رئيس التحرير
عصام كامل

الإخوان في بيت وزير الداخلية.. الإرهابى «هشام مسمح» يكشف حقيقة علاقة «حبيب العادلى» بـ«الجماعة الإرهابية».. «الأغا» كلمة السر في علاقة «العادلى» بـ

وزير الداخلية الأسبق
وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى

معلومات جديدة غاية في الخطورة حصلت عليها «فيتو»عن شخصية «هشام مسمح»الإرهابى الجديد الذي كلفه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» بقيادة عمليات التنظيم في مصر بعد تنفيذ مهمته الأولى والمتعلقة بالقضاء على قوات اللواء خليفة حفتر في ليبيا.

والحقيقة أن هذه المعلومات جاءت لتمثل مفاجأة من العيار الثقيل، خاصة أنها تربط بشكل مباشر بين «مسمح» وقيادات إخوانية تقيم خارج مصر وأخرى تقبع الآن في السجون، وتفضح أيضا دور الإخوان في تبرئة حبيب العادلى ورموز نظام مبارك.

هنا فلسطين..صراع «الأغا» و»الفرا»
في قطاع غزة هناك عائلة الأغا التي تنازع عائلة «الفرا» وجاهة، وزعامة البلدة، فالأولى تناصر حركة المقاومة الإسلامية حماس، بينما الثانية تساند منظمة التحرير الفلسطينية فتح.
كان الأب عبد الله أمين سليم إبراهيم الأغا، وهو طبيب حصل على الدكتوراه من بريطانيا، قد تزوج المصرية ماجدة سعد الرافعي، ما مكن الابن عبد الله من حمل الجنسية المصرية إلى جانب جنسيته الفلسطينية، بينما كانت نفسه تتوق لبلد آخر.. المملكة العربية السعودية حيث يقيم جده سليم الأغا، أحد مشاهير فلسطين الذي نفاه الاحتلال البريطانى قبل أن يعود إلى خان يونس، ويفشل في أن يكون رئيسا لبلديتها، لفوز غريمه عبد الرحمن الفرا بالمنصب لثلاثين عاما.
وحينما نشأت حركة «حماس» كان «عبدالله الأغا» أحد الأشبال الصغار وقتها، لكنه لم يكن يلهو وسط أقرانه، حيث كانت هناك روابط قوية تربطه بالحركة خاصة أن والده أمين سليم الأغا كان رفيقا وصديقا مقربا للشيخ «أحمد ياسين» الزعيم الروحى للحركة، بل كان أمين أكبر الداعمين لها.

«العادلي».. الصعود بدأ من الكويت
ينتقل المشهد إلى دولة الكويت، حيث الضابط المصرى حبيب العادلى، ملحق أمني بسفارة بلاده هناك، بصفته أحد قيادات قسم السفارات بجهاز مباحث أمن الدولة.. ويشاء القدر أن يلتقى أمين الأغا الذي كان في زيارة للبلد الخليجي، بالعادلى، فتنشأ بينهما صداقة وطيدة، تسمح بزيارة الضابط للرجل في المملكة العربية السعودية، حيث يقيم مع والده، وبالتالى استضافة العادلى للأغا حال زيارات الأخير لمصر..
عبر تلك العلاقة الحميمة كان للعادلى أن يحصل على معلومات غاية في الخطورة والحساسية عن حركة حماس، ليبزغ نجمه في هذا الملف.. وهو ما كان سببا في ترقيته، حتى وصل لرئاسة جهاز مباحث أمن الدولة قبل اختياره وزيرا للداخلية.

«جى جى وعبد الله»
سرعان ما يقطع الكدر على بطلنا الشاب عبد الله الأغا، الذي حضر للقاهرة من أجل الدراسة، لتتلقفه يدا العادلى بالرعاية والعناية، ردا لجميل والده، فزوج الشاب ابنته جيهان عقب تخرجه في كلية الطب، رغم علم الضابط الكبير بانضمام صهره لجماعة الإخوان المسلمين، حيث كان ضمن مجموعة من الدارسين الفلسطينيين في مصر تحت قيادة السيد النزيلى، الذي أصبح فيما بعد عضو مجلس شورى الإخوان.
ما أظهره عبد الله الأغا من إخلاص للجماعة دفع مهدى عاكف، الذي أصبح فيما بعد مرشدا لها، لتزكية الطبيب الشاب للسفر إلى أمريكا، ليكون إحدى همزات الوصل بين إخوان مصر وحماس من جانب، وإخوان أمريكا من جانب آخر.
في بلاد العم سام، صار الأغا نجما إخوانيا لامعا، وارتبط بعلاقة وثيقة بالذراع اليمنى لمهدى عاكف، «محمد عبده على» أحد مسئولى التنظيم الدولى للإخوان في مصر الذي حصل على براءة في القضية العسكرية عام 1995.

