إزي الصحة؟
مصر فيها عشرات المشاكل التي تستحق تسليط الضوء عليها، ولكن الإرهاب أخذ منا وقتا وجهدا ولم يترك لنا المجال للحديث عن المشاكل التي يعيشها الشعب، ومنها مشاكل صحة هذا الشعب الذي مرت على أجساده أمراض الدنيا رغم أن في مصرنا هيئة عامة معنية بالحفاظ على صحة الشعب المصري وهى الهيئة العامة للتأمين الصحي.
وكان المأمول أن تقوم هذه الهيئة بدورها كمظلة تأمينية تغطى معظم أفراد الشعب ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، ذلك أن تلك "الهيئة الموقرة" أصيبت بمرض شلل الأطفال وفقر الدم وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من الإصابة بمرض قاتل هو السكتة الدماغية – وهو التطور الطبيعى "لوجع الدماغ" – وأصبحت هذه الهيئة تبحث عن "هيئة صحية أخرى" يكون دورها إخراج الأمراض من جسدها البائس الفقير.
وأنا قطعًا لا أتحدث فقط عن الإهمال الذي ضرب أطنابه في جنبات الهيئة، ولا العذاب الذي يعانيه المرضى داخل مستشفيات الهيئة الموقرة، حتى أننى أظن أن اللافتة الرئيسية المرفوعة على باب هيئة التأمين الصحى مكتوب فيها "الداخل مفقود والخارج مولود"! ولكننى أحاول قدر الإمكان تشخيص أمراض الهيئة حتى تسعى لعلاجها لا إلى تأميمها وتأجيرها مفروشة لكبار المستثمرين.
ومنذ أيام شاء قدري أو سوء تقديرى أن أذهب بقدمي إلى أحد المستشفيات التابعة لهذه الهيئة في رحلة عذاب مضنية، فإذا بي أصطدم بالحالة البائسة لمجموعة من الأطباء، ولم تكن حالتهم بائسة من الناحية العلمية لا سمح الله إذ أنهم "بسم الله ما شاء الله" من الذين يشار إليهم بالبنان ونرفع من أجلهم الإبهام، فكل واحد منهم كما يقول العرب القدماء "نطاسى حاذق" أو "حكيم بارع" ولكن حالتهم البائسة راجعة كما عرفت لمرتباتهم المتدنية والتي تتفوق عليها مرتبات "كناسي البلدية"! فبات طبيب التأمين بلا تأمين، وأصبح راتبه الذي يقبضه اليوم باليسار ينفقه في يومه باليمين، وانشغل عن مرضاه برزق العيال وطلبات أم العيال، ثم حدث ولا حرج عن المعدات الطبية وغرف العمليات التي تعيش في كنف الإهمال لدرجة أنها أصبحت أكبر أداة للعدوى ونقل الأمراض في مصر!
ورغم تعهد كل وزراء الصحة بتطوير هيئة التأمين الصحي إلا أن كل واحد منهم كان يمارس علينا فريضة الكلام، وفضيلة التصريحات، فلا حال أطباء التأمين لقي عناية من أحد ولا تحديث المستشفيات وجد اهتماما من وزير... وليذهب المرضى إلى الجحيم.