخابات النصفية للكونجرس دليل وانعكاس لفشل إدارة أوباما داخليا وهبوط شعبيته بين أبناء الشعب الأمريكي وهو ما سيترك أثرا سيئا على "أوباما" في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في عام 2016 ».

داعش صناعة أمريكية

ولفت مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن: «استقالة وزير الدفاع الأمريكي في هذا التوقيت وإن لم يعلن عنها حقيقية عليها علامات استفهام كبيرة خصوصا أن هناك عمليات عسكرية عديدة تباشرها الولايات المتحدة في المنطقة المعروف منها على الأقل ما يسمى "التحالف الدولى للحرب على داعش" تقوده الولايات المتحدة، في الوقت الذي تتسرب أنباء كثيرة عن أن أمريكا هي من صنعت "داعش" بالرغم من أنها في الظاهر تحاربه إلا أن هناك قرائن ومعلومات تثبت أنها تؤيد داعش وتشجعه ليكون هو السلاح الذي يعمل نيابة عن أمريكا لتنفيذ مخططاتها بالشرق الأوسط ».


وأردف «بدليل أن الأسلحة التي في يد "داعش" أسلحة أمريكية جديدة كلها، سواء مدرعات أو سيارات، وكذلك تعمد "داعش" الاستيلاء على مناطق آبار البترول، وتبيعه للولايات المتحدة بـ 25 دولارا للبرميل مقابل ما تستورده من أسحلة من أمريكا بثمن أغلى مما تبيعه لغيرها إذ إن هناك علاقة عسكرية وثيقة بينهما، بالإضافة إلى أنه لا يمكن لتحالف دولى برئاسة أمريكا أن يتمكن من هزيمة تنظيم "داعش"».

حقوق الإنسان

وأوضح «أبو الخير» «أن من المعروف أن الأحداث التي تجري في المنطقة تقف وراءها الولايات المتحدة بدعمها للإرهاب، وهو ما أساء إلى سمعة أوباما في المنطقة وظهور هذا التقرير يخدمه في إطار احترام حقوق الإنسان وهذا الوضع يبين أن ما ارتكب قبل حكمه شيء فظيع فيظهر هو في صورة جيدة فيما يتعلق بحقوق الإنسان».

وأضاف:«أنا شخصيا أشك في أن هذا التقرير سوف يخدمه لأن أمريكا ينظر إليها دائما كدولة مؤسسات، الرئيس جزء لا يتجزأ من هذه المؤسسات، فما تم حتى في إدارة "جورج بوش " الابن يسيء إلى الولايات المتحدة كلها بما فيها الرئيس الحالى».
الجريدة الرسمية