رئيس التحرير
عصام كامل

إعلام السبكي


تقوم الدنيا رأسا على عقب مع عرض كل فيلم جديد يحمل توقيع السبكى ويتبارى المثقفون في تكرار سيئات العمل الفنى وترصد النخبة في قائمة طويلة الاتهامات الموجهة إلى المنتج أقلها إفساد الذوق العام "على اعتبار أن الذوق العام كان موجودا أصلا " وتقديم أعمال من شأنها إثارة الشباب وتعرية المجتمع في ميدان عام و"اللعب" في جينات الشخصية المصرية "يعنى الكتالوج " ويصل بعض النقاد لقمة الدراما عندما يطرحون سؤالا:

وما علاقة الجزار الذي يخالط "البهائم"أكثر من مخالطته للفنانين بصناعة السينما ؟

ورغم قسوة الاتهامات التي لا يفهمها السبكى طبعا يسير الفيلم في طريقه ويحقق الإيرادات المطلوبة ويرد المنتج على الجميع بصوت عال على الجميع بحركة من فمه يجيدها إلى حد الإتقان ومن كثرة الاتهامات الموجهة إلى السبكى أصبح ماركة مسجلة يعرفها الجميع وإذا كان البعض ينظر إلى السبكى أنه ارتكب جريمة فهو يقدمها مرة واحدة في العام وليس طوال أيام العام كما تفعل برامج "التوك شوز" التي تقدم يوميا عشرات الأفلام الهابطة ماركة السبكى ولم تفعل، كما فعل "الجزار" من تعرية المجتمع في ميدان عام بل قامت "بشلح" المجتمع في كل الميادين وعلى الهواء وإذا كان السبكى لعب في "جينات" الشخصية المصرية فقد لعبت برامج التوك شوز في قضايا الأمن القومى وسلمت البلد تسليم أهالي"، كما فعل وائل الإبراشى مع محمود شعبان "لأصحاب المليارات وعواصم الدول العربية وكل من يدفع أكثر.

وإذا كان السبكى يعترف صراحة أنه يقدم أفلاما لشريحة معينة من الجمهور ويرد على منتقديه "من يعتبرنى أقدم جريمة لا يقبل على مشاهدتها"، فإن "إعلام التوك شوز" فهو يخدع الجميع باسم الوطنية وإنقاذ البلاد من التتار والمغول وأن الله سخره لكشف المخططات التي تحاك ضد هذا الشعب المسكين وأن القدر أرسله لهذا الوطن الذي لم يجد من يحنو عليه ليس هذا فقط وأنه على الأجهزة المعنية بداية من رئيس الدولة حتى أصغر رئيس حى في البلاد أن ينفذ تعليماته وأن ينصت جيدا لما يقول وأن ما يقوله أسرارا لم تصل إليها جميع أجهزة الدولة وأنه بعد إذاعة هذه المعلومات المهمة يكون مرتاح الضمير مستقر الوجدان وأنه أدى رسالته في إنقاذ هذا الشعب المسكين. 

وإذا كانت النخبة ترى في السبكى نموذجا على تراجع الدولة والمجتمع وأننا أصبحنا "سبكيين" في السياسة والفن والرياضة والثقافة والتعليم والصحة وفى كل شىء فماذا تقول عن برامج التوك شوز التي تلعب على جثة الوطن وتشعل الميادين بالغضب، فقد كشف الحكم ببراءة مبارك أننا لا يوجد لدينا إعلام وأن هذا الاختراع لم يصل إلينا وأن الحياد والموضوعية لغة شاذة لا نفهمها حيث تحولت البرامج لساحة من المعارك بين مقدمى البرامج فالبعض يرى أن براءة مبارك دليل واضح على مؤامرة 25 يناير وأنه لابد من إعادة الاعتبار لهذا الرجل والاعتذار له.

على الجانب الآخر نصبت مندبة حرضت على العنف ونزول المواطنين إلى الشارع وأخذ الحق بالقوة وكان نتيجة هذا أحداث عبد المنعم رياض التي أصيب فيها العشرات وقتل شخصان وأرى أن الإعلام هو الذي يتحمل دماءهما وبعد هذه المهزلة اليومية على شاشات الفضائيات لابد من تشريعات صارمة لضبط الأداء الإعلامي وألا يترك للأهواء الشخصية ووصلات للردح بين المذيعين من عينة "وحياة أمك لعلمك الأدب" وألا تقل قوانينه أهمية وقدسية واحتراما عن قوانين القوات المسلحة، فما يحدث لعبا في قضايا الأمن القومى.
الجريدة الرسمية