رئيس التحرير
عصام كامل

أمينة شفيق: أيدت قرار تأميم الصحف في الستينيات لهذه الأسباب

فيتو

  • تسللت إلى بورسعيد في زي صيادي الأسماك

أمينة شفيق حاصلة على بكالوريوس صحافة من الجامعة الأمريكية ( 1957) بدأت العمل بالصحافة وهى طالبة بمجلة « الجيل الجديد» و» أخبار اليوم» (1954-1957) ثم عملت محررة بقسم الأخبار بجريدة « المساء» ( 1957-1960) ثم محررة بالأهرام اشتهرت بتحقيقاتها الصحفية أثناء العدوان الثلاثى عندما تسللت إلى بورسعيد في زى صيادى الأسماك، تميزت بنشاطها الاجتماعى والنقابى وانتخبت عضوًا بمجلس نقابة الصحفيين أكثر من مرة وبإجماع ساحق.. تم اختيارها عضوًا بأول مجلس قومى للمرأة (2000) «فيتو» التقتها واستعرضت معها جانبًا من حياتها..


> من أمينة شفيق ؟
أنا مواليد 1935 أتممت الـ79 عاما، أنتمى لأسرة من الطبقة المتوسطة المصرية وأبى كان موظفًا حكوميًا فيما تعرف الآن بوزارة الاستثمار، وأمى كانت ربة منزل وتحمل شهادة الكفاءة ولم تكمل تعليمها، وكان لى شقيقتان وشقيق توفى وهو طفل، وكنا نسكن في فيلا بالإيجار بمصر الجديدة وكان إيجارها الشهرى جنيهين، وأبى لم يكن دخله كبيرا، وكان معظم جيراننا من الموظفين البسطاء، كما التحقت أنا وأخواتى بإحدى المدارس الفرنسية.

> نريد أن نعرف الشخصيات الأكثر تأثيرا في حياتك؟
جدى وجدتى حيث كان لهما الأثر الأكبر في تكوين شخصيتى والدافع الرئيسى وراء نجاحى في دراستى الجامعية، فبالرغم من عدم حصولهما على فرصة في التعليم إلا أنهما كانا سببا رئيسيا في ثقافتى وتكوينى العقلي، حيث كان الزواج المبكر «عقدة» جدتي، لذا كانت حريصة على ألا أمر بالتجربة ذاتها، وكانت تحكى لنا كم كانت تلك القصة مأساوية في حياتها، وكيف كان جدى عندما يعود من عمله يجدها تلعب في الحارة مع أقرانها من الأطفال.

> هل كان لهما دور في اختيارك لمجال دراستك؟
إطلاقا.. لم يهتما بمجال الدراسة بقدر اهتمامهما بقيمة التعليم في حد ذاته، لذلك كان لنا كامل الحرية في اختياراتنا بشكل عام خاصة في الدراسة، فالقاعدة بالنسبة لهما التعليم أولا ثم الزواج ثانيا، لذلك أتممت أنا وأخواتى تعليمنا الجامعى وتزوجنا فور تخرجنا في الجامعة، فالتعليم والشهادة كانا سلاحا بيد الفتاة في تلك الفترة من الزمان.

> كيف بدأت رحلتك في الصحافة ؟
التحقت بالجامعة الأمريكية ولم يرفض جدى هذا القرار وبدأت وأنا في الفرقة الأولى بالجامعة بالتدريب في مؤسسة أخبار اليوم فاكتسبت بسرعة الخبرة ولم أجد أي مشكلة في التوظيف بعد التخرج مباشرة والتحقت بالعمل بعد تخرجى واشتغلت ومارست نشاطى وكنت أعمل بالقطعة وفى نفس الوقت كنت أكمل دراستى ولم يعطلنى عملى عن دراستى أو العكس وتخرجت في الجامعة بنجاح.

> كيف تصفين أبناء جيلك ؟
أنا أنتمى إلى جيل تخرج في الخمسينات وكانت هناك نساء عاملات وجيلنا بدأ يشعر أن المرأة المصرية شريكة للرجل وتستطيع أن تكون زوجة وأما وعاملة وبدأت المرأة المصرية تحس بالراحة والأمان وأنها مع بذل مزيد من الجهد تصل الأمور إلى النجاح.

كانت هذه الفترة أحد النماذج المهمة في حياتى فنحن تعلمنا أن الأسرة ليست شيئا جاهزا للاستعمال ولكنها تحتاج إلى بناء ولأننا بنيناها سويا كانت غالية علينا.

وكان الحفاظ على بيت الزوجية مبدأ مهما جدا، وفى نفس الوقت الإبقاء على العمل والحفاظ على النجاح في اثنين وكنا نعمل وننتج، وكان من الممكن أن نتزوج دون مهر ودون عفش فكنا شركاء ونكون حياتنا سويا وكنا نبدأ من حيث نستطيع أما أنتم فتبدءون من حيث ما انتهينا نحن، مفهومكم عن الحياة الزوجية والبيت مختلف عن مفهوم أبناء جيلنا عنه فنحن بنينا بيوتنا خطوة خطوة.

