الثوري والبلطجي!
نستكمل رحلة الأمس ونقول:
جاء هيكل مسرعا ويبدو أن الأمر خطير.. قال له عبد الناصر إن بالأمر مشكلة ولا يجد لها حل.. أعطاه خطابا فهم منه هيكل أنها رسالة من الملك سعود عاهل السعودية.. كانت العلاقات لا زالت جيدة ولم تبدأ الأزمة في اليمن ولم تتدخل السعودية لإفشال وحدتنا مع سوريا بعد.
وراح هيكل يقرأ الخطاب.. كانت طلبا من الملك.. يريد من عبد الناصر أن يتدخل لدى المحكمة الشرعية لتقضي بتطليق ملكة مصر السابقة ناريمان من زوجها الثاني الدكتور أدهم النقيب.
كانت الخلافات بينهما وصلت إلى نقطة اللاعودة.. ووصلت إلى المحاكم.. وطالت في المحاكم من تأجيل وراء تأجيل ولجأت الملكة إلى الملك.. ووعدها بالمساعدة.. وأرسل إلى عبد الناصر.. وعبد الناصر استدعى هيكل.. وهيكل قرأ الخطاب وفرغ منه.. وأومأ بالدهشة.. وقطع ناصر الدهشة وقال: الرجل - يقصد الملك - لم يبخل بمساعدتنا بكل الطرق.. ولا أعرف كيف أفهمه أنني لا أستطيع أن أتدخل في شئون القضاء.. حتى لو كان في مسألة شخصية.. ولا أعرف ماذا أقول له ولا كيف أرد عليه؟!
كان خلع الملك من ثورة كبيرة وثوار كبار قد جرى كما يقول الكتاب وبكل الطرق القانونية.. كتب وثيقة التنازل عبد الرازق السنهوري، وراجعها علي ماهر وحملها إليه سليمان حافظ، وحاول الملك إضافة كلمة "إرادتنا" قبل جملة "ونزولا على إرادة الشعب"!، وأفهموه أن الأمر الملكي تكون هكذا صياغته ووافق.. وجاء ابنه وريثا للعرش ورشاد مهنا وصيا على العرش حتى إعلان الجمهورية!
لماذا نقول ذلك؟ لماذا نعيده والأغلبية الكاسحة تعرفه؟ لا نقوله ثرثرة ولا ملئا لفراغ.. إنما نعيده لنؤكد أن هناك فرقا كبيرا بين الثوري والبلطجي.. بين الثائر والفوضوي.. وأنك حتى وأنت ثائر عظيم فعليك أن تختم إجراءاتك بأختام نظيفة.. وإن حتى عبد الناصر وهو عند العرب والمصريين نموذجا للثائر العظيم وهو من أمم القناة بقرار جرئ وبصيحة شهيرة وهو من وزع أموال الأغنياء على الفقراء بجرة قلم بسيطة.. وأطاح بالملك وأنهى الملكية.. حتى وهو يفعل كل ذلك.. كل ذلك.. كان يفعله بنصوص قانونية يحتكم فيها إلى ما تيسر من قوانين ومن كبار القانونيين مع ما توفر من شرعية ثورية تحمي إرادتها، وهو بين كل ذلك لا يمكن - ونتحدى - أن تضبطه متدخلا في حكم قضائي واحد.. واحد فقط!
كانت الخلافات بينهما وصلت إلى نقطة اللاعودة.. ووصلت إلى المحاكم.. وطالت في المحاكم من تأجيل وراء تأجيل ولجأت الملكة إلى الملك.. ووعدها بالمساعدة.. وأرسل إلى عبد الناصر.. وعبد الناصر استدعى هيكل.. وهيكل قرأ الخطاب وفرغ منه.. وأومأ بالدهشة.. وقطع ناصر الدهشة وقال: الرجل - يقصد الملك - لم يبخل بمساعدتنا بكل الطرق.. ولا أعرف كيف أفهمه أنني لا أستطيع أن أتدخل في شئون القضاء.. حتى لو كان في مسألة شخصية.. ولا أعرف ماذا أقول له ولا كيف أرد عليه؟!
كان خلع الملك من ثورة كبيرة وثوار كبار قد جرى كما يقول الكتاب وبكل الطرق القانونية.. كتب وثيقة التنازل عبد الرازق السنهوري، وراجعها علي ماهر وحملها إليه سليمان حافظ، وحاول الملك إضافة كلمة "إرادتنا" قبل جملة "ونزولا على إرادة الشعب"!، وأفهموه أن الأمر الملكي تكون هكذا صياغته ووافق.. وجاء ابنه وريثا للعرش ورشاد مهنا وصيا على العرش حتى إعلان الجمهورية!
لماذا نقول ذلك؟ لماذا نعيده والأغلبية الكاسحة تعرفه؟ لا نقوله ثرثرة ولا ملئا لفراغ.. إنما نعيده لنؤكد أن هناك فرقا كبيرا بين الثوري والبلطجي.. بين الثائر والفوضوي.. وأنك حتى وأنت ثائر عظيم فعليك أن تختم إجراءاتك بأختام نظيفة.. وإن حتى عبد الناصر وهو عند العرب والمصريين نموذجا للثائر العظيم وهو من أمم القناة بقرار جرئ وبصيحة شهيرة وهو من وزع أموال الأغنياء على الفقراء بجرة قلم بسيطة.. وأطاح بالملك وأنهى الملكية.. حتى وهو يفعل كل ذلك.. كل ذلك.. كان يفعله بنصوص قانونية يحتكم فيها إلى ما تيسر من قوانين ومن كبار القانونيين مع ما توفر من شرعية ثورية تحمي إرادتها، وهو بين كل ذلك لا يمكن - ونتحدى - أن تضبطه متدخلا في حكم قضائي واحد.. واحد فقط!
إنه الفرق يا عزيزي - وهو كبير - بين الثائر والبلطجي!