رئيس التحرير
عصام كامل

عساه "ربيع أسود" يكمل الانهيار


تعيش الولايات المتحدة الأمريكية مرحلة فشل وتراجع غير مسبوقة، أدرك معها المجتمع الأمريكي أن الرئيس أوباما الذي سحره ببلاغة الحديث والوعود البراقة والشعارات الزائفة، ليس أكثر من "محامي" يجيد المرافعة و"خطيب مفوه" مهنته الكلام ودغدغة المشاعر، لكنه على أرض الواقع رئيس ضعيف الشخصية، متردد لا يستطيع اتخاذ قرار، وإن اتخذه لا يقدر على تنفيذه!!


أراد الشعب الأمريكي بانتخاب أوباما كأول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة، ضرب المثل في المساواة وعدم التمييز، لكنه بات عبئا ثقيلا على العالم، وتسببت سياسته المرتبكة والمترددة في ويلات لا سيما في المنطقة العربية.

وعلى صعيد التأثير الأمريكي الخارجي تراجعت الولايات المتحدة أمام النفوذ الروسي والصيني، وزاد انهيار القدرة والمكانة مع فشل الحملة الأمريكية في مواجهة "داعش"، إذ ضلت طريقها في رمال ومدن العراق وسورية، وتحاول الإدارة الأمريكية حاليا إنقاذ ماء الوجه بالسعى إلى زيادة عدد الدول المتحالفة في حرب "داعش"، لكن الحقيقة أنها تهدف لاستنزاف نفط الخليج وتعويض خسائر وفشل مؤامرة "الربيع العربي" التي خططت لها وأنفقت من أجل تحقيقها مليارات الدولارات. لكن قبل أيام من إعلان "سيناء" إمارة إسلامية وتوطين الفلسطينيين فيها، أنهى الشعب المصري الحلم الأمريكي وأحبط خططه بثورة 30 يونيو باعتراف هيلاري كلينتون.

ثم تكرر الفشل في تونس وسوريا وحتى الآن في ليبيا، فضلا عن انبطاح أوباما أمام إيران، وهذا ما أوجزته وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس بقولها "إن إدارة أوباما أفقدت الولايات المتحدة مصداقيتها وتأثيرها على الساحة الدولية عبر خلط الأيديولوجيا بالسياسة، والتردد وعدم الحسم اللذين ميزا مواقفها، وفي ظل تراجع أمريكا في إدارة العالم أستطيع القول من واقع ما أراه أن الأمريكيين مستعدون تماما لقبول قيادة جديدة تتسم بالحزم وتستعيد مكانة الولايات المتحدة على خريطة العالم".

فقد أوباما توازنه من فشل سياسته الخارجية، وعدم قدرته على منع انهيار الدور الأمريكي دوليا، أو حتى إحراز تقدم في أي ملف يتبناه، وجاءته الضربة القاضية بسيطرة الحزب الجمهوري على مجلس الشيوخ في الانتخابات النصفية للكونجرس مع تعزيز سيطرته على مجلس النواب، وهكذا أصبح الحزب الجمهوري يقود التشريع في المجلسين، وبات أوباما "بطة عرجاء" لا يمكنه التحرك واتخاذ قرارات داخلية أو خارجية دون موافقة خصومه المسيطرين على التشريع، والذين ألحقوا بالحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس الأمريكي هزيمة تاريخية "مذلة".

لأن أوباما شخصية ضعيفة ومرتبكة وجدناه ينهار داخليا بشكل مخجل.. ومع أنه سليل الرق والعبودية، وقف مكتوف اليدين أمام مظاهر العنصرية والتمييز التي ضربت أمريكا في الفترة الأخيرة. فلم يتحرك لمواجهة التفرقة وتحقيق المساواة بين الأمريكيين، وجل ما فعله أن منع الإعلام من رصد ما يحدث من مواجهات في المدن التي تشهد شغب واحتجاج الملونين، بعد أن قتلت الشرطة أكثر من أمريكي أسود.. وزاد الأمن من العنف المفرط في فض التظاهرات التي أجهزت على بعض الممتلكات العامة وأتلفت البعض الآخر بالحرق أو التحطيم. ونظرا لعجز أوباما عن ردع ومحاكمة القتلة "البيض" المنتمين إلى الشرطة..

اضطر إلى مخاطبة الأمريكيين السود عبر قناة "بلاك انترتينمنت" الموجهة بشكل خاص إلى المواطنين من أصول أفريقية ودعا في إطلالته "الشباب المتظاهر إلى السلمية والمثابرة في معركته ضد التفرقة لأن العنصرية متجذرة في الولايات المتحدة، ولا يمكن استئصالها إلا تدريجيا".. ثم حاول أوباما مواجهة خصومه الجمهوريين بنشر تقرير حول وسائل التعذيب التي استخدمتها المخابرات الأمريكية في عهد بوش بعد تفجيرات 11 سبتمبر، منددا بها واعتبرها مخالفة لقيم الولايات المتحدة!!

أوباما يفتش في دفاتر الماضي لعجزه عن مواجهة الحاضر، ومع تمدد مظاهرات السود ندعو الله أن تتحول إلى "ربيع أسود" يعم الولايات المتحدة الأمريكية كلها وتؤدي ناره إلى الانهيار التام لإدارة أوباما ونرتاح ومعنا الشرفاء من مؤامرات خبيثة تحمل فكر وبصمة أمريكا.
الجريدة الرسمية