تهنئة قلبية
في الوقت الذي بزغ فيه نجم الأغا، حقق فشلا لا يحسد عليه في الدراسة بمنهاتن، فعاد إلى القاهرة ليحصل على الدكتوراه في جراحة القلب في أكتوبر 2010 بمساعدة صهره وزير الداخلية حبيب العادلى، لتزين صورته إحدى التهانى المنشورة في جريدة قومية كبيرة، دون الإشارة إلى أصل الرجل ولا نسبه، ولا حتى اسم صاحب التهنئة!

في بيتنا ثورة
مع برد يناير من عام 2011 انتفضت مجموعات من شبان مصريين ثاروا مطالبين بإصلاحات سياسية واجتماعية وسرعان ما تطور الأمر لثورة شعبية واسعة، أطاحت بالصهر المهم، حبيب العادلى ضمن شلة كانت تحيط برئيس خلعه الشعب، فاعتقل الوزير وصدر قرار بالتحفظ على أمواله، هو وعائلته، ليفاجأ الأغا برنين هاتفه يعلو وعلى الطرف الآخر زوجته جيهان، ابنة العادلى تخبره بما حدث معها وزوجتا أبيها إلهام شرشر والفنانة أنوشكا.

الإخوان تحت الطلب
بدأت محاكمات الصهر، ومعها قدم رجل نفسه على أنه «محمد عبد الفتاح الجندي» حاضر بصفته محامى «جيهان حبيب العادلى» زوجة «عبد الله الأغا»..وقدم للمحكمة مستندات تؤكد أن أموال «جى جى» هي أموال زوجها «عبد الله الأغا» فلسطينى الجنسية، وهو جراح قلب شهير في منهاتن بالولايات المتحدة يربح سنويا 5 ملايين دولار، إلا أن المحكمة أيدت قرار التحفظ على أموال جيهان.
وفى أولى جلسات محاكمة العادلى ظهر الجندى رئيسا لفريق الدفاع عن وزير الداخلية المتهم بقتل الثوار، لتبدأ فصول واحدة من أكثر دراميات العصر الحديث إثارة وتشويقا، والسبب أن الجندى هو أحد أبرز كوادر إخوان الشرابية بالقاهرة، ودخل الجماعة عبر الحاج «حمدى إبراهيم» أحد القيادات التاريخية للإخوان بالمنطقة الشعبية، قبل أن يصبح الحاج «ماجد حسن» وهو نقيب أسرة محمد عبد الفتاح المسئول عن إخوان الشرابية.

ابن الشرابية في بلاد العم سام
تقترب عدسة الكاميرا من وجه الجندي، فيتأكد أن الرجل من الشخصيات الشهيرة داخل لجنة الشريعة الإسلامية بنقابة المحامين منذ عام 1993، وكان في فترة من الفترات مسئولا عن المحامين الإخوان بمنطقة الشرابية، وكان يلقى دروسا أسبوعية في مسجد النقابة، ثم مساجد الجماعة في الشرابية، وشبرا، وروض الفرج بصفته قيادة إخوانية دعوية واعدة.

