رئيس التحرير
عصام كامل

القانون يعوق مساءلة القيادات الإدارية بجدية!


العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على شاغلي وظائف الإدارة العليا، أو ما يطلق عليهم القيادات الإدارية في الجهاز الإداري للدولة، حددتها المادة 80 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الحالي رقم 47 لسنة 1978 هي أربع عقوبات فقط وهي التنبيه واللوم، والإحالة إلى المعاش والفصل من الوظيفة العامة.

وأجاز القانون لجهة الإدارة، توقيع جزائي التنبيه واللوم، في حين يقتصر توقيع جزائي الإحالة إلى المعاش والفصل من الوظيفة، على المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة.. هل هذه العقوبات فعالة، هل تفي بالغرض الذي من أجله شرع التأديب، هل تحقق هذه العقوبات التأديبية الردع العام والخاص؟.. يجب الإجابة عن هذه الأسئلة بوضوح.. إذا أردنا أن نحقق إصلاحا إداريا حقيقيا يقضي على السلبيات الوظيفية، ويحقق انضباطا في كافة الجهات والهيئات الإدارية..

والإجابة دون تردد.. لا.. هذه العقوبات جاءت قاصرة عن تحقيق أي ردع، بل عن تحقيق التناسب بين كافة درجات جسامة المخالفات التأديبية والعقوبة التأديبية، مما يشوب العقوبة الموقعة بعدم المشروعية، إذ أن التناسب بين العقوبة التأديبية والمخالفة التأديبية أحد أهم شروط صحتها، فجزائا التنبيه واللوم جزاءان غير رادعين على الإطلاق، فهما ليسا أكثر من عقوبات معنوية، غير مؤثرة على المسئول الوظيفي، في حين أن الجزائين الآخرين وهما الإحالة إلى المعاش والفصل من الوظيفة لا يتم توقيعهما إلا في المخالفات الجسيمة التي لا يصلح مرتكبها للبقاء في الوظيفة العامة.

ومن ثم تتحرج المحكمة التأديبية في توقيعهما على المخالفات المتوسطة الجسامة، فلا يكون أمامها إلا توقيع أحد الجزائين المتبقيين إما التنبيه أو اللوم، التي تعد عقوبات غير مجدية، لا تغني ولا تثمن، ولا تحقق أي ردع، ويتحول بذلك العقاب التأديبي إلى عقاب صوري غير فعال، وهو أمر يشكل خللا في جدية المساءلة التأديبية.

ومن ثم نرى أنه إذا كانت هناك ضرورة حتمية لتطوير الوظيفة العامة في مصر، فإن ذلك مرهون بإجراء إصلاح تشريعي للنظام التأديبي، لاسيما تأديب القيادات الإدارية، التي إذا انصلح حالها، انصلح حال سائر مرءوسيها في كافة الجهات الإدارية، ومن ثم ندعو المشرع إلى أن يحدد جزاءات متعددة تتناسب وجسامة كافة المخالفات التي تقع من شاغلي الوظائف العليا، فلا يوجد ما يمنع قانونا من توقيع عقوبة الخصم من الراتب على شاغلي الوظائف العليا، أو التنزيل إلى وظيفة غير قيادية، أو الحرمان من التقدم لشغل أي وظيفة قيادية أعلى لمدة زمنية معينة.
الجريدة الرسمية