الرجل الخفى
إذا كان لى أن أختار رفيقاً فى السفر بين مؤتمر وآخر فهناك كثيرون، وبين أقربهم إلى عقلى وفكرى الأخ عمرو موسى، فآراؤنا متقاربة، ثم إنه يعطينى معلومات مفيدة عن أوضاع مصر والبلدان العربية الأخرى بحكم علاقاته واتصالاته.
وكنا معاً هذا الأسبوع فى مؤتمر منتدى الاتصال الحكومى فى الشارقة، كما كنا قبل أيام فى الكويت للمشاركة فى مؤتمر لمجلس العلاقات العربية والدولية الذى يرأسه الأخ محمد الصقر، وقد رأيته بعد ذلك فى بيروت.
فى المقابل، لا أحب السفر مع زاهى وهبى وجورج قرداحى، مع أنهما زميلان وصديقان، والأسباب لا تخفى على اللبيب.
أجلس بين زاهى وجورج فى مؤتمر كما فعلت فى الشارقة، وأصبح «الرجل الخفى»، فالحِسان يتقاطرن عليهما ويحدثان هذا أو ذاك وأنا بينهما ولا يريننى، وكنت حاولت فى السابق أن أزعم للحسان أن من الأفضل لهن أن يركزن عليّ، فأنا شاب وسيم عازب ثرى، أما هما فقد تزوجا وطلقا عشرات المرات، ولم تصدقنى أى حسناء أقول «اللى مالو حظ لا يتعب ولا يشقى».
سامحت زاهى وهبى، بعد أن قرأ لنا فى عشاء خلال مؤتمر الشارقة قصائد له ومقطوعات شعرية، وكانت مكادى النحاس تغنى للحاضرين بين قصيدة وأخرى وهى جميلة الصوت جداً وسمعتها تغنى: يا ظلام السجن خيم / نحن لا نخشى الظلاما / ليس بعد الليل إلا فجر مجد يتسامى، كنت أعرف هذه القصيدة بكلمات أخرى هى: يا ظلام السجن خيم / إننا نهوى الظلاما، وفكرت أن أسألها عن الموضوع فى النهاية إلا أنها عندما أعادت غناء المقطع اختارت النص الذى حفظته صغيراً، مكادى ابنة سالم النحاس وهو زعيم يسارى بارز فى الأردن وكان بين قصائد زاهى واحدة مؤثرة عن القدس.
لم أسامح جورج قرداحى على رغم مشاركته الطيبة فى المؤتمر، وأنتظر أن أراه يعمل مراسلاً حربياً فى مالى عقاباً وفاقاً.
فى المقابل لا خلاف لى البتة على شىء مع الزميل والصديق تركى الدخيل، وقد سررت برؤيته لأننى لم أره منذ سنوات فهو مشغول بتقديم برنامجه المشهور «إضاءات»، فى تلفزيون «العربية» وكنت قرأت له كتابه الظريف «مذكرات سمين سابق» وسرّنى أنه لا يزال على وزنه المنخفض، فبعض الناس يعود إلى السمنة ليكسب صفة سمين سابق ولاحق، كذلك سعدت أن أرى الزميلة زينة اليازجى، مقدمة برنامج «الشارع العربى» فى تليفزيون دبى، وهى أدارت الجلسة التى شاركت فيها وكانت ذكية بقدر ما هى حسناء.
المؤتمر أحيط بضيافة كريمة من الحاكم الشيخ الدكتور سلطان القاسمى، وولى عهده الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمى، وعمل الشيخ سلطان بن أحمد القاسمى رئيس مركز الشارقة الإعلامى، ومعه الأخ أسامه سمرة مدير المركز، على مدار الساعة لإنجاح المؤتمر وتلبية حاجات المشاركين.
المؤتمرات توفر فرصة ليرى المشارك سياسيين ومثقفين وأصدقاء تحت قبة واحدة، وكان بين هؤلاء عدد كبير من الصحفيين المصريين البارزين ومن الكويت وبلدان المغرب العربى، ورأيت الصديق الشيخ سلطان القاسمى فى عجمان، وهو زار فندق الإقامة مودعاً فى اليوم التالى.
ليس القصد هنا أن أنافس زاوية «حول المدينة»، فى هذه الصفحة وإنما أن أشجع كل قادر على المشاركة فى المؤتمرات التى توافق اهتمامه واختصاصه، والصحفى العامل مثلى لا يستطيع ولا يجوز له أن يثقل على القراء برأيه كل يوم (كم من الآراء عنده؟). وإنما واجبه أن يقابل السياسى أو المثقف أو الخبير وأن ينقل رأيه إلى القارئ.
ختاماً، أقول إن الحاكم الشيخ سلطان نجح فى أن يجعل الشارقة واحة ثقافة، بعد أن كانت خلال زيارتى الأولى لها قبل عقود سبخة ملح صحراوية، ولعل طموحه أن يجعل الشارقة عاصمة دائمة للثقافة العربية فقد كانت هذه العاصمة سنة 1998 بعد مصر وتونس.
أعتقد أن فى الإمارات العربية المتحدة اليوم جيلاً من الصبايا والشباب، قادرا على النهوض بالمهمة على رغم القلق السياسى الذى يحيط بالمنطقة كلها، فأرجو أن أرى تحقيق الآمال المعقودة على هذا الجيل.
نقلاً عن الحياة