التعليم هو الحل!
دخل التلاميذ فصولهم يساقون في طوابير متتابعة على إيقاع ونغمات المارشات والطبول الصارمة، ثم قيام.. تعظيم سلام.. إرسال.. جلوس، ثم تبدأ منظومة التلقي والحفظ وحشو الأدمغة، وفى جو الرعب في الامتحانات لا يسود العقل والمنطق بل المطلوب إفراغ تلك المعلومات المعلبة التي تم حشوها من قبل، والتصرف ممنوع فهناك نماذج وحيدة للإجابة لا يجب أن يحيد أحد عنها.
إنها منظومة كارثية أنتجت ما نراه في شوارعنا الآن من هؤلاء الشباب المغيبين الذين ينفذون أوامر الذين يستخدمونهم، فهم مسلوبو الإرادة كما تعودوا في مدارسهم من قبل، وهم ضحايا منهج السمع والطاعة والتلقين والاستخفاف بالعقول الذي ألغى صفتهم الإنسانية وعقولهم واختياراتهم كما تشكلوا وتعودوا من قبل، فأصبح بعضهم عبيدًا للتنظيم الإخواني كما كانوا من قبل عبيدًا في المنظومة المدرسية الصارمة، وطوال القرن العشرين كرس الخطاب المجتمعي الدور الأبوي وذاتية المرشد المقدس في شخص المعلم، فهاهو أحمد شوقي يرى المعلم رسولًا إلهيًا، فيقول قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا!
إن منظومة التعليم الفاسدة هي التي ساهمت وسهلت انضمام هؤلاء الآلاف المغيبين من شباب مصر إلى تلك الجماعات المخربة، فلم يجد المرشد الذي أخذ دور المعلم وإخوانه أي صعوبة في البحث عن زبائنهم الجاهزين فهم كثر، ووجد أمير الجماعة التكفيرية شبابًا مستسلمين للتلقين والانقياد، فالمناخ الفكري الانهزامي والإرادة المسلوبة التي تأسست مفاهيمها في المدرسة داخل نفوس الشباب موائمان لهم ولأمثالهم من تجار الدين المحترفين، فسهل عليهم التجنيد وأخذ البيعة وممارسة الاستعباد والاستخفاف بالعقول، ومنهج السمع والطاعة مستمد من تلك الصورة التي تتعامل مع رموز فوق البشر لا تصح مناقشتهم ولا معارضتهم كما تكرس مع نموذج المعلم من قبل.
لن ينصلح حال بلدنا دون إصلاح منظومة التعليم، وإيقاف ذلك التدمير المنهجي المقيت لبناء الشخصية داخل نفوس الناشئة الجدد في المدرسة، لنستطيع معًا مواجهة هذا الفيروس الخبيث الذي تغلغل داخل بيوتنا وأوطاننا.