> هل لهذه الأسباب نحن أفشل في الحياة الاجتماعية والزوجية ؟
لا، إنه منطق عصر وفترة معينة ولا يمكن أن أحكم عليكم بالفشل، ومجالات العمل الآن كانت غير متاحة عن وقتنا والقطاع الخاص يظلم المرأة وتلك علاقات رأسمالية في المجتمع وسبب الاضطراب الأسرى في مصر.

والتغيير في نمط العمل يؤثر فى الأسرة ودائما التغيرات الاجتماعية الحادة تغير من ظروف الأسرة التي بها المواءمة الأسرية تصبح صعبة إلا إذا كانت ظروفا متغيرة مثلا أن يكون الزوج والزوجة موظفى حكومة.

بالنسبة لنا حياتنا كانت أسهل فالمواصلات كانت أسهل والعلاوات كانت منتظمة وهو ما كان السبب فيه قانون تنظيم عمل الصحافة وأصبح هناك استقرار في سوق العمل الصحفية وفكرة العلاوة السنوية لم تكن لها وجود ونحن من وضع اللائحة وطبقناها عام 1975 م على القطاع العام لكن لو كان هناك قطاع خاص وقتها لأصبح صعبا جدا تحقيقها.

> من الشخصيات النسائية الشهيرة التي تأثرت بها ؟
مثلا هناك نماذج من المشهورات مثل الدكتورة سهير القلماوى، كريمة السعيد، تماضر توفيق، صفية المهندس، وأمينة السعيد والتي أصبحت بالمناسبة صديقتى فيما بعد اشتغالى بالصحافة، وكن بالنسبة لنا التجسيد الحى لمعنى المرأة العاملة.

> كيف بدأ عملك السياسي ؟
شاءت الأقدار أن تحدث حادثتان غيرتا مجرى حياتى: الحادثة الأولى 1956 كنت أعمل بجريدة الجيل واقترحت على موسى صبرى رئيس التحرير أن أذهب لبورسعيد لإعداد تحقيق عن المقاومة الشعبية فرفض أن أسافر بمفردى وقرر أن يرافقنى زميل رجل وكان الاختيار لأحمد بهجت وسافرنا سويا وقمنا بما نحن مكلفان به من عمل.

وبعد إنهاء مهمتنا الصحفية عاد أحمد بهجت للقاهرة وبقيت أنا والتحقت بالعمل مع المقاومة وكنت مشتركة معهم في العمل الدعائى فكنت أشترك بكتابة المنشورات وطباعتها وتوزيعها وكانت تلك أول المحطات المهمة في حياتى وكانت السبب في دخولى معترك العمل السياسي وكانت كتاباتي قبل ذلك عبارة عن موضوعات اجتماعية خفيفة.

ثم تخرجت عام 57 والتحقت بجريدة المساء وكانت الحادثة الثانية هي التحاقى بجريدة الأهرام في مارس 1960، ثم صدر في 5 مايو 1960 قرار تنظيم الصحافة فأصبحت الصحف ملكا للاتحاد القومى وقتها أي تم تأميمها ولم تعد ملكية خاصة للأفراد سواء أيدت أو رفضت كان هذا هو الوضع وأنا كنت من المؤيدين لتلك الفكرة.

> لماذا أيدت قرار تأميم الصحف رغم معارضة الكثيرين وقتها؟
لأنى كنت أشعر بأنها ستحقق لى أنا شخصيا الاستقرار، فاستقرار الصحفى يأتى من استقرار أسرته وأن تعمل بمؤسسة ضامنة لمصدر رزقك وهذا مستمر حتى اليوم ولا داعى للمبالغة في إطلاق كلمة حرية الصحفى.

فسوق العمل الصحفية قبل 5 مايو 1960 كانت سوقا مذبذبة جدا فكان هناك فصل كثير وتنقلات الصحفيين من جريدة لأخرى كثيرا والرواتب سيئة جدا لكن بعد التأميم أصبح هناك توجه لاستقرار سوق العمل في الصحافة فأصبح الصحفى يعمل طوال حياته المهنية في جريدة واحدة.

قبل ذلك كانت الصحافة مهنة لا مهنة له وكانت لا تقبل شهادة الصحفى في المحكمة «لأن كان ينظر له على أنه رجل نميمة» وهو ما تغير بعد 5 مايو وجعلنا قادرين أكثر على أن نقف على أرجلنا وكان وقتها لا يوجد سوى الأهرام والأخبار والجمهورية وروزاليوسف ودار الهلال ودار المعارف ودار التعاون وكان بها عدد كبير من الصحفيين وهذا خلق استقرارا إلى حد ما في حياة الصحفى بالرغم من بعض حالات الفصل أو النقل التعسفى في حق البعض وإن كان على استحياء وليس كما كان قبل ذلك فقد تم نقل عبد الرحمن الشرقاوى مثلا ولم يكن هذا مقبولا فلم يستمر كثيرا هذا القرار.
الجريدة الرسمية