فلاش باك سريع
الزمان: عام 2000
المكان: قاعة محكمة
المشهد:
الجندى في روب المحاماة يقف وسط مجموعة من محامى الإخوان « محمد طوسون وصبحى صالح وعبد المنعم عبد المقصود وفتحى تميم وسمير خشبة وأحمد الحمراوى ومحمد غريب وعلاء موسى» أمام هيئة المحكمة، بينما في القفص يقف الدكتور محمد بديع، المرشد الحالى لجماعة الإخوان، وبعض الإخوان المتهمين في قضية النقابات المهنية الشهيرة.
ولأن الدنيا صغيرة، فطنت الجماعة لقدرات الجندى الدعوية والخطابية فرأى الإخوان أن يستفيدوا من هذه القدرات، فقامت بتسفيره إلى أمريكا بعد عام 2001، وكان لا بد من حصوله على شهادة «توثيق» من الإخوان للسفر وكان مسئول التوثيق في هذه الفترة هو «محمد عبده على» القريب من «عبد الله الأغا» نسيب العادلى، وبتزكية من «محمد مهدى عاكف» المشرف على ملف التنظيم الدولى وقتها، وبالفعل حصل الجندى على خطاب التوثيق، وسافر إلى أمريكا ليصبح مشرفا على مركزين إسلاميين تابعين للإخوان هناك أحدهما في نيوجرسي، والآخر في نيويورك.

حمزة.. مسمار جحا
وهناك على الأراضى الأمريكية نشأت قصة حب بين الجندى وفتاة أمريكية، تزوجها وأنجب منها «حمزة» ليصبح هذا الصغير هو مسمار جحا الذي مكن المحامى الإخوانى من التردد على أمريكا من وقت لآخر.
إلى مصر عاد «الجندي» وافتتح مكتب محاماة في عمارات العبور بمدينة نصر بالمشاركة مع المحامى عصام البطاوى الذي كان مقربا من حبيب العادلى وأسرته وهو أيضا، أي البطاوي، كان واحدا من المحامين الذين ترافعوا في الكثير من القضايا التي اتهم فيها إخوانيون، قبل أن يترافع عن حبيب العادلى نفسه في قضايا قتل المتظاهرين والتربح وغسيل الأموال!

أمن الدولة
في أواخر عام 2009، رفع حسن عبد الرحمن، رئيس جهاز مباحث أمن الدولة، وقتئذ، تقريرا إلى العادلى يزكى فيه قيادة إخوانية كانت مرشحة للترقى داخل الجماعة، مؤكدا أن هذا القيادى هو أفضل الشخصيات التي تصلح لتتبوأ مكانة كبرى بالجماعة، بعدما أبدى هذا القيادى استعداده للمساهمة في تمرير ملف التوريث والتحدث عن مبارك كوالد لكل المصريين، وما إلى ذلك.
وكان عبد الرحمن قد التقى بالقيادة الإخوانية عبر وساطة الجندى والبطاوى وشخصية إسلامية كبيرة للحصول على مباركة الجهاز لترقيته داخل الجماعة، ومحاولة فتح صفحة جديدة بين الجماعة، والجهاز الأمني، واستمر اللقاء أكثر من ساعة داخل مقر جهاز مباحث أمن الدولة الذي قام أفراده بتسجيل اللقاء بالصوت والصورة وفقا لما هو متبع في مثل هذه اللقاءات.

العادلى وحماس والجماعة
أمام شاشات التليفزيون جلست مجموعة من أبرز أعضاء مكتب الإرشاد تتابع في قلق وقائع الجلسة الأولى لمحاكمة حبيب العادلى ومبارك، وبدأ العرق يتصبب من وجوه البعض منهم بغزارة، وهم يتابعون الجندى الذي حضر الجلسة بصفته مدافعا عن وزير الداخلية الأسبق.
قال أحدهم: أخشى أن يكشف أحدهم شخصية الجندى للرأى العام، فماذا سيقول الناس وهم يرون كادرا إخوانيا يدافع عن رجل تصفه الجماعة بالسفاح، وتقول إنه عذب ونكل بالكثيرين منا؟!
لم يرد أحد، لكن جماعتهم اتفقت على إصدار تعليمات مباشرة للجندى كى ينسحب، أو على الأقل يترافع عن إسماعيل الشاعر فقط.
على الفور استجاب الجندي، قبل أن يتدخل الصهر، عبد الله الأغا، ليعود الأول إلى الدفاع عن العادلى، فراح الرجل يتغزل بالوزير الأسبق مؤكدا أنه تراجع عن الانسحاب من فريق الدفاع لتيقنه من براءة العادلى، راميا بالتهم إلى إيران وحماس وحرس الجامعة الأمريكية، بأنهم هم من قتل الثوار!
مرة أخرى يتدخل الإخوان فيعود الجندى في جلسة تالية كطفل متخبط أمام والدته لا يعى ما يقول، مبديا أسفه لاتهام حركة حماس، متغزلا في الحركة وواصفا إياها بالرشيدة التي تؤسس لحكم إسلامى نقى بفلسطين.

مشاهد سابقة وحالية
ما سبق مشاهد انفردت «فيتو» بنشرها في عددها الرابع الصادر بتاريخ 31 يناير 2012، وقتما كانت قضية العادلى ومبارك تتداول في ساحات المحاكم وهى القضية التي حصلا فيها على البراءة مؤخرا وكان لابد من ذكرها لنربط ما حدث سابقًا بما يحدث حاليا خاصة وأن المشاهد الحالية تحمل مفاجآت كثيرة للغاية..ربما تمثل صدمة للكثيرين، فبعيدا عن كون الإخوان ساهموا بشكل مباشر في تبرئة اللواء حبيب العادلى وبعض مساعديه، فإنهم حاليا يساهمون بشكل كبير في عمليات «داعش» ضد مصر.

ما الدليل؟
الدليل واضح ولا يحتمل التكذيب وهو بطل القصة «هشام إبراهيم عثمان مسمح».

ما حكاية الرجل؟
وفقا للمعلومات فالرجل أحد أبناء عائلة مسمح الشهيرة التي تعد من العائلات البارزة في قطاع غزة وخان يونس.
«هشام إبراهيم عثمان مسمح» وكنيته «أبو إبراهيم» كان سجينا في سجن «أبو سليم» في طرابلس لمدة 4 سنوات في الفترة من 2008 حتى أغسطس 2011 وخرج من السجن بعد أن حرره الثوار في معركة تحرير طرابلس!
وعائلة «مسمح» ينتمى معظم أفرادها إلى منظمة حماس الفلسطينية وبعضهم إلى السلفية الجهادية ومن بينهم «هشام» الذي بدأ في كتائب القسام ومنها انضم إلى السلفية الجهادية قبل أن ينتقل لليبيا وهناك انضم إلى «داعش» وعاد إلى غزة وخان يونس ليضم المئات إلى خلافة البغدادي.

ما علاقة الرجل بإخوان مصر؟
ترتبط عائلة «مسمح» بعلاقات مصاهرة كثيرة مع عائلة «الأغا» وأقرباء «عبد الله الأغا» القيادى الإخوانى البارز وزوج ابنة حبيب العادلي، فأبناء عمومة «هشام مسمح» تزوجوا بأبناء عمومة «عبد الله الأغا»!

ما الضير في ذلك؟
ببساطة شديدة دخلت العائلتان في شراكة من النوع الثقيل فمن بينهما رجال أعمال وقادة في حماس كانوا هم المسيطرون على الأنفاق التي تربط قطاع غزة بمدينة رفح في مصر!
ومن هذه الأنفاق يدخل السلاح ويهرب المتشددون الذين يقومون بعمليات إرهابية ضد الجيش!

مفاجأة جديدة
بعدما وصل أمر اختيار «أبو بكر البغدادي» لهشام مسمح ليقود «داعش» في مصر، اعترض مجلس شورى ولاية سيناء «أنصار بيت المقدس» سابقا على هذا الاختيار وأرسلوا للبغدادى يطلبون منه ألا يتسلم «مسمح» الإمارة في مصر نظرا لعلاقته بتنظيم الإخوان وهو الأمر الذي يهدد تطلعات الدولة الإسلامية ويهدد انتصارها في مصر لأن الرجل ربما يعمل على تنفيذ أوامر الإخوان ولا ينصاع لمجلس الشورى.
وفى رسالتهم للبغدادى تذرع «أنصار بيت المقدس» بأن أفكار “كتائب القسام” ما زالت مؤثرة على هشام مسمح، وعلاقاته مستمرة حتى الآن بعدد من قيادات حركة “حماس” وعلى رأسهم فتحى حماد المعروف بوزير داخلية حماس، كما أن عناصر تنظيم “أنصار بيت المقدس” أنفسهم لا يحبذون أن يكون قسامى سابق أميرًا عليهم